دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس، الجميع إلى التمسك بمفاهيم الأخلاق والأسرة، والعودة إلى الرب، عز وجل،"فبهذا نتجاوز خلافاتنا ونقرب المسافات بيننا ونصنع سوية عالماً يسوده السلام والتفاهم". وأطلق الملك عبدالله دعوته خلال استقباله رؤساء الدول الإسلامية المشاركين في أداء مناسك الحج، والشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين يؤدون فريضة هذا العام. وبدأ خادم الحرمين كلمته السنوية بتحيتهم وتهنئتهم بعيد الأضحى المبارك، سائلاً الله أن يتقبل من هذه الجموع الحاشدة حجها، وأن يمكن عباده من القيام بمسؤولياتهم تجاه ربهم ودينهم ثم تجاه أنفسهم وأوطانهم وأمّتهم والإنسانية جمعاء تسامحاً وتواصلاً وعملاً وإعماراً. وحضر الاستقبال ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ووزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير نايف بن عبدالعزيز، وأمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، وعدد من الأمراء والوزراء والعلماء وسفراء الدول العربية والإسلامية. وقال الملك عبدالله:"أدعوكم وأدعو كل من تصل إليه كلماتي هذه، أن نتذكر ما يجمع بين الأديان والمعتقدات والثقافات، وأن نؤكد على ما هو مشترك، وأن نتمسك بمفاهيم الأخلاق والأسرة، وأن نعود إلى الرب، عز وجل، فبهذا نتجاوز خلافاتنا ونقرب المسافات بيننا ونصنع سوية عالماً يسوده السلام والتفاهم، ويصبح التقدم والرخاء غرساً نقطف ثماره جميعنا إن شاء الله". ورأى:"أن الأديان السماوية الكبرى وما أنزل على سيدنا إبراهيم من"حنيفية سمحاء"تجتمع على مبادئ كبرى وتشترك في قيم عظيمة تشكل في مجموعها مفهوم الإنسانية، وتميز الإنسان عن غيره من المخلوقات مبادئ الصدق والأمانة والتسامح والتكافل والمساواة وكرامة الإنسان والحرص على أساس كل مجتمع، ألا وهي الأسرة، فبدون الحرص على تماسك الأسرة والمحبة والاحترام وروح الإيثار بين أفرادها فلن يكون هناك مجتمع متماسك، وسنفقد ذلك الخيط الذي يربط أوصال المجتمع". ووضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الحضور في تأملاته السنوية للمشاعر المقدسة عند كل موسم حج، حيث يلتقي على صعيدها الحجاج الذين يأتون من مشارق الأرض ومغاربها. وقال:"في كل موسم حج أتأمل هذه المشاعر المقدسة التي يلتقي على صعيدها حجاج بيت الله وقد جاءوا من مشارق الأرض ومغاربها، وأرى فيهم الدنيا جميعها بمجتمعاتها وثقافاتها وأعراقها وأخلاقها وتقاليدها ومعتقداتها". وأضاف خادم الحرمين الشريفين:"أنظر فأرى الإنسانية قد تجمعت هنا بأبهى صورها، وأرى من خلالهم أنه مهما تعددت المشارب والألوان والأعراق، فإننا على امتداد العالم أجمع بحاجة إلى أن نتذكر ما يجمعنا من قيم مشتركة وما يربط بيننا من إيمان بالرب جل وعلا". وكان الملك عبدالله استقبل ظهراً الشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين تقدمهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وملك ماليزيا توانكو ميزان، والرئيس المالديفي مأمون عبدالقيوم، ورئيس تنزانيا الدكتور محمد علي شين، ورئيس وزراء بنغلاديش الدكتور فخر الدين أحمد، ورئيس الوزراء الغيني لنسانا كوياتي. وقال وزير الحج الدكتور فؤاد عبدالسلام الفارسي، في كلمته، إن ملامح نجاح الموسم بدأت تظهر"على رغم الكثافة العددية التي فاقت كل التوقعات بما يشكل أكثر من ثلاثة ملايين حاج، وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل ما توجهون به وولي العهد، وما تعتمدونه من خطط ومشاريع وبرامج وسياسة حكيمة نعمل على تجسيدها ميدانياً حتى نضمن تحقيق المزيد من التيسير لضيوف الرحمن الذين نستقبلهم ونحتضنهم ونكون في خدمتهم، وكأنهم في بلادهم وبين أهلهم وذويهم". وأضاف وزير الحج، مخاطباً الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان،"كان ولا يزال في مقدم اهتمامكم اعتماد المزيد من التطوير في المشاعر المقدسة وفي الحرمين الشريفين، وتوسعتهما التي اشتملت هذا العام المسعى بين الصفا والمروة أكثر من 100 في المئة، وخصوصاً جسر الجمرات". من جهته، رفع رئيس الشؤون الدينية رئيس بعثة الحج التركية البروفيسور علي بارداق أوغلي، باسمه واسم رؤساء بعثات الحج، تحيات الشعوب الإسلامية التي يمثلونها عامة"وتحيات الشعب التركي خصوصاً". ونوَّه بالشعار، الذي اتخذت المملكة العربية السعودية لنفسها منه منهجاً لتطبيقه على أرض الواقع، وقال إن شعار"خدمة الحجيج شرف لنا ومسوؤلية وأمانة"، في هذه البقاع ومدى التزام حكومة المملكة وشعبها الكريم بهذا الشعار، يبعث على ارتياح الجميع". واعتبر أن شعوب العالم الإسلامي:"ضد الجهود التي تحاول إلصاق شتى التهم بالمسلمين من جراء التطرف والعنف والإرهاب الذي يعاني منه العالم". وقال:"إننا ضد التحاملات على الإسلام والمقدسات الإسلامية وإشاعة الذعر والرعب من الإسلام، إننا نحن المسلمين مضطرون للمحافظة على حقوقنا والتصرف كما يليق بالعزة التي وهبها الله تعالى للإسلام ورسوله والمسلمين، كما أننا ملزمون في نفس الوقت باحترام حقوق الغير والمحافظة عليها".