لم تستمتع الأمهات العاملات في الهيئات التدريسية في المدارس والجامعات العراقية بعطلتهن هذا العام، بعدما قررت وزارة التعليم العالي تغيير عطلتها الربيعية في شكل تسبب في اختلاف مواعيد العطل بين الأمهات العاملات في مجال التدريس وأطفالهن. فوزارة التربية التي دأبت على منح طلابها العطلة مع نهاية كانون الثاني (يناير) من كل عام، حافظت على جدول عطلتها السنوي، فيما قررت وزارة التعليم العالي تقديم العطلة لهذا العام لطلاب المعاهد والجامعات لمنحهم الفرصة للقيام بمراسم الزيارة الأربعينية كما بررت الوزارة هذا الإجراء. الهيئات التعليمية في الجامعات بدت الأكثر خسارة في هذه المعادلة، فالعطلة بدأت قبل الامتحانات في عدد كبير من الكليات التي قرّرت تأجيل امتحانات طلابها إلى ما بعد العطلة، فيما أجرت بعض الجامعات الامتحانات في شكل سريع، ما يعني أن الأساتذة سيكرسون أوقاتهم ما بعد العطلة لمراقبة الامتحانات داخل القاعات والتصحيح. من جانب آخر لم يحظَ المدرسون في الجامعات بعطلة عائلية بعدما جاءت عطلتهم مبكرة هذا العام بعيداً من نظام العائلة التي اعتادت الاجتماع في العطلة والقيام بنشاطات جماعية. المدرّسات من الأمهات كن الأكثر تضرراً في هذا الجانب، فالأيام التي قضينها في المنزل لم يستمتعن فيها برفقة الأولاد الذين استمروا في الذهاب إلى مدارسهم وسيبدأون عطلتهم بعد انتهاء الامتحانات وبالتالي سيقضون عطلتهم في المنزل، فيما تكون الأمهات عدن للتدريس في الجامعات. الاستاذة في كلية التربية في جامعة بغداد، ايسر عادل محمد، أم لطفلين تقول: «سينهيان امتحاناتهما بعد أيام، تحديداً مع تاريخ عودتي إلى العمل بعد انتهاء عطلتي». وتضيف: « لم استمتع هذا العام برفقة أطفالي مثلما كنت أفعل في كل عام، وعلى رغم أن وزارة التعليم قدمت عطلتنا في العام الماضي أياماً عدة لكنها لم تكن بالتفاوت الكبير الذي حدثت فيه هذا العام». أيسر كانت تخطط لقضاء العطلة في منزل والدتها التي تعيش وحيدة منذ شهور بعد سفر أولادها الثلاثة، لكن تضارب عطلتها مع عطلة الأولاد لم يسمح لها بتنفيذ ما خططت له. أما الأمهات العاملات في وظائف حكومية أخرى فلم يؤثر تغيير العطلة على برامجهن كثيراً، لكونهن لا يتمتعن بالعطل مثلما هي الحال مع الأمهات العاملات في مجال التدريس والتعليم الجامعي. فالأطفال غالباً ما يقضون عطلتهم الربيعية بمفردهم في المنزل سواء تقدمت امتحاناتهم أم تأخرت عن موعدها. وترى هند جمال، الموظفة في وزارة التربية، إن الأمهات العاملات في وظائف إدارية لا يشتكين كثيراً من تقديم العطلة أو تأخيرها، إذ أن الأمر لا يعنيهن بشيء طالما كن مرتبطات بالعمل أثناء عطلة الأولاد. وتقول: «لماذا اشتكي من العطلة، فأنا خارج المنزل أثناء العطلة الربيعية والصيفية وبالتالي لا شيء يهمني في الأمر، بقدر ما يهمني أن تحصل بناتي على معدلات جيدة في الامتحانات». وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي بدأت تنغلق على نفسها تدريجاً منذ تولي الوزير الحالي حقيبة الوزارة وتبتعد عن الإدلاء بتعليقات صحافية، وجدت في قرار تقديم العطلة نوعاً من الحكمة بعدما «ضربت عصفورين بحجر واحد» وتمكنت من الحصول على قدر أكبر من الأيام الدراسية للفصل الثاني من العام، وفي الوقت ذاته نالت بقرارها استحسان بعض الأصوات التي دعت إلى منح طلاب الجامعات فرصة للمشاركة في الزيارة الأربعينية. الوزارة لم تؤكد أو تنفي ما إذا كان هذا القرار سيكون قانوناً ثابتاً للأعوام المقبلة أم أنه سيسري لعامين أو ثلاثة حتى نهاية المدة التي سيتولى فيها الوزير الحالي حقيبة الوزارة.