واجه النظام العسكري في باكستان ضغوطاً على جبهتين، احداهما من جانب المحكمة العليا التي الغت قرارات اتخذها لابعاد السياسيين المتهمين بالفساد عن الساحة السياسية، والثانية من انصار بينظير بوتو الذين يعتزمون التظاهر مطلع الشهر المقبل، للمطالبة بعودة الحكم المدني. إسلام آباد، كاراتشي - أ ف ب، رويترز - وجهت المحكمة العليا في باكستان أمس، صفعة جديدة الى النظام العسكري برئاسة الجنرال برويز مشرف، باعتبارها بعض بنود مرسوم اصدره الاخير لمكافحة الفساد "مخالفة للقانون". وأعلنت المحكمة العليا في قرارها ان احد بنود المرسوم الذي ينص على تمديد فترة الحبس الاحترازي للمتهمين حتى تسعين يوماً "غير شرعي". وقال القضاة ان الحبس الاحترازي لا يمكن ان يتجاوز 15 يوماً، كما حددوا فترة منع الموظفين المدانين بالفساد من ممارسة مهامهم العامة، بعشر سنوات بدل 21 سنة. ويذكر ان مشرف اصدر مرسوماً لمكافحة الفساد مباشرة بعد الانقلاب الذي نفذه في الثاني عشر من تشرين الاول اكتوبر 1999، لتأكيد رغبة النظام الجديد في الابتعاد عن ممارسات طبقة سياسية يعتبر الباكستانيون ان الفساد يتفشى فيها في شكل كبير. وأقرت المحكمة العليا بشرعية الانقلاب بعد اشهر عدة، وحددت آخر موعد لاجراء انتخابات عامة وعودة النظام المدني في تشرين الاول اكتوبر 2002. وكانت المحكمة العليا اصدرت الاسبوع الماضي قراراً مثيراً اسقطت بمقتضاه الحكم الصادر في نيسان ابريل 1999 في حق رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو وزوجها النائب آصف علي زرداري، ويدينهما بالفساد. واتهمت المحكمة بوضوح القاضي مالك محمد قيوم بأنه منحاز الى رئيس الوزراء حينها نواز الشريف، وقالت: "نحن مقتنعون بأن المحاكمة لم تكن عادلة وجاء الحكم باطلاً نظراً الى انحياز محكمة مكافحة الفساد". ويذكر ان زرداري المعتقل في باكستان وزوجته بوتو التي تعيش في المنفى بين لندن ودبي منذ اعوام عدة، حكم عليهما بالسجن خمس سنوات بتهمة الفساد ودفع غرامة قيمتها 6،8 مليون دولار وحرمانهما من الحقوق المدنية لمدة سبع سنوات. ومنذ اتخاذ المحكمة العليا هذا القرار، أعلنت بوتو عزمها على العودة من منفاها الى باكستان لمواصلة نضالها ضد النظام العسكري. واستبعدت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة اي تسوية مع النظام. واكدت امس، انها مستعدة لخوض الانتخابات وهي في السجن اذا لزم الامر. وقالت: "من الناحية القانونية، يجب ان اكون حرة الا انني مستعدة لكل الاحتمالات. انا اكثر نشاطاً وانا حرة، الا ان السجن عشية الانتخابات، قضية واردة في الحملة الانتخابية". ورأت بوتو ان بلادها تحتاج الى قيادتها لانقاذها من الازمة التي سببها طرد الحكومة التي كانت تقودها. وتعهدت العودة من المنفى الذي فرضته على نفسها قبل اجراء الانتخابات العامة المتوقعة في تشرين الاول اكتوبر 2002. وقالت: "حزبي يصر على ان اترشح وانا مستعدة لقيادته". واشارت الى ان "القوى المناوئة للديموقراطية تهددني بالعواقب الوخيمة اذا عدت، بما في ذلك السجن". وحذرت السلطات الباكستانية زعماء المعارضة من التوجه الى كراتشي، جنوب البلاد، للمشاركة في تظاهرة تسعى المعارضة الى تنظيمها في الأول من أيار مايو المقبل، للمطالبة بعودة الحكم الى المدنيين. وأكدت اسلام آباد ان المشاركين في التظاهرة، ومعظمهم من انصار بوتو، سيعتقلون اذا خالفوا أوامر الحكومة. وعزا وزير داخلية حكومة اقليم السند مختار شيخ منع التظاهر الى قرار اتخذته حكومة برويز مشرف العسكرية بحظر التجمعات السياسية، خصوصاً ان "بعض السياسيين قد يستغلونها".