بعدما طال أمد الازمة بدارفور، تخطى مجلس أمن الأممالمتحدة الحكومة السودانية ومعارضتها وجود قوات حفظ سلام دولية على أراضيها، وصادق على قرار نشر هذه القوات بدارفور. فمنذ 2003، أودت جولات القتال والازمة الإنسانية بحياة نحو 180 ألف شخص على أقل تقدير. وأدت الى نزوح أكثر من مليوني دارفوري من سبعة ملايين. وتوسل الرئيس السوداني عمر البشير خطاباً اسلاموياً للتستر على نزاع لا يمت الى المعتقدات بصلة. فالحرب بدارفور هي حرب بين مسلمين مدارها على الارض والمياه وتقاسم الثروات. وتفشت حرب الفقراء هذه في دول الجوار. وفي ربيع 2003، هاجم"جيش تحرير السودان"حامية جند الجيش السوداني. ونسبت الحكومة السودانية الهجمات الى"أفارقة"يناهضون جيش السودان"العربي". والحق أن تمييز"العرب"من"الأفارقة"المزعومين صعب بالسودان. فالبشرة السوداء والديانة تجمعان بين الفريقين. والإفريقي، بحسب هذا التمييز، هو من ليست لغة الضاد لغته الام. ولكن اللغة العربية هي اللغة السائدة بالسودان. وهي لغة التجارة والتبادل الثقافي هناك. وتتحدث معظم العائلات بدارفور، سواء كانت عربية اللسان أم لا، العربية في البيت. ففي هذه المنطقة، تكثر المصاهرة بين"الافارقة"و"العرب". ومنزلة العربية بدارفور هي شأن منزلة الفرنسية بفرنسا. ولا شك في ان الولاء للحكومة، أو للفصائل المتمردة، يحدد"أصل وفصل"جماعة ما بدارفور، وينسبها الى العرب أو الافارقة. فإذا والى قسم من قبيلة الحكومة، اعتبر هذا القسم"عربياً"، واعتبر القسم الثاني منها، وهو الخارج على موالاة الحكومة، إفريقياً. واندلعت الازمة بدارفور مع مشارفة النزاع بين الجنوب السوداني المسيحي والإحيائي، والشمال المسلم، على الانتهاء بعد الاتفاق على تقاسم الثروات والمناصب السياسية والادارية. وعلى رغم انتمائهم الى شمال السودان، يرى أهالي دارفور أنهم مهمشون. وتشهد دارفور نزاعاً تقليدياً بين البدو والحضر. وفي العقدين الماضيين، فاقم الجفاف حدة هذه النزاعات، وعزز الانقسامات بين البدو الحضر. وعوض استعانتها بجيشها الضعيف والقليل العدد، لجأت الحكومة السودانية الى ميليشيات محلية على ما فعلت بدارفور، وأوكلت إليها محاربة"الافارقة"بالنيابة عن الجيش السوداني، المتحدر في غالبيته من دارفور. وتسعى هذه الميليشيات الى"تعريب"دارفور. حيث يرتبط النزاع بالسياسات الداخلية السودانية والخارجية. ويستعمل حسن ترابي"حركة العدالة والمساواة"المسلحة لتحقيق مآربه. فعلى رغم تنحيته عن السلطة، في 1999 على أثر تقرب السودان من الولاياتالمتحدة، يحلم الترابي ببعث الاسلاموية بالسودان، وتجنيد المسلمين كلهم،"أفارقة"وعرباً"، في صفوف حركته. ويندد الترابي باتفاق السلام مع جنوب السودان. وفي الأثناء، بلغت حرب دارفور تشاد، ملجأ قبائل دارفور. وأرسل الرئيس التشادي ادريس ديبي جنوده الى دارفور لحماية أبناء إتنيته وقومه. وباتت مخيمات النازحين بتشادتربة خصبة لمتمردي دارفور. ولم تتوان قوات الجنجاويد الميليشيات المحلية عن اجتياز الحدود لمهاجمة هذه المخيمات. ولم تكتف السلطات السودانية بمهاجمة هذه المخيمات، بل استقبلت على أراضيها مجموعات تشادية متمردة على النظام الحاكم. وصالح الرئيس الليبي معمر القذافي التشاد والسودان في هذا الصيف. ولكن الحابل اختلط بالنابل بدارفور. وباتت الحرب بين الأطراف كلها، أي بين"