حرص بعض الفضائيات العراقية على انتاج مسلسلات درامية مستقاة من الحياة البغدادية وتقديمها لمشاهديه خلال شهر رمضان الذي جرت العادة، عربياً، ان يُقدم خلاله أفضل ما يتيسر من أعمال... ومع أن المسلسلات الدرامية العراقية التي أَُنتجت أخيراً اعتمدت مجموعة من أبرز الفنانين العراقيين، من الجنسين، واستعانت بأفضل المخرجين العاملين في هذا الحقل، لم تستطع تجاوز ما يعدّ"خاصية فنية سلبية"علقت بالأعمال الدرامية العراقية بوجه خاص، وبالفنان العراقي حين يقف ممثلاً. وتتمثل هذه الخاصية في بطء الحركة في الأداء والتمثيل، بما يجعل العمل يسير، في الغالب، سيراً رتيباً ابطأ مما عليه الحال في الحياة اليومية، ما يبعث على الملل لدى المشاهد. ومع ان كثيرين من الفنانين الذين يتولون أدوارهم التمثيلية في هذه الاعمال قد شاركوا خلال السنوات الماضية في أعمال درامية عربية، ومع ممثلين ومخرجين من دول اخرى، لم يبد عليهم انهم اكتسبوا الكثير من الخبرة، وكأنهم لا يريدون التعلم إلا من انفسهم! وهم بذلك يتجاهلون تطور الذائقة لدى المشاهد على مر السنين، من خلال الدراما المصرية في حقبة، والدراما الغربية في حقبة تالية بعد انفتاح فضاء البث التلفزيوني أمامه، بكل ما تمتاز به هذه الأعمال: حركة غير مفتعلة تبدو طبيعية الى درجة كبيرة، للممثل، وسلاسة في التعامل والكلام، حديثاً أو حواراً... بحيث يشعر المشاهد وكأنه يشاهد حياة على طبيعتها. وعليه، تبدو مشكلة الممثل العراقي ليست في إمكاناته الفنية، أو في ثقافته الفنية، وانما ذاتية. فهو ما أن يقف على خشبة المسرح، او أمام الكاميرا حتى يداهمه ، ما يمكن ان نسميه ب"التشنج التمثيلي"- أي انه"يقف ليمثل"، والتمثيل عنده يعني- كما يبدو من مراقبة الحالة - تغيير طبيعة الصوت، وطبقته، وافتعال الحركة حدّ التشنّج، وبلوغ الحوار حالة ومستوى لا تناظرهما حالة ومستوى في الحياة اليومية لهذا الانسان... حتى ليحسب المتابع أن الممثل قد صاغ تجربته في التمثيل على"غرار خاص"لا يريد له أن يفارقه، على رغم تغيّر الاشياء طبيعة ومستوىً حياتياً. وتطالعنا هذه الاستنتاجات ونحن نشاهد تحديداً اثنين من الأعمال الدرامية العراقية الجديدة التي بدأ تقديمها مع أول أيام رمضان، على رغم اهمية مواضيعها. المسلسلان هما،"فوبيا بغداد"للمخرج حسن حسني الذي انتجته، وتبثه حصراً"قناة الشرقية"، وپ"الشاعر معروف الرصافي"، الذي تقدمه"قناة السومرية"، وهو من انتاجها.