عادت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو الى بلادها أمس، بعد ثماني سنوات من المنفى الاختياري، قضتها متنقلة بين بريطانيا ودولة الامارات العربية المتحدة. واحتشد حوالى ربع مليون من أنصارها لاستقبالها لدى وصولها الى مطار كراتشيمسقط رأسها، آتية من دبي. وحشدت الحكومة عشرات الآلاف من رجال الامن والشرطة لحماية موكب بوتو التي سبقت وصولها تهديدات باغتيالها من مجموعات مرتبطة ب"القاعدة"و"طالبان". وأطلت بوتو من الطائرة مرتدية فستاناً أخضر وغطاء أبيض للرأس، وهما لونا العلم الباكستاني، فيما حمل أحد مرافقيها مصحفاً فوق رأسها، ودمعت عيناها. وعندما وطأت أرض المطار قبّلت بوتو المصحف، وحيّت أنصارها ومستقبليها، ثم توجهت في موكب مهيب إلى ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح وسط كراتشي، حيث ألقت خطاباً بمؤيديها. وقالت لوكالة"رويترز"وهي تهبط من الطائرة التابعة للخطوط الاماراتية:"أتوجه بالشكر الى الله وأنا سعيدة جداً لأنني عدت الى بلدي وكنت أحلم بهذا اليوم." ولوحظ ان السلطات الباكستانية خصصت ثلاث سيارات مصفحة لزعيمة"حزب الشعب"، إضافة إلى واقٍ زجاجي مضاد للرصاص وضع فوق شاحنة كبيرة مكّن بوتو من رؤية مؤيديها وتحيتهم. ووصفت بوتو عودتها الثانية إلى باكستان بأنها تختلف عن سابقتها إبان حكم الجنرال ضياء الحق العام 1986، مؤكدة أنها ازدادت خبرة وتجربة، ستستخدمها في إعادة اللحمة الى"فئات الشعب الممزقة". وتحدثت عن العنف المتزايد في إقليم بلوشستان ومناطق أخرى، ما"يهدد المجتمع الباكستاني بتزايد التطرف الديني والعنف والقتل". ودعت قيادات الأحزاب الباكستانية الى تأمين التعليم والطبابة وظروف حياة كريمة للمحرومين. وحرصت بوتو التي تركت عائلتها في دبي، على تأكيد عودتها من دون اتفاق"موقع"مع حكومة الرئيس برويز مشرف، وتعهدت العمل لاستعادة الديموقراطية التي"لا يمكن ان تتعايش مع الديكتاتورية العسكرية". وبذلك حاولت ان تنأى بنفسها عن مشرف الذي تعرضت شعبيته لاهتزاز، على أبواب الانتخابات البرلمانية المقررة في كانون الثاني يناير المقبل. في المقابل، أكدت الزعيمة الباكستانية أنها ستتعاون مع منافسها السابق نواز شريف، رغم تجنبها الحديث عن ميثاق الديموقراطية الموقع بينهما في لندن العام الماضي. ولم تتطرق الى قضية ابعاد شريف لدى عودته الى بلاده أخيراً. وعلى رغم وجود حكم قضائي بسجن بوتو في قضية فساد مالي، فإن السلطات تعهدت عدم التعرض لها، ومعاملتها وفق قانون المصالحة الوطنية الذي يضمن لها الحماية بعد إسقاط تهم الفساد والرشوة عنها، بقرار حكومي. ورافق وصول بوتو تأكيد مسؤولين محليين وجود تقارير استخباراتية عن تخطيط ثلاث جماعات مرتبطة ب"القاعدة"و"طالبان"لشن هجمات انتحارية على رئيسة الوزراء السابقة. وقال حاجي عمر وهو قائد من"طالبان"في اقليم وزيرستان القبلي المحاذي للحدود مع أفغانستان، ان بوتو"أبرمت اتفاقاً مع أميركا، وسنشن هجمات ضدها، مثلما فعلنا مع الجنرال مشرف". واستقبل المستثمرون عودة بوتو بارتياح، اذ سجل مؤشر بورصة كراتشي للأوراق المالية ارتفاعاً كبيراً، بسبب آمال بأن تؤدي عودتها الى الاستقرار والديموقراطية.