تستضيف باريس في العشرين من الشهر الجاري، وطيلة 6 أيام متتالية، عروض الموضة الراقية الخاصة بفصلي الربيع والصيف المقبلين. وبدأت دور الأزياء المختلفة، كعادتها كل عام، حركة نشطة للمناسبة التي تعتبرها الماركات العالمية الشهيرة، محطة لا غنى عنها لترويج منتجاتها، ليس من الأزياء فقط، بل أيضاً الأكسسوارات، كالحقائب والأحذية والأحزمة، وكذلك آخر مبتكرات المكياج والتجميل والعطور. ويبدو واضحاً ان مجرد ابتكار مجموعة من الملابس الجميلة ليس كافياً للفت الأنظار. الأمر الذي يحض الدور على البحث عن وسيلة إضافية لجذب انتباه الإعلام. بما في ذلك اللجوء الى الفضائح، كما فعل جان بول غولتييه، عندما دعا النجمة مادونا إلى الصعود فوق خشبة المسرح في أحد عروضه، مرتدية فستاناً من تصميمه، هو في الواقع نصف فستان فقط. أو حينما قدمت العارضة إيستيل لوفيبور فستاناً للسهرة من تصميم جيانفرانكو فيريه، وهي حامل في شهرها الثامن. لكن عهد الفضائح ولى نوعاً ما، وصارت الدور تبحث عن طرق مختلفة تُحيي فيها الحدث، مثل تقديم عروضها في مكان غريب أو غير تقليدي، يقع خارج باريس، ويزيّن بديكور خلاب مستوحى من فيلم سينمائي ناجح مثلاً، أو أيضاً بواسطة الاعتماد على نجوم من دنيا الفن والسياسة. وغالباً ما تحضر "الرؤوس المتوّجة" العروض في الصفوف الأولى، أو تشارك في تقديمها من طريق ارتداء أحد الأزياء والسير به فوق المسرح. وهناك أيضاً عملية اكتشاف عارضة جديدة، وبناء الدعاية الخاصة بالعرض كله حول هذه العارضة لأسابيع كاملة قبل الحدث. وبالنسبة الى أيام الموضة المقبلة، يتضح من الماركات التي تصنع الاتجاه الخاص لكل موسم جديد، مثل "ديور" و"شانيل" و"جان بول غولتييه" و"كريستيان لاكروا"، أن الأسلوب الذي سيسود الموديلات هذا الموسم، وبالتالي طريقة تقديمها في قاعات وديكورات معينة، هو أسلوب الشارع، أي أن الموضة تستمد معالمها من تلك التي تصنعها المرأة العادية لنفسها يومياً قبل أن تذهب إلى عملها، أو حتى في عطلات نهاية الأسبوع. ما يعني أن حكاية "الشارع" لن تزيد عن كونها قاعدة يبني المبتكر عليها روائع مطرّزة باللآلئ وبأغلى الخيوط، كما فعل جون غاليانو يوماً لحساب دار "كريستيان ديور"، عندما صمم مجموعة راقية مستنداً إلى ثياب الفقراء الممزقة، ما جلب له الكثير من الانتقادات وأجبره على الإدلاء بتصريح، أكد فيه أنه لم يفكر لحظة واحدة في ازدراء المحرومين، بل على العكس، في تقديم الدليل على أن أبسط الأقمشة والموديلات يمكنها أن تتحول إلى روائع إذا وقعت بين أيدي أشخاص يتمتعون بخيال ثري مع بعض الإمكانات المادية.