دعوة الرئيس فيكتور يوتشنكو الى انتخابات جديدة، بعد قراره حل البرلمان، هي الطريق الى تخليص أوكرانيا من قبضة روسيا. فمنذ وقت طويل، والكرملين لا يريد لنا أن نفك أسرنا من سيطرته وقبضته، وأن نتولى بأيدينا رسم سياستنا ونهجنا. وتوسلت موسكو بمواردها من النفط والغاز، وحاجتنا الى هذه الموارد، الى إحراجنا وحشرنا. وهي تستولي، اليوم، على شركة الطاقة العامة، وتعود ملكيتها الى الدولة، على مثال استيلاء العصابات. والاستيلاء على شركة الطاقة ليست إلا خطوة على طريق الاستيلاء على أوكرانيا. وهذه السياسة تنتهجها روسيا، وتنسق اجراءها مع سياسيين أوكرانيين يوالونها، ويأتمرون بأمرها. وهي لا تترك السياسيين الذين يوالونها، مثل رئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش، في خيرة من أمرهم. فليس في مستطاع يانوكوفيتش المبادرة إذا لم يشر عليه الكرملين بما عليه أن يفعل. وإذا هو فعل من تلقاء نفسه، وهذا ما حصل حين رفض إقالة وزيري الخارجية والدفاع على رغم روابطهما بيوتشنكو، سارعت السياسة الروسية الى التضييق عليه، وهزت العصا بوجهه. والحق أن الكرملين يستقوي على أوكرانيا ب 30 في المئة من ناخبيها الذين يجهرون رغبتهم في احياء الماضي السوفياتي. ويانوكوفيتش هو أداتهم، ووسيلة الاحياء هذا. فيتغاضون عن تورطه مع رجال أعمال مشبوهين، ليس هو إلا صنيعتهم. وخاض الحملة الانتخابية التي رفعته الى الحكم على رأس قائمة مرشحين تعهدوا بعث الاتحاد السوفيات. ولكن بعث الجثة السوفياتية مستحيل. ولا يسع يانوكوفيتش الوفاء بوعده، على ما ينبغي أن يدرك ناخبوه. وهم لن يتأخروا عن إدراك ذلك. وتعهده، وأنصاره، رد دَيْنهم الى روسيا لقاء مساندتها وتأييدها، عادة سيئة اعتادها بعض سياسييها الفاسدين. ورجال الأعمال، وأنصارهم السياسيون لا يتورعون عن شراء المحازبين بالمال والوعود. وأنا عازمة على بت العادة القبيحة هذه وحسمها. وتسديد ثمن ما يسمى"دعم"روسيا بعملة التبعية، يبقينا أسرى هذه التبعية، ويحول بيننا وبين اضطلاعنا أحراراً بقراراتنا. وقولي هذا ينبغي ألا يفهمه الغرب عداء لروسيا. فإرساء علاقات بيننا على ركن من المساواة والتكافؤ، ممكن، وذلك على شرط أن تكف روسيا عن طلب الهيمنة علينا وإقدام الرئيس يوتشنكو على حل البرلمان ينم بشجاعة سياسية كبيرة. ويبطل الاجراء الشجاع والحكيم هذا اخطاء ارتكبها، وأنكرتها أنا عليه، ووصفتها، يومها، ب"خيانة مبادئ الثورة البرتقالية". وعلى السياسيين الأوكرانيين، منذ اليوم، اعتبار مصالح بلدهم أولاً، وتقديمها على مصالح رجال الأعمال والحرس السياسي القديم. فهؤلاء يحسبون أن السلطة هي وسيلة الى تحصيل منافع أكبر وأعظم من تلك التي بأيديهم. ونحن، أي بلدنا، لسنا ساحة أو ميداناً يتحارب الغرب وروسيا على أرضه. ولا يستحيل علينا صوغ لغة مشتركة مع كليهما، ولا تطمين الغرب وروسيا الى رعاية مصالحهما بأوكرانيا، والى اضطلاعنا، مستقلين، بحكم أنفسنا. عن يوليا تيموشينكو رئيسة حكومة أوكرانيا السابقة،"نيوزويك"الأميركية، 11 - 17 / 4 / 2007