ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أمس مجزرة راح ضحيتها ستة فلسطينيين، عشية اللقاء المرتقب اليوم بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين لإطلاق مفاوضات الوضع النهائي. وقالت مصادر طبية ومحلية ل"الحياة"إن ستة شهداء سقطوا في هجمات شنتها قوات الاحتلال على منطقة الفخاري بين مدينتي رفح وخان يونس أقصى جنوبغزة، في ثاني عملية من نوعها منذ انسحاب إسرائيل من القطاع في أيلول سبتمبر 2005. وأعلنت سلطات الاحتلال أن قواتها قتلت سبعة فلسطينيين، فيما قالت مصادر فلسطينية إن الشهداء خمسة وسادسهم سقط عصراً متأثراً بجروح أصيب بها في ساعات الصباح مع رفاقه، وجرح عشرة آخرون، بينهم صحافي. ويُعتقد بناء على التصريحات الإسرائيلية أن هناك جثث أربعة شهداء فلسطينيين آخرين في منطقة كانت تسيطر عليها قوات الاحتلال حتى مساء أمس. واعتبر مسؤولون فلسطينيون أن العملية العسكرية"تعمق الشكوك"في مدى التزام الدولة العبرية التوصل إلى اتفاق سلام. وقال الناطق باسم الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة إن الغارات الاسرائيلية"تعمق الشكوك"في شأن التزام إسرائيل بالسلام. وكانت عشرات الدبابات والجرافات العسكرية الإسرائيلية اجتازت فجر أمس الشريط الالكتروني الذي يحيط قطاع غزة في جنوب مدينة خان يونس، وتقدمت تحت غطاء جوي إلى الطريق الرئيسة الشرقية الواصلة بين المدينة ورفح، وأغلقتها ومنعت المواطنين من التحرك عليها أو الاقتراب من المنطقة التي يقع فيها أحد أكبر المستشفيات في القطاع وأهمها. وتصدى مقاتلون فلسطينيون من مختلف الأجنحة العسكرية التابعة لفصائل المقاومة للتوغل الإسرائيلي. ودارت اشتباكات مسلحة عنيفة استخدم خلالها المقاومون قذائف"آر بي جي"والأسلحة الخفيفة. وأطلقت قوات الاحتلال قذيفة مدفعية في اتجاه منزل قيد الإنشاء في بلدة النصر في شمال مدينة رفح، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة من فصائل"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الإسلامي"، وهم خليل الأسود 27 عاماً ومحمد أبو حمرة 19 عاماً، فيما سقط الثالث الذي ما زال مجهول الهوية عندما هب المواطنون لإنقاذ الجرحى ونقل الشهداء إلى المستشفى، فقصفتهم قوات الاحتلال بقذيفة أخرى. وأصيب المصوران الصحافيان رامي أبو شمالة من وكالة"رامتان"المستقلة للأنباء، ويعقوب أبو غلوة من وكالة"أسوشييتد برس"الأميركية للأنباء أثناء التقاطهما صوراً للضحايا في المنزل الذي تعرض للقصف. واستشهد في وقت لاحق محمد أبو مصطفى متأثراً بجروحه والناشط في"ألوية الناصر صلاح الدين"التابعة ل"لجان المقاومة الشعبية"عمر خليل 23 عاماً الذي قُتل"في غارة إسرائيلية على مجموعة من رجال المقاومة في منطقة الفخاري"، وهو كان بين ثلاثة ناشطين أصيبوا بجروح خطيرة عندما أطلقت قوات الاحتلال عليهم قذيفة دبابة. واعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 60 مواطناً بعدما نادت عليهم عبر مكبرات الصوت للخروج من منازلهم والتجمع في ساحة فضاء واسعة في المنطقة التي احتلت عدداً من منازلها وحولتها ثكنات عسكرية. وقللت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي من أهمية التوغل، مشيرة إلى أن نحو عشر دبابات ومركبات مدرعة فقط دخلت المنطقة ضمن"عملية روتينية"ضد الناشطين الفلسطينيين. وتوعدت"سرايا القدس"ب"رد مزلزل"على مقتل عناصرها والعدوان الاسرائيلي على المنطقة. وقالت إنها أطلقت قذيفة"آر بي جي"على آلية عسكرية إسرائيلية، واشتبكت مع قوات الاحتلال في منطقة معبر كرم أبو سالم كيرم شالوم في جنوب شرقي مدينة رفح. وأضافت أن"العدو اعترف بإصابة أربعة من جنوده بجروح حسب مصادره العسكرية". واعتبرت حركة"الجهاد الإسلامي"في بيان أن جرائم الاحتلال"شاهد على عقم التفاوض"بين الفلسطينيين وإسرائيل. وقالت إنه"في وقت تشن إسرائيل حرباً على الفلسطينيين يسارع المهرولون لنيل الرضا من عدونا الصهيوني من خلال اللقاءات والتطبيع والالتزام بالاتفاقات الأمنية المذلة، وينتظر فريق التسوية بدء جولة جديدة من المفاوضات العقيمة مع العدو". وأعلنت"كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، الذراع العسكرية ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، أن أحد عناصرها وهو سالم أبو حدايد دخل في حال موت سريري بعدما أصيب بجروح خطيرة جراء القصف الإسرائيلي أدت إلى بتر ساقيه. ودعت إلى"رص الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية والعمل العسكري المشترك للتصدي للعدو الغاشم"، قبل أن تعلن في بيان آخر أنها أطلقت أمس بالاشتراك مع"كتائب شهداء الأقصى"التابعة لحركة"فتح"صاروخاً على بلدة سديروت، متعهدة مواصلة المقاومة. واستشهد شاب أمس في عملية توغل محدودة في بلدة بيت حانون في شمال غزة. وقال منسق المبادرة المحلية في بلدة بيت حانون صابر الزعانين إن قوات الاحتلال توغلت في البلدة وصولاً إلى المدرسة الزراعية في شمالها، وان الجرافات شرعت في تجريف الأراضي الزراعية في المنطقة. وأشار إلى أن طائرة عسكرية إسرائيلية أطلقت عدداً من الصواريخ في اتجاه منطقة أبو عواد المأهولة، ما أدى إلى استشهاد حسام نشوان 26عاماً، وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة. وأعرب عن خشيته من أن تكون العملية العسكرية على البلدة بداية عدوان اسرائيلي واسع على قطاع غزة.