سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تنديد عربي ودولي باغتيال العميد فرنسوا الحاج وساركوزي يحدد شروطاً لزيارة دمشق وجنبلاط يؤكد أن "سلاح المقاومة يطرح عندما يريدون" . لبنان : رسالة دموية إلى قيادة الجيش وبري يتبنى مطلب المعارضة "سلة الحل"
تلقى لبنان ضربة موجعة أمس ورسالة دموية جديدة، في الذكرى السنوية الثانية لاغتيال النائب جبران تويني، باغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني العميد الركن فرنسوا الحاج، أبرز المرشحين لخلافة قائد الجيش العماد ميشال سليمان، بعد ان يتم انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية، وأحد أكفأ العسكريين في المؤسسة العسكرية اللبنانية. وإذ استظل مرتكبو الجريمة الفراغ الرئاسي المستمر منذ 23 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، والذي يقض مضاجع اللبنانيين ويتركهم الى مصير مجهول مع اشتداد الأزمة السياسية التي حالت دون التئام المجلس النيابي لانتخاب العماد سليمان للرئاسة على رغم إعلان الأكثرية تأييده بعد ان أيّدته قوى المعارضة، فإن الاغتيال السياسي الثامن الذي تعرّض له لبنان أمس، منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 شباط فبراير 2005، رأت فيه الأوساط السياسية رسالة الى سليمان نفسه والجيش اللبناني الذي ازداد الالتفاف اللبناني حوله، على رغم الانقسام الحاد الذي يعاني منه الجسم السياسي اللبناني منذ التمديد للرئيس اميل لحود في الرئاسة في أيلول سبتمبر 2004. راجع ص 7 و8 وجاءت الجريمة الجديدة بعد اشتراط قادة المعارضة اللبنانية تجاوز حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بحجة عدم شرعيتها، في إقرار التعديل الدستوري الذي يتيح انتخاب العماد سليمان رئيساً، الأمر الذي رفضته قوى 14 آذار والأكثرية، لعدم دستورية هذا التجاوز. وفيما حقّقت الجريمة هدفاً مباشراً هو إزاحة العميد الحاج كمرشح لمنصب قائد الجيش، في حال انتُخب سليمان للرئاسة، فإن سعي القوى السياسية المختلفة للرد عليها عبر الدعوة الى الإسراع في انتخاب سليمان، والتوافق على التعديل الدستوري لم يفلح في دفع الفرقاء نحو تفويت أهداف أخرى على الذين يقفون وراء الجريمة. وفي حين أعلن رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط، بعد استشهاد العميد الحاج إصراره"على التسوية أكثر من أي وقت مضى"، داعياً المعارضة"الى السير في الطريق نفسه لقوى 14 آذار بتغليب التوافق من دون تعقيدات دستورية سخيفة لا قيمة لها"، والى إكمال الحوار مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ردّ الاخير على هذه الدعوة بالإشادة بجنبلاط. لكنه تبنّى للمرة الأولى علناً، مطلب المعارضة بالحوار حول"سلة المرحلة التي نحن في عمقها رئاسة الحكومة..."، وهو ما ترفضه الأكثرية وكذلك البطريرك الماروني نصرالله صفير بحجة عدم جواز ربط إنهاء الفراغ الرئاسي بالتفاوض على تشكيل الحكومة المقبلة، لأن هذا يعود الى الاستشارات النيابية الملزمة دستورياً، و"لأن انتخاب الرئيس الجديد ينص عليه الدستور من دون رهنه بأي أمر آخر"... بحسب موقف صفير. وبرز استمرار الانقسام على رغم المصاب، في بعض ردود الفعل على الجريمة. وفيما تجنب أقطاب 14 آذار توجيه اتهامات مباشرة، اعتبر بعض رموزها ان الجريمة رسالة من سورية وإيران وحلفائهما الى العماد سليمان، كما صرح وزير الاتصالات مروان حمادة، فيما قال زعيم"تكتل التغيير والاصلاح"العماد ميشال عون:"هذه الجرائم ليست بعيدة عن الحكومة اللبنانية... سابقاً قالوا ان سورية المسؤولة لكن سورية اليوم تعمل على انجاح مرشح الأكثرية". وهزت الجريمة سائر الوسط السياسي اللبناني، فيما دعا العماد سليمان الى"عدم توظيف دماء الشهيد في السياسة أو التشكيك في قدرة المؤسسة العسكرية"، معتبراً