أكد الرئيسان السوداني عمر البشير والغامبي يحيى عبدالعزيز جامع أمس ضرورة استمرار بعثة الاتحاد الأفريقي في أداء مهماتها في دارفور بعد انتهاء تفويضها في نهاية الشهر الجاري، وطالبا في بيان مشترك في بانجول المجتمع الدولي بتوفير الموارد المالية واللوجستية اللازمة حتى تتمكن القوات الافريقية من مواصلة دورها، في وقت اتفق شريكا الحكم السوداني على وجود صعوبات تعرقل تطبيق اتفاق السلام فى جنوب البلاد بعدما حذر الأمين العام للأمم المتحدة من ان"الاتفاق ينهار في ما يبدو مع تجاهل أو مراوغة من تعهدات مهمة". وأطلع البشير الذي أنهى أمس زيارة الى العاصمة الغامبية، الرئيس جامع على تطورات الأوضاع في السودان بصفة عامة وجهود الحكومة في تحقيق الأمن والسلام في دارفور. وقال البشير إن الهدف من نشر قوات دولية في دارفور خدمة أجندة خفية ليس من بينها الاستقرار الأمني في الاقليم. وأعرب في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس يحيى جامع عن دهشته إزاء قرار مجلس السلام والأمن الأفريقي إرسال ثمانية آلاف من قوات الاتحاد الأفريقي الى الصومال في الوقت الذي يدعي المجلس عدم قدرة الاتحاد على استمرار مهماته في دارفور، مشيراً إلى أن نقل مهمات قوات الاتحاد الأفريقي إلى قوات أممية سيتكرر في الصومال. وقال إن الحجة كانت عدم وجود تمويل لاستمرار القوات في دارفور، مشيراً إلى ان جامعة الدول العربية تعهدت تمويل تلك القوات لمدة ستة شهور حتى نهاية العام. وأضاف البشير ان الأمر الذي يزيد من مخاوف السودان من القوات الدولية هو عدم اهتمامها بالأمن والسلام في دارفور وانما الغرض هو"خدمة اجندة خاصة". في غضون ذلك، أكد مستشار رئيس الجمهورية الدكتور غازي صلاح الدين ان تنفيذ اتفاق السلام الشامل حقق تقدماً ملحوظاً، وشدد على وجود مشاورات بين طرفي الاتفاق المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتنفيذ كل نصوص الاتفاق. واعتبر صلاح الدين ان كثرة التفاصيل المضمّنة في ثنايا الاتفاق والاجتهادات في التفسير قد تعيق سير التنفيذ، لكنه اشار الى وجود لقاءات ومشاورات بين الشريكين لازالة اي لبس أو عائق أمام التنفيذ، وأكد اكتمال الهياكل كافة التي منها حكومة جنوب السودان ومجلس الولايات إلى جانب توزيع الموارد بحسب الاتفاق بنسبة 90 في المئة و"هي نسبة مقبولة". وقال انه"لا يتوقع ان يكون هناك اتفاق واجماع في كل القضايا، لكننا بالنقاش المستمر والحوار يمكن ان نتجاوز أي خلافات". أما الناطق باسم"الحركة الشعبية لتحرير السودان"ياسر عرمان فأشار من جهته إلى أن هناك قضايا لم تنفذ مثل بروتوكول منطقة أبيي الغنية بالنفط المتنازع عليها. وذكر ان قضايا النفط والترتيبات الأمنية والتحول الديموقراطي والانتهاكات التي تحد من حرية الصحف والإعلام وحرية التجمع السلمي والتظاهر تخضع لعمليات تشاور بين الشركاء على المستوى القيادي. وأضاف:"نحن الآن فى جوبا عاصمة جنوب السودان مجتمعون وسنقوّم الاتفاق تقويماً دقيقاً". وتابع:"نحن مصممون على المضي قدماً في تحقيق التقدم الديموقراطي عن طريق تنفيذ الاتفاق وهذا طريق صعب وشائك ومعقد ويحتاج الى عمل كثير ونحن نتطلع للعمل مع شركائنا في المؤتمر الوطني واحترام الدستور والاتفاقية بحذافيرها عملاً ونصاً". وحول قضية تقرير مصير الجنوب، قال عرمان ان تقرير المصير"لا يمكن تأجيله فهو قضية منصوص عليها في الاتفاقية لكن هذه محطة لم يفصل فيها بعد". وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وجه في تقرير قدمه الى مجلس الأمن انتقادات شديدة لكيفية تطبيق بنود اتفاق نيفاشا وحذر من ان"الاتفاق ينهار في ما يبدو مع تجاهل أو مراوغة من تعهدات مهمة"، وانتقد في هذا السياق ما اسماه عرقلة الحكومة السودانية لاستيراد الاحتياجات وإخفاقها في اعتماد تشريعات ذات أهمية، وندد بعدم وفاء المجتمع الدولي بتعهداته بالمساعدة في إعادة إعمار الجنوب. في غضون ذلك، وصفت وزارة الخارجية الأميركية الرد الرسمي للسودان على رسالة شخصية بعث بها الرئيس جورج بوش الى الخرطوم لقبول قوة للأمم المتحدة في دارفور بأنه"غير مُرض". واجتمع وزير الخارجية السوداني لام أكول مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في واشنطن الاثنين وسلمها رد الرئيس البشير على نداء بوش الى السودان للسماح لقوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة بأن تحل محل قوة الاتحاد الافريقي التي تحاول إنهاء العنف في دارفور. وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية شون مكورماك"تلقينا فحوى الرد السوداني وهو غير مُرض". وزارت المبعوثة الاميركية جينداي فرايزر الخرطوم أخيراً لتسليم رسالة بوش الى البشير. وفي لفتة ديبلوماسية جافة في ما يبدو، لم يستقبل بوش وزير خارجية السودان لسماع رد البشير. وقال مكورماك"بالقطع فإن الرئيس بوش لن يجلس هناك ويستمع الى الرد الذي نقله وزير الخارجية الى وزيرة الخارجية". واضاف ان أكول حاول التركيز على تحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة بدل قبول قوة للأمم المتحدة عندما ينتهي التفويض الممنوح للاتحاد الافريقي في دارفور في 30 أيلول سبتمبر. وجدد مكورماك قلق الولاياتالمتحدة من ان السودان يعزز قوات جيشه في دارفور وأنه شن هجمات جوية جديدة في المنطقة النائية في غرب البلاد. وفي الإطار ذاته، رفض الجيش الحكومي اتهام الاتحاد الأوروبي له بقصف المدنيين في اقليم دارفور بطائرات انتونوف روسية الصنع. ووصف مكتب الناطق باسم الجيش الاتهامات الأوروبية ب"الكلام الكاذب"وقال ان القوات الحكومية تستخدم في هذه المنطقة المروحيات للعمال الإدارية فقط. وأضاف ان الطيران في المنطقة محدود جداً بحسب اتفاق ابوجا. ووصف الاوضاع الامنية في دارفور بأنها مستقرة نسبياً.