رغم زخم المهرجانات التي بدأ المغرب يعيشها مع بداية هذا الصيف والتي يرتدي أغلبها الطابع الفني بالدرجة الأولى إذ ما استثنينا موسم أصيلة الذي تفصلنا عنه 3 أسابيع، فإن هذا لم يمنع المثقفون من الالتفات إلى الشأن الثقافي وسط إيقاعات غناوة الأفريقية بمهرجان الصويرة ، ففي جلسة جمعت وزير الثقافة المغربي الشاعر محمد الأشعري ووزير الإعلام الصحفي نبيل بن عبد الله وأندريه أزولاي مستشار العاهل المغربي للشؤون الاقتصادية والمالية بالإضافة إلى عدد من وجوه السياسة والثقافة والإعلام والمال والأعمال اجمع الكل على الفضل الذي باتت الثقافة المغربية تدين به للراحل الكبير الأديب محمد شكري حيث اعتبره من المؤسسين لثقافة الهامش. محمد الأشعري وزير الثقافة اعتبر ان الكاتب المغربي الراحل محمد شكري رفع الهامش الطنجي والمغربي إلى جنة أدبية حقيقية عالمية استوحى منها حكاياته ومن ضمنها كتابه الذائع الصيت "الخبز الحافي". واعتبر الأشعري في مداخلة له بمدينة الصويرة التي تحتضن مهرجانها الدولي للموسيقى في ندوة تحت عنوان "هوامش وإبداع" نظمت في إطار الدورة السابعة لمهرجان كناوة وموسيقى العالم, أنه "يتم الحديث عن الخبز الحافي باعتباره كتابا جريئا ولكن يغفل غالبا أنه رواية من الهامش"، مذكرا أن رواية جبال الريف بشمال المغرب طبعت الأدب المغربي داعيا إلى قراءة الإبداعات الريفية من قبيل كتابات محمد أمين الخمليشي الذي يتحدث عن ريف مسكون بالأحلام والقصص وبثقافة كبيرة وبمقدرة كبيرة على التخييل وكتابات كمال الخمليشي التي "تعرف بريف آخر غير متقشف ويدعو للشفقة, ولكنه حساس يطيب فيه العيش". وفي هذا الصدد, أوضح الأشعري أن هذه الروايات تقدم اهتماما أدبيا ولكن أيضا سوسيولوجيا مشيرا إلى أنه تم الكشف عن هذا الهامش لفائدة هذه الأعمال الأدبية. وبالنسبة لوزير الثقافة, فإنه من المهم جدا محاورة هذا الأدب وإدراك أن هذا الهامش كان منتجا لعدة إبداعات. وأضاف "اننا اليوم بصدد تقييم الهامش واعتباره مصدرا للإبداع"، مشيرا إلى أن"السؤال المطروح هو كيفية تسيير الهامش الذي أصبح بمثابة صناعة تقريبا في بعض البلدان". واعتبر الوزير/ الشاعر أن الهامش بالمغرب ما زال يزود الحقل الثقافي بمواهب مبدعة وإن كان "لمغرب الإبداعي هو المغرب كله". من جهته ذكر أندري أزولاي مستشار ملك المغرب، والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة- موغادور, بتعقد الموضوع المختار موضحا أن "الوضعية الهامشية ليست محايدة". وأضاف أننا نعيش حيث يتم التفكير في إعادة بعث الفكر الأحادي والحضارة الوحيدة والقيم الوحيدة، مؤكدا أنه "من الحيوي ومن الضروري مقاومة هذا الضغط الممارس"، و"ينبغي لكل منا أن يدرك رهانات هذا الاتجاه العميق جدا والخطر الإيديولوجي والفلسفي والسياسي لهذه العولمة". وأكد أزولاي أنه من الضروري الاتفاق على سقف معين من المقاومة ومقدرة على اقتراح البديل بدون أدنى مركب نقص وبلورة أسس إجراءات ثقافية تولي الأولوية للإنصات للرأي الآخر وفتح أبواب الحوار. وقال إن "فكرة الهامشية حديثة", وأعطى مثلا بمدينة الصويرة التي كانت إلى وقت قريب مهمشة و"في حالة غيبوبة متقدمة"، مشيرا إلى أن شبه العزلة التي تعرفها المدينة خلقت طريقة في العيش والتفكير والتعبير. وتتجلى هذه الحقيقة الثقافية والاجتماعية في عدة أشكال من ضمنها أولا كل ما يستدعي الإبداع سواء منه التشكيلي أو الأدبي أو الموسيقي مذكرا على الخصوص بالإسهامات الاستثنائية لإدموند عمران المليح وحاييم زعفراني {أديبان مغربيان يهوديان}. وفي مداخلته أكد محمد بن عبد الله وزير الإعلام المغربي أن الإبداع تفجر أساسا في إطار الهامش في اشارة إلى أن المغرب تطور كثيرا في مسعاه الثقافي والفني انطلاقا من هذا الهامش واضاف قائلا: أن الهامش بعث بأشعة في اتجاه الوسط وكانت له تأثيرات مهمة جدا على القرارات. وتساءل بن عبد الله "أليس بفضل هذه الإبداعات الهامشية تمكنا من توفير مساحات للحرية"، وقال: "السعي اللاهث نحو التحضر يشكل خطرا على هذا الهامش وبالتالي على الإبداع". وتساءل مرة اخرى "كيف يمكننا أن نتطور مع الحفاظ على روح المدن"، مشيرا إلى أن "الهامش قدم لهذا البلد أمورا كثيرة على عدة مستويات". محمد بن عبدالله