حذر السناتور الجمهوري البارز ارلن سبيكتر الرئيس جورج بوش من "التفرد" في صنع القرار بشأن العراق على خلفية اشتداد الجدل الدستوري بشأن الخطة الاميركية الجديدة لمواجهة تصاعد العنف في هذا البلد، واعتبر خبراء قانونيون انه لدى الكونغرس السلطة لانهاء حرب العراق، فيما وصف بوش اصدار الكونغرس قراراً يدين سياسته في العراق بأنه"تطرف شديد". وكان سبيكتر يرد على تصريح لبوش قال فيه الاسبوع الماضي انه هو"صاحب القرار"بشأن عمليات الانتشار العسكري في العراق على الرغم من عرض مشاريع قرارات مختلفة في الكونغرس تدين خطته لارسال مزيد من الجنود الى هذا البلد. وقال سبيكتر خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ"ان الرئيس اكد تكرارا انه هو صاحب القرار"، مضيفا"اود ان اقول للرئيس انه ليس صانع القرار الوحيد. لان صنع القرار هو مسؤولية مشتركة". وجاءت ملاحظات سبيكتر قبل الاعلان عن اتفاق بين بوش وكبار قادة الديموقراطيين في الكونغرس الثلثاء على تشكيل مجموعة استشارية مشتركة بشأن العراق و"الحرب على الارهاب". وصرح مسؤول في البيت الابيض ان الرئيس تحدث هاتفيا أول من امس مع المسؤولين الديموقراطيين السناتور هاري ريد ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي اللذين وافقا على ان تعقد اللجنة الجديدة اول اجتماع لها الاسبوع المقبل. وقال جيم مانلاي، المتحدث باسم زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد:"نحن متشجعون بهذا التطور"معربا عن"الامل"في ان تتمكن هذه الاجتماعات من تصويب السياسة الاميركية. وما زالت الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق تتعرض للانتقاد من الديموقراطيين والجمهوريين على السواء. ويبقى الغموض يلف مصير الجهود المبذولة في الكونغرس ضد خطوة بوش الجديدة التي تقضي بارسال 21500 جندي اضافي الى العراق. وقدم السناتور الديموقراطي باراك اوباما مشروع قرار يدعو الى انسحاب القوات الاميركية من العراق خلال 14 شهراً، مطالباً بأن ينتهي سحب جميع القوات الاميركية المقاتلة بين ايار مايو و31 اذار مارس 2008، وقال:"لقد حقق عسكريونا نجاحا باهرا في العراق ولكن ليس بزيادة عدد الجنود الاميركيين يمكننا حل الخلافات السياسية التي هي في صلب حرب اهلية ليست حربنا". أما السناتور راس فينغولد فقدم أمس مشروع قرار لوقف الاموال المخصصة للحرب من اجل الحض على الانسحاب، علماً بأن قادة الغالبية الديموقراطية اكدوا انهم لن يمنعوا منح الاموال لتفادي تعريض القوات الاميركية للخطر في العراق. وعبر السناتور ريتشارد لوغار عن شكوك حول فرص نجاح الاستراتيجية الجديدة، داعياً الى"خطة فعالة لاعادة انتشار القوات الاميركية في المنطقة للدفاع عن مصادر النفط واستهداف مخابىء الارهابيين وردع نزعة المغامرة لدى ايران والتصدي للنزاع المذهبي اقليميا". وكان اربعة من خمسة خبراء تم استدعاؤهم امام لجنة فرعية مختصة بالشؤون القضائية في مجلس الشيوخ الثلثاء أكدوا أن الكونغرس يمكنه تقييد او وقف الانخراط الاميركي في الحرب اذا ما أراد ذلك. وأوضح برادفورد بيرنسون، وهو محام عمل مستشاراً في البيت الابيض في حكومة بوش من 2001 الى 2003:"اعتقد ان النظام الدستوري يعطي الكونغرس سلطة واسعة تتيح له وضع نهاية لأي حرب"، فيما قال الخبير القانوني الآخر والتر دلينغر:"في نهاية الامر الكونغرس هو الذي يحدد حجم ونطاق ومدة استخدام القوة العسكرية". وقال بوش في مقابلة مع شبكة تلفزيون"ايه.بي.سي"رداً على سؤال عن احتمال اصدار الكونغرس قرارا يدين سياسته في العراق:"لا أريد ان اصف القرار بأنه غير وطني لكني اعتقد انه متطرف للغاية". وكان الادميرال وليام فالون، الذي رشحه الرئيس الاميركي لتولي منصب قائد المنطقة الوسطى، التي تضم منطقة الشرق الاوسط، دعا الى خفض حجم التوقعات في العراق لتصبح أكثر واقعية. وقال فالون امام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الثلثاء:"ما نفعله هناك لا يحقق النجاح المنشود"، مضيفاً"ان الموقف في العراق يمكن ان يتبدل لكن الوقت ينفد". وتابع"اذا عدنا الى عام 2003 لوجدنا انه كان لدينا مئات الافكار الجيدة عن اشياء نود ان نراها تتحقق في العراق لتعكس بشكل اكبر نوعية المجتمع والعملية السياسية التي نتمتع بها هنا". واعترف ب"اننا اخطأنا تقدير قدرة هؤلاء الناس على القيام بكل تلك المهمات في الوقت نفسه". واضاف"ربما ينبغي لنا ان نعيد تحديد اهدافنا بعض الشيء، وأن نفعل شيئا اكثر واقعية فيما يخص تحقيق بعض التقدم وربما نضطلع بالاشياء الاخرى في وقت لاحق". وبدا فالون حذرا حين سئل عن امكان بزوغ عراق ديموقراطي من وسط العنف الراهن، وقال"من الحكمة ان نقلص توقعاتنا هنا. فإمكان ان يتحول العراق فجأة الى شيء قريب مما نتمتع به هنا في هذه البلاد سيستغرق وقتا طويلاً". على صعيد آخر، اتهم السناتوران النافذان الديموقراطي كارل ليفن والجمهوري جون ماكاين ادارة بوش بالتساهل مع الحكومة العراقية على رغم عدم التزامها ب"معظم الالتزامات التي قطعتها على نفسها". وقال رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ونائبه انه"من الواضح جدا ان الادارة لا تنوي استخلاص العبر الملموسة من فشل العراقيين المتكرر في الوفاء بالتزاماتهم"، وذلك في رد على رسالة لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. وقالا في بيان مشترك نشره مكتب ليفن"ما قيل لا يزال صحيحا: ان ارسال جنود اضافيين الى العراق في وقت يكتفي فيه القادة العراقيون بتقديم الوعود الاضافية لا يشكل وسيلة للنجاح". وفي رسالة نشرت الثلثاء، فندت رايس لائحة الالتزامات التي قطعها المسؤولون العراقيون على انفسهم خلال شهر ايلول سبتمبر 2006 بما في ذلك انهاء اعمال لجنة مراجعة الدستور في كانون الثاني يناير. واشار ليفن وماكاين الى عدم وجود اي التزام في هذه اللائحة لتحمل مسؤولية الامن في جميع المحافظاتالعراقية قبل شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل.