أسفرت الانتخابات البرلمانية في صربيا عن خريطة سياسية معقدة تتقاسمها ثلاثة اطراف متباعدة جداً عن بعضها، من دون ان يحصل اي منها على الغالبية المطلقة لتشكيل الحكومة، فيما اصبح هذا البرلمان للمرة الأولى في تاريخه خالياً من تمثيل للأقليات العرقية، ما أثار قلقاً محلياً وبلقانياً وأوروبياً. وأعلنت اللجنة الانتخابية بعد فرز الأصوات امس، ان المتشددين سيحتلون 104 مقاعد: 82 للراديكاليين و22 للاشتراكيين في البرلمان الصربي، كما أكدت اللجنة عضوية زعيمي التيارين فويسلاف شيشيلي وسلوبودان ميلوشيفيتش فيه، وتمتعهما بالحصانة السياسية والمدنية المتوافرة قانوناً للنائب في صربيا، على رغم انهما معتقلان في لاهاي. وحل في المرتبة الثانية القوميون المعتدلون الذين حصلوا على 75 مقعداً: 52 للديموقراطي الصربي برئاسة فويسلاف كوشتونيتسا و23 لحركة التجديد الصربية بزعامة فوك دراشكوفيتش. اما الاصلاحيون الذين أطاحوا ميلوشيفيتش، فسيكون لهم 71 نائباً بعدما تخطت قائمتان لهما حاجز الخمسة في المئة اللازمة لدخول البرلمان فحصلا على 37 مقعداً للحزب الديموقراطي الذي كان يتزعمه رئيس الحكومة الراحل زوران جينجيتش و34 لمجموعة 17 خبيراً برئاسة ميروليوب لابوس. ولم تتمكن 8 لوائح اصلاحية من دخول البرلمان، وأبرز الخاسرين هم: نائب رئيس الحكومة الصربية المسؤول عن شؤون كوسوفو نيبويشا تشوفيتش ووزير الداخلية والعدل دوشان ميخايلوفيتش وفلادان باتيتش. كما اخفقت لائحة الاقليات العرقية التي تمثل مسلمي منطقة السنجاق والألبان جنوب صربيا والهنغاريين في مقاطعة فويفودينا في الدخول الى البرلمان. ويذكر ان زعيم اللائحة هو وزير الاقليات وحقوق الانسان راسم لياييتش. وهذه المرة الأولى التي لا تتمثل الاقليات في البرلمان، الامر الذي اعتبره المراقبون ضربة للجهود المحلية والدولية المبذولة من اجل حل مشكلات الاقليات في صربيا بعدما حقق ذلك تقدماً مهماً خلال السنوات الثلاث الماضية. وأبدى العديد من دول البلقان قلقاً من فوز المتشددين الذي يعيد صربيا الى العزلة، بلقانياً ودولياً". كما ابدى الاتحاد الأوروبي قلقه، فيما دعت باريس القوى الاصلاحية الى اعادة توحيد صفوفها من اجل تشكيل حكومة جديدة. مستقبل الحكومة ولم يتضح فوراً كيف ستشكل الحكومة المقبلة، في ظل الوضع المعقد للبرلمان، اذ يرجح المراقبون ان يجرى اختيار حكومة اقلية من القوميين المعتدلين على ان يتولى راديكالي رئاسة البرلمان، وتُجرى في غضون شهرين انتخابات رئاسية جديدة لانهاء مشكلة بقاء صربيا لاكثر من عام من دون رئيس منتخب. وقد يتفق على انتخابات برلمانية مبكرة جديدة في النصف الثاني من العام المقبل. وبدا نائب رئيس الحزب الراديكالي توميسلاف نيكوليتش راضياً بهذا الوضع، اذ قال: "يكفي حصول حزبنا على ثلث المقاعد، وما يتيحه ذلك من اعاقة اي تغيير للدستور".