كشف تقرير نشِر في لندن أمس ان وزارة الدفاع البريطانية تخطط لتعبئة الاحتياط في الجيش بدءاً من أيلول سبتمبر، في إطار التحضيرات لهجوم على العراق، فيما اتهمت حكومة توني بلير مجدداً الرئيس صدام حسين بمحاولة استغلال القضية الفلسطينية. وبعد أيام على تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش اصراره على إطاحة صدام "بكل الوسائل"، قدم السناتور ارلين سبيكتر مذكرة إلى مجلس الشيوخ، تطلب طرح أي خطة للتدخل العسكري في العراق على التصويت في الكونغرس. لندن، واشنطن، كوالالمبور - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - كشفت صحيفة "دايلي تلغراف" أمس أن وزير الدفاع البريطاني جيفري هون يعتزم القيام بعملية تعبئة مكثفة لعناصر الاحتياط بدءاً من أيلول سبتمبر المقبل، معتبرة أن هذه الخطوة تدخل في إطار التحضيرات لشن هجوم على العراق. وجاء في تقرير للصحيفة البريطانية أن لندن قررت سحب 1500 عنصر من قواتها العاملة في إطار قوة الرد السريع التابعة لحلف الأطلسي، وبذلك لن يشاركوا في عمليتي تدريب مقررتين الخريف المقبل في المانيا وأوكرانيا. واتخذ قرار سحب القوات الشهر الماضي في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة انسحاب 1700 عنصر من قوات البحرية الملكية من أفغانستان. وتابع التقرير أن حوالى ثلاثة آلاف جندي من سلاح البر سحبوا من تدريبات للمصفحات في بولندا. وأفادت الصحيفة ان المخططين العسكريين البريطانيين يعملون على أساس أن بريطانيا ستشارك بقوة كبيرة تضم فرقة مدرعة وقوة تدخل بحرية وأعداداً كبيرة من الطائرات. وأكد ناطق باسم وزارة الدفاع للصحيفة أنه لم يتخذ أي قرار في شأن العراق، لكنه لم ينف أن التخطيط يمضي قدماً، وقال إن "أي جهاز حكومي لديه خطط طوارئ". ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية أن عناصر الاحتياط الذين سيتم استدعاؤهم سيسدون النقص في مجالات أساسية، كالطيارين والأطباء والقوات الخاصة والاستخبارات والاشارة. ورفض ناطق باسم وزارة الدفاع الادلاء بأي تعليق للصحيفة عن خطط الإعداد لشن هجوم على العراق، بمشاركة الولاياتالمتحدة. وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أعلن الثلثاء الماضي ان المطلوب تحرك "وقائي" ضد العراق وترسانته من أسلحة الدمار الشامل، مؤكداً أن أي قرار لم يتخذ في شأن أي تدخل عسكري محتمل. ورأى أن الرئيس "صدام حسين ما زال بكل تأكيد يسعى إلى تطوير أسلحة الدمار الشامل"، وأن هذا الخطر "لم يتراجع بل تزايد"، محذراً من أن الترسانة التي يطورها النظام العراقي "تشكل تهديداً كبيراً للعالم، وإذا اتضح خطر ما، علينا أن نرد قبل أن يتجسد". وتلت تصريحات بلير تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش تصميمه على تغيير النظام في بغداد "بكل الوسائل". "استغلال" إلى ذلك، اعتبرت حكومة بلير أمس أن المساعدات المالية التي يقدمها صدام إلى عائلات الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات "انتحارية" هي "محاولة لاستغلال القضية الفلسطينية لاغراضه الخاصة". وقال مايكل أوبراين، وزير الدولة في وزارة الخارجية، في بيان إن "صدام لا يعبأ كثيراً بالفلسطينيين، وكذلك بالشعب العراقي الذي يشاهد معاناته بينما يعيش هو الرئيس العراقي في رغد الحياة". وفي خطوة لافتة تتزامن مع تزايد التكهنات باقتراب موعد الضربة الأميركية لإطاحة صدام، والمعلومات عن سيناريوات للضربة، قدم السناتور الأميركي ارلين سبيكتر جمهوري ليل الخميس مذكرة إلى مجلس الشيوخ، تقترح طرح أي تدخل عسكري محتمل ضد العراق على النقاش والتصويت في الكونغرس. وقال سبيكتر أمام المجلس: "في حال أسفر النقاش داخل الكونغرس عن قرار يجيز استعمال القوة، يجب تطمين الأسرة الدولية إلى أن العمل العسكري الأميركي ليس قرار رجل واحد، أي رئيس الولاياتالمتحدة، ومن الضروري أن يفهم الأميركيون ما سيسفر عنه استعمال القوة العسكرية ضد العراق". وينضم سبيكتر إلى عدد متزايد من المشرّعين، جمهوريين وديموقراطيين، يطالبون بأن تكون للكونغرس كلمة في حال قررت الولاياتالمتحدة تحركاً عسكرياً ضد العراق. وتابع السناتور سبيكتر ان اجازة قرار قد تعبر عن "جبهة متحدة مع الرئيس، يدعمها تفويض من الكونغرس والرأي العام الأميركي، في قضية يعارضه فيها معظم المجتمع الدولي، إن لم يكن كله". وينوي جوزيف بايدن ديموقراطي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، عقد جلسات في شأن هذا الملف في أيلول المقبل. وكان روبرت بيرد ديموقراطي، رئيس لجنة الاعتمادات في المجلس، أكد أخيراً أنه يخشى احتمال استخدام الحكومة في غزو العراق مبلغ عشرة بلايين دولار تطالب بها لإنشاء صندوق للطوارئ لإدارة حربها على الإرهاب. في كوالالمبور، قال رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد أمس إن توجيه ضربة أميركية إلى العراق سيضر الجهود التي يبذلها مسلمون معتدلون لتهدئة غضب المسلمين من الولاياتالمتحدة. وزاد ان أي ضربة من هذا النوع "ستجعل اظهار الوجه المعتدل للإسلام مهمة صعبة لنا". وكان مهاتير يتحدث أمام مؤتمر عن الإسلام والتعليم، وتابع رداً على سؤال لأحد الأكاديميين الأميركيين: "الخلاف قائم مع صدام، تقولون إنه ديكتاتور لكنّ لشعب العراق أن يغير زعيمه، وليس لكم أن تعاقبوا العراقيين لأنهم لا يستطيعون ذلك. أنتم تعاقبون شعباً ليس لديه سبيل لتغيير وضعه. هذا ليس عدلاً".