الصويرة، الملقبة ب "عروس الأطلسي"، مدينة مغربية يبلغ عدد سكانها 75 ألف نسمة، كانت حتى وقت قريب تفتقر الى البنى التحتية التي تؤهلها لاستقبال السياح، من فنادق ومطاعم وقاعات كبرى للعروض الموسيقية وغيرها، على رغم انها تستضيف سنوياً"مهرجان كناوة الموسيقي"الذي أصبح محطة فنية ينتظرها المغرب كل صيف. وشهدت الصويرة التي يزورها نحو نصف مليون شخص خلال أيام المهرجان، تحولات هيكلية كبيرة، بفضل طاقم تنظيمي مؤلف من النساء فقط، تديره بمهارة عالية نايلة التازي، ما رسّخ المهرجان في المشهد المحلي والإقليمي والدولي. وقطعت المدينة أشواطاً اقتصادية مهمة: قبل المهرجان لم يكن في المدينة سوى عشرات الفنادق البسيطة، فيما تعمل فيها اليوم 200 وحدة فندقية بمعايير دولية. كما يعمل فيها اليوم 100 مطعم، وتعتزم السلطات المحلية تكثيف جهودها لإنجاح مشروع"الصويرة: مركز استجمام"."إنه فن الممكن"، يقول أندريه أزولاي، مستشار الملك المغربي والرئيس المؤسس ل"جمعية الصويرة - موغادور". وأصبح مشروع تحويل الصويرة إلى منتجع للاستجمام السياحي قيد التحول إلى حقيقة، خصوصاً أن المطار جاهز والطريق الرابط بين أغادير ومراكش وطنجة سيفتتح في 2008."لسنا في صدد طفرة اقتصادية، لكن المؤشرات الاقتصادية والإنجازات في هذا المجال ستجعل من الصويرة قطباً اقتصادياً وثقافياً مهماً"، يضيف أزولاي. لم يكن مهرجان الصويرة وليد نزوة طارئة دفعت المشرفين عليه إلى محاكاة تجارب سابقة، مثل"مهرجان أصيلة"أو"مهرجان فاس"للموسيقى الروحية، بل كان نابعاً من عمق تراث وتاريخ مدينة عرفت باختلاطها الإثني والديني. المهرجان هو بمثابة تجديد صلة مع الجذور الزنجية الإفريقية المسكوت عنها إلى وقت قريب. كانت الصويرة المعروفة حتى وقت قريب باسم موغادور، احدى المحطات الرئيسة لتوقف القوافل والبواخر الوافدة من تومبوكتو والمحملة بالعبيد قبل ترحيلهم في اتجاه أميركا وأوروبا. من بقي من هؤلاء انتهى به المطاف إلى الاندماج في نسيج المجتمع المغربي، ليعتنق الإسلام ويكيف طقوسه مع الطقوس الإحيائية للثقافة الكناوية. لم يُفتِ الفقهاء ضد موسيقى كناوة ولا نددوا بطقوسها. وبقيت هذه الموسيقى إلى زمن قريب حبيسة الزوايا و"الطرقيات"، نوتة خافتة في الصدح الشامل الذي تمكن من الموسيقى المغربية، وبخاصة بين ستينات وسبعينات القرن المنصرم، بالتزامن مع ذروة"سنوات الرصاص"، وانبثاق ظواهر موسيقية مثل الموسيقى الإثنوغرافية والموسيقى الوطنية وموسيقى الجيل، والتي غالباً ما سخرت لأغراض فولكلورية بغية تنشيط السياحة في المدينة الوادعة.