حصد الراديكاليون والاشتراكيون الصرب ثلث المقاعد في البرلمان الصربي المؤلف من 250 مقعداً نتيجة الانتخابات التي أجريت الأحد، لكن هذه النتيجة لا تكفي الحزبين المصنفين قوميين متشددين لتشكيل حكومة قادرة على الحكم، ما فتح الباب أمام تكهنات حول إمكان تحالف الأحزاب التي تدعم المستقبل الأوروبي لصربيا، وظهر ذلك جلياً في تشجيع الأوروبيين لتلك الأحزاب على الائتلاف للسيطرة على مقاليد الأمور في بلادها وعزل الراديكاليين. وتوزعت مقاعد البرلمان الصربي كالآتي: 81 مقعداً ل"الحزب الراديكالي الصربي"برئاسة فويسلاف شيشيلي المعتقل لدى محكمة لاهاي، يليه"الحزب الديموقراطي"بزعامة رئيس الجمهورية بوريس تاديتش الذي حصل على 65 مقعداً، ثم 47 مقعداً ل"الحزب الديموقراطي الصربي"بقيادة رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا. وحصلت"جماعة 17 للخبراء الإصلاحيين"برئاسة ملادن دينكيتش على 19 مقعداً، فيما حصل"الحزب الاشتراكي الصربي"الذي أسسه الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش على 16 مقعداً، في مقابل 15 مقعداً ل"الائتلاف الليبرالي"برئاسة تشيدومير يوفانوفيتش، و 7 مقاعد لممثلي الأقليات البوشناقية المسلمة والهنغارية والغجرية. وبذلك احتفظ كل من الحزبين"الراديكالي"و"الاشتراكي"بالقوة نفسها التي تزيد على ثُلث عدد الأعضاء التي كانا عليها في البرلمان المنتهية ولايته، ما يجعل الفئات الأخرى، الإصلاحية والقومية المعتدلة، حتى لو اتفقت بينها، عاجزة عن تشريع أي قانون يحتاج إلى موافقة ثُلثي أعضاء البرلمان، من دون تقديم تنازلات إلى القوميين المتشددين أي الراديكاليين والاشتراكيين. وإزاء هذا الوضع، لن تساعد هذه الانتخابات الموقف المرن للفئات الإصلاحية في حل قضية كوسوفو، إذ يشترك القوميون المعتدلون كوشتونيتسا مع الراديكاليين والاشتراكيين، في الرفض القاطع لأي شكل انفصالي لإقليم كوسوفو عن صربيا، خصوصاً أن الدستور الصربي يعتبر كوسوفو إقليماً متمتعاً بحكم ذاتي ضمن الأراضي الصربية، وأن انتهاكه سيكون خيانة وطنية. وعلى رغم أن"الحزب الراديكالي الصربي"لم يقدم برنامجاً بديلاً لحل مشكلات التدهور الاقتصادي والفساد والجريمة المنظمة والحذر من الاستجابة للضغوط الأوروبية التي قامت عليها حملته الانتخابية، فإن قوته الجماهيرية والبرلمانية ستحتم على أي حكومة مقبلة عدم تجاهل القضايا القومية والاجتماعية التي يتبناها الراديكاليون ووفرت لهم الفوز الذي حققوه في هذه الانتخابات. وسيكون تشكيل الحكومة الجديدة مسألة صعبة أمام البرلمان الجديد، إذ لا يمكن تأليف أي حكومة من دون اتفاق بين فئتين من الفئات الثلاث الرئيسية، وهي: الراديكالي والديموقراطي والديموقراطي الصربي. وأكد كوشتونيتسا أن حزبه"الديموقراطي الصربي"لن يدخل في أي ائتلاف إذا لم يتول رئاسة الحكومة، في حين رفض زعيم"الديموقراطي"تاديتش ذلك، معتبراً أن رئاسة الحكومة ينبغي أن تكون لحزبه لأنه سيكون الأكبر في الائتلاف الحكومي مع كوشتونيتسا، علماً أن الأخير لم ينف إمكان إجراء محادثات مع الراديكاليين من أجل تشكيل الحكومة، وهو ما يرفضه الإصلاحيون بزعامة تاديتش. ومعلوم، أن"الحزب الراديكالي الصربي"تأسس عام 1991 على يد فويسلاف شيشيلي 53 سنةً وهو بوسني وليس من صربيا، وليس معروفاً أصله بالضبط وهناك من يقول إنه كرواتي، وهو ذكي جداً وحاصل على الدكتوراه في القانون الدولي، وتحوّل من شيوعي متطرف إلى قومي صربي متطرف. تشجيع أوروبي للديموقراطيين في برلين، رحبت الحكومة الألمانية بقوة بما سمته"انتصار الأحزاب الديموقراطية"في صربيا. وقلل وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير من أهمية حصول الحزب الراديكالي على ثلث مقاعد البرلمان الصربي، قائلاً إن الأحزاب والقوى الديموقراطية ستحتل في المقابل ثلثي المقاعد فيه. وتابع أنه يرى"فرصة كبيرة لتشكيل حكومة تقود صربيا إلى الطريق الأوروبي، بخاصة أن الاتحاد الأوروبي يريد المساعدة". وزاد شتاينماير أن المجلس الوزاري الأوروبي سيبحث قريباً في عقد لقاء رفيع المستوى في بلغراد يشارك هو فيه. وأعرب الناطق الرسمي باسم الحكومة الألمانية توماس شتيغ عن أهمية نتائج الانتخابات النيابية في صربيا والأفق الأوروبي الذي ينتظرها. وأردف أن حكومته"تعتقد بأن من المهم بعد إعلان النتائج العمل بسرعة على تشكيل حكومة قوية وقادرة على الحركة، مع التمني بأن تشكّل خلال الأسابيع المقبلة". ووجد المراقبون في كلام شتيغ تلميحاً إلى التقرير الذي سيقدمه مفوض الأممالمتحدة في كوسوفو مارتي أهتيساري نهاية الأسبوع الجاري وخطورة ما سيتضمن اقتراحه لمستقبل الإقليم بين الاستقلال التام المرفوض من غالبية الصرب والحكم الذاتي المرفوض من الكوسوفيين الألبان. وأضاف شتيغ أن برلين"ستتابع تطور الأوضاع في البلاد وتواكب رغبة مسؤوليه في التقرب من الاتحاد الأوروبي".