أنها"أقوى من البارحة بمئات المرات". وزاد:"مهما تمادى الارهاب في غدره لن يستطيع إخضاع الجيش والشعب اللبناني". وترأس الرئيس السنيورة اجتماعاً أمنياً في السرايا الكبيرة حضره وزيرا الدفاع الياس المر والداخلية حسن السبع، وقادة الأجهزة الأمنية، لعرض المعطيات الأولية عن الجريمة. وأشاد السنيورة بالدور البطولي للمؤسسة العسكرية، معتبراً أن"يد الاجرام أرادت نقل جرائمها في اتجاه قيادة الجيش والحؤول دون اتمام الاستحقاق الرئاسي". ودعا الى"مزيد من التماسك والصلابة. ورأى الوزير المر ان هدف الجريمة زجّ السياسة بالجيش وزجّ الجيش بالسياسة. وقال الحريري في بيان له ان الجريمة"حلقة في سلسلة يتعرض لها لبنان في لحظة مصيرية يسعى فيها اعداء لبنان الى تكريس الفراغ في الرئاسة"، داعياً الى الالتفاف حول الجيش. واذ ركزت ردود الفعل كلها على الالتفاف حول المؤسسة العسكرية، فإن القيادات المسيحية في قوى 14 آذار عقدت اجتماعاً لها في مركز حزب"الكتائب"ترأسه الرئيس السابق أمين الجميل، وصدر بعده بيان اعتبر ان ليس من قبيل الصدفة ان تقع الجريمة غداة ترشيح العماد سليمان للرئاسة وما جُبه به هذا الترشيح من محاولات تعطيل وتعجيز شارك فيها اطراف داخليون وخارجيون. وتمسك المجتمعون بترشيح سليمان للرئاسة كمرشح توافقي، وطالبوا فرقاء المعارضة بالكف عن"افتعال العراقيل"في العملية الانتخابية. ورأى"حزب الله"في اغتيال العميد الحاج استهدافاً للجيش ولعقيدته المقاومة، داعياً الى الاسراع في انقاذ البلاد من"الحسابات الضيقة". ولفت قول وزير الاعلام غازي العريضي الذي اعتبر ان الاغتيال"رسالة بأن وضع لبنان سيبقى هشاً، ومحاولة منع وابتزاز وضغط، ومحاولة لتأكيد ان ليس في امكان احد ان يختار هذا او ذاك لقيادة الجيش، وبالتالي وضع كل الامور في سلة واحدة في سياق الحديث عن سلة لحل الازمة اللبنانية". وتوالت الادانات الدولية والعربية للجريمة، فرأى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أنها تستهدف الوفاق الوطني، فيما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان الرد هو بانتخاب رئيس بلا تأخير. وأعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن تخوفه من ان يؤثر ذلك سلباً في انتخاب رئيس للجمهورية بما يمدد الفراغ... ودان وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجريمة، وقال مصدر اعلامي سوري أنها تستهدف المؤسسة العسكرية وعقيدتها القتالية ضد اسرائيل، معتبراً ان الاخيرة مستفيدة منها... ودان الاتحاد الأوروبي الجريمة ب"أقسى العبارات"، وربطت السفارة الاميركية في بيروت الجريمة بسلسلة الاغتيالات، واعتبرتها"هجوما مباشرا وشائنا ضد لبنان الدولة والمؤسسات". الى ذلك، أ ف ب، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه"مستعد لزيارة دمشق"في حال حصول انتخابات رئاسية"توافقية"في لبنان، و"توقفت الاغتيالات". جاء ذلك في مقابلة مع ساركوزي تنشرها المجلة الفرنسية"لو نوفيل أوبزرفاتور"اليوم. وأضاف:"من المؤكد ان سورية ليست نظاماً ديموقراطياً، ولكن اذا حدثت انتخابات توافقية في لبنان واذا توقفت الاغتيالات، ولم تعرقل سورية عمل المحكمة الدولية، عندها سأكون مستعداً للذهاب الى دمشق". وكان ساركوزي التقى اول من امس الملك عبدالله الثاني في دار السفارة الأردنية في باريس. وعلمت"الحياة"من مصدر مطلع ان الرئيس الفرنسي تناول مع الملك عبدالله الموضوع اللبناني، وأبلغه أنه طلب من الرئيس السوري بشار الأسد ألا يعطل الأمور في لبنان ويتجنب المشاكل فيه، مشيراً الى ان العلاقة ستعود الى طبيعتها اذا فهمت سورية الرسالة. وقال ساركوزي انه يراقب التطورات في لبنان وأن الوزير كوشنير يحاول تهدئة الامور في هذا البلد. وكان بري تلقى مساء اتصالاً من النائب جنبلاط، وبثت الوكالة الوطنية الرسمية للاعلام ان بري نصح لجنة المتابعة المنبثقة من لقاء القوى المسيحية في قوى 14 آذار بأن تبدأ لقاءاتها مع العماد عون، رداً على اعلان الرئيس الجميل بعد اجتماع القوى المسيحية في الاكثرية انه مستعد للتحرك من اجل اعادة الحوار مع بري. كما تلقى بري اتصالاً من وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس. وقال جنبلاط في تصريح الى قناة"الجزيرة":"علينا ان نتوقع مزيداً من الضربات وألا ندخل البلاد في مغامرات". وتابع ان"قوى 14 آذار قدمت التسوية ومشت في ترشيح سليمان فما المطلوب أكثر؟"وأضاف:"نقول للمعارضة ان سلاح المقاومة غير مطروح ويطرح عندما يرون ذلك مناسباً والمحكمة لم تعد لبنانية وأصبحت خارج لبنان. وكان العميد الحاج قضى في انفجار سيارة مفخخة من نوع"بي أم في 320"ركنت عند مفترق طريق ضيق، في طريق اجبارية من منزله الى وزارة الدفاع، فتم تفجيرها عند مرور سيارته ومعه سائقه، من أمامها. وعلم ان وزن العبوة بحسب التقديرات الأولية 35 كلغ من المواد الشديدة الانفجار، وهي موجهة. وقضى الحاج فوراً كذلك سائقه ومواطن كان ماراً هناك، وسقط عدد من الجرحى. وعمّ الغضب والحداد بلدة رميش مسقط الحاج في جنوبلبنان. وتسارعت التحقيقات في الجريمة، وأوقفت الاجهزة الأمنية 3 اشخاص بينهم شقيقان لهم علاقة ببيع السيارة المفخخة منذ ايام الى أحد الاشخاص، من أجل التعرف الى هوية المشتري لعله يفيد في علاقة الفاعلين. مجلس الامن وفي نيويورك، عملت فرنسا أمس على استصدار بيان رئاسي لمجلس الأمن يدين اغتيال العميد الركن فرانسوا الحاج ويدعو الى محاكمة المتورطين بالجريمة الإرهابية. وكان متوقعاً أن يتلقى المجلس رسالة من رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة يطلب فيها توسيع نطاق عمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ليشمل تقديم المساعدة للحكومة في التحقيق في اغتيال الحاج. كما كان متوقعاً أن يأخذ مجلس الأمن علماً بالطلب ويوافق عليه، ما لم تصدر مواقف مفاجئة من أعضاء في المجلس. ولفت الانتباه أمس عدم صدور بيان عن الأمين العام بان كي - مون حول الاغتيال بعد مضي أكثر من أربع ساعات على بدء العمل اليومي في الأممالمتحدة وأكثر من 6 ساعات على عملية الاغتيال. واكتفت الناطقة باسم الأمين العام، ماري اوكابي، بقراءة جملة رداً على اسئلة الصحافة ذكرت فيها ان الأمين العام يدعو جميع الأطراف اللبنانية للاتفاق والعمل معاً من أجل اجراء الانتخابات الرئاسية. وربطت اوكابي، عملياً، بين الاغتيال وبين الانتخابات الرئاسية وقالت إن بياناً لاحقاً سيصدر نيابة عن الأمين العام. واستبعد غير بيدرسون ممثل الأمين العام في لبنان، تقديم احاطة الى مجلس مساء أمس حول تنفيذ القرار 1701 والذي كان مقرراً في جدول مجلس الأمن منذ فترة. وبحسب مصادر غربية في المجلس، عملت فرنسا في اتجاه اصدار بيان رئاسي سريع يدين بشدة العملية الإرهابية. واستبعدت أوساط في المجلس معارضة أي دولة لصدور بيان رئاسي، لكن أوساط أخرى تحدثت عن احتمال تردد روسيا في دعم بيان رئاسي وعن احتمال دفع بعض الدول نحو بيان صحافي فقط. وكانت روسيا عارضت تعبير مجلس الأمن عن"دعمه"للحكومة اللبنانية في بيان رئاسي لمجلس الأمن حول الانتخابات الرئاسية. وتراجعت عن معارضتها القاطعة ووافقت على حل وسط تم التفاوض عليه أدى الى صدور البيان الرئاسي في ساعة متقدمة ليل أول من أمس. وشدد المجلس في بيانه على"قلقه العميق ازاء تكرار تأجيل الانتخابات الرئاسية". ودعا الى إجراء الانتخابات"طبقاً للقواعد الدستورية اللبنانية ومن دون أي تدخل أو نفوذ خارجي وباحترام تام للمؤسسات الديموقراطية". وشدد على"أهمية"هذه المؤسسات"بما فيها حكومة لبنان"وكذلك على أهمية"وحدة الشعب اللبناني بالذات على اساس الوفاق والحوار السياسي".