تشهد باريس تطوراً ملحوظاً في موضتها النسائية الخاصة بالخريف والشتاء 2011/2012، وذلك بفضل التغيرات الحاصلة في عقلية دور الأزياء لجهة الميل العام الى اعتماد سياسة تتناسب مع الآثار التي تركتها الأزمة الاقتصادية الدولية على ميدان الأناقة. إن أول ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد، هو ظهور نخبة من المبتكرين الشباب وأخرى من الأجانب كدلالة على تحول باريس الجدي، من مقر إبداع فرنسي كلاسيكي بحت كما في الماضي، إلى مكان يستقبل المواهب الشابة وأيضاً المغتربة. وهذه الأخيرة تتركز بخاصة في حقل الألبسة الجاهزة بما أن الأناقة الراقية «أوت كوتور» لا تزال حكراً على العلامات الباريسية. وعن الإبداع اللبناني مثلاً، فهو اقتحم الساحة في الآونة الأخيرة وصار يقدم في باريس موضة تحت شعار «كوتور» تحتل مكانة وسطى ما بين الموضتين الجاهزة والراقية وتجذب الكثير من نجمات السينما والاستعراض. واللبنانيون المشاركون هم: إيلي صعب وروبير أبي نادر وجورج حبيقة وزهير مراد وجورج شقرا وربيع كيروز. وهناك من المغرب العربي: بشرة جرار والعملاق التونسي عز الدين علايا الذي عاد الى الساحة بعد غياب عن العروض الرسمية دام ما لا يقل عن عشر سنوات اكتفى المبتكر خلالها بتفصيل موديلات لزبوناته المخلصات ولكن من دون الحاجة إلى واجهة إعلامية. كوكو شانيل موضة الموسم الحالي مفعمة بتأثير رومانسي كلاسيكي مبني على روح السفر ومستوحى من الأدب العالمي ومن الثقافات المختلفة. وأول نموذج حي لذلك هو عمل المصمم الألماني كارل لاغرفيلد لحساب دار شانيل مثلاً، إذ يقدم موضة باريسية كلاسيكية هادئة أصيلة تدمج بين الماضي والمستقبل وتستخدم صرعات زمن الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن العشرين لوضع أسس ما ستكون عليه موضة الغد، فهي تسبق الزمن والصيحات وتحترم ذوق المرأة التي تضع ثقتها في خيال مبتكري العلامات الكبيرة. موضة إذاً بالأبيض والأسود، بالتايور المستقيم والفستان البسيط في مظهره والثري بألف تفصيل وتفصيل في جوهره، بالبنطلونات القريبة إلى الجسد للسهرة ومن ثم العريضة للنهار وعطلات نهاية الأسبوع، أي عين الرومانسية. وشهدت العروض المطروحة حديثاً ظهور علامات قدمت مبتكراتها للمرة الأولى على الأقل في إطار الأسبوع الرسمي للتشكيلات، مثل جوليان فورنييه وجان تامينياو وألكسندر فوتييه الذي نجح على الفور في إثارة اهتمام نجمات من طراز صوفيا لورين وإيزابيل هيوبير وبيونسي وريحانة اللواتي صرن من زبونات علامته. هذا غير الدور الكبيرة التي بدأت تمنح مسؤولية رسم وتنفيذ تشكيلاتها إلى مبتكرين من الشباب، وأولاها دار ديور، التي إثر انفصالها عن جون غاليانو بعد «الفضيحة» التي حدثت في آذار (مارس) الفائت، عمدت إلى الاستعانة بمدير المختبر الفني الخاص بها بيل غيتين، علماً أنها عملية موقتة إلى حين عثور الدار على مصمم نجم يحل مكان غاليانو. ولكن يبدو أن غيتين عرف كيف يجذب زبونات العلامة إلى تصميماته وبدأ بدوره يتحول إلى نجم بارز من نجوم الموضة الباريسية. واستبدلت دار هرميس العريقة المبتكر الخمسيني المخضرم جان بول غولتييه بكريستوف لومير الأصغر منه سناً، مؤكدة أنه سيأتي إليها بأفكار حديثة شيقة وتقدمية تحتاج إليها الموضة في الوقت الراهن. مثلما وقع «أنطونيو ماراس» آخر تشكيلة باسمه لحساب دار كنزو قبل استبداله بالشاب همبرتو ليون الذي سيعمل بمعاونة مبتدئة اسمها كارول ليم.