بعد نحو عشر سنوات على اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو في حديقة لياقت باغ بمدينة روالبندي، قضت المحكمة الخاصة بجرائم الارهاب بسجن مدير شرطة روالبندي وشرطيين آخرين 17 سنة لإخلالهم بواجبات وظيفتهم في مقابل إطلاق خمسة معتقلين، فيما اعتبرت ان الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف «شخص هارب من وجه العدالة». وفي ظل فشل المدعي العام في إحضار أي دليل على تورط المشبوهين في مقتل بينظير بوتو، وكذلك لجنة الأممالمتحدة في الوصول إلى الجهة التي تقف وراء الاغتيال، ساد مداولات المحكمة اعتراضات من قبل المتهمين وفريق الدفاع الخاص بهم. واعلن المدعي العام في وكالة التحقيقات الفيدرالية إن «الرئيس السابق مشرف لم يمثل أمام لجان التحقيق بحجة وجود خطر على حياته، وغادر باكستان بلا عودة ما يعني عدم اكتمال التحقيق، خصوصاً أن اثنين من المشبوهين قالوا إن مشرف هو المسؤول عن الاغتيال». وتابع: «امتنع ايضاً الرئيس السابق آصف علي زرداري (زوج بينظير بوتو) عن المثول امام لجان التحقيق خلال توليه منصب الرئيس وبعد انتهاء ولايته، فيما ادلى 68 من اصل 121 شخصاً استدعوا للتحقيق بأقوالهم، ما يجعل ملف القضية غير مكتمل». ورافق الاغتيال وقائع غامضة كثيرة، بينها إخلاء مكان الجريمة وغسله بالمياه مباشرة بعد العملية بلا انتظار قدوم الشرطيين والمحققين لمعاينة المكان، وعدم استجواب وزير الداخلية السابق رحمن مالك الذي كان مسؤولاً عن أمن بوتو، وغادر قبل ربع ساعة فقط مكان الجريمة، وكذلك الناطق باسم حزب الشعب فرحت الله بابر الذي قاد سيارة بينظير بوتو إلى منزل زرداري مباشرة بعد الاغتيال، ووجدت نظيفة وخالية من أي بصمات. وايضاً، جرى تغيير القاضي الذي ينظر في القضية 8 مرات خلال عمل المحكمة، واغتال مسلحون مجهولون ب 10 رصاصات المدعي العام في القضية عام 2013. وكان مشرف اتهم بيت الله محسود، الزعيم الراحل لحركة «طالبان باكستان» باغتيال بوتو، وهو ما تنفيه الحركة، فيما رفض إشراك محققين دوليين في القضية، تنفيذاً لطلب حزب الشعب بزعامة زرداري. لكن بعد مرور نحو شهر على الحادث سمح بمعاينة فريق تحقيق تابع للشرطة البريطانية «اسكتلاند يارد» بمعاينة المكان، بلا مشاركة أي باكستاني في التحقيق. وكانت العلاقة بين بينظير بوتو ومشرف ساءت في شكل كبير بعد الاتفاق الموقع بينهما في دبي في تموز 2007، حين سمح مشرف بعودتها الى باكستان والمشاركة في الانتخابات البرلمانية ووقع قانون المصالحة الوطنية الذي أسقط التهم عن حوالى 12 ألف متهم من انصارها واعضاء حركة المهاجرين القومية في كراتشي بارتكاب جرائم مالية وسياسية. لكن بينظير انتهجت بعد عودتها إلى باكستان في تشرين الأول (اكتوبر) 2007 سياسة مغايرة، كما زعم مشرف الذي هدد برفع الحماية التي يوفرها لتنقلاتها، ما اعتبر مشاركة أو تواطؤاً في جريمة اغتيالها، بحسب قادة في حزب الشعب. وعلّقت ابنة بينظير بوتو، آصفة، على الحكم على «تويتر»: «لا نزال ننتظر العدالة ومعاقبة المسؤولين عن اغتيال والدتي الذين يتحركون بحرية. وأضافت: «لن تتحقق العدالة بلا استجواب مشرف على كل جرائمه». في تطور آخر، ادعى مشرف ان داود إبراهيم الذي تتهمه الهند بالوقوف خلف تفجيرات مدينة مومباي عام 1993 قد يكون داخل باكستان التي لن تساعد سلطاتها الهند في البحث عنه. وقال لمحطة تلفزيون باكستانية: لماذا علينا أن نساعد الهند التي تقتل مسلمين في كل المناطق، وقد يكون داود إبراهيم رد عليها بالمثل»، علماً ان إسلام آباد تنفي صلتها بداود إبراهيم أو احتمال وجوده في أراضيها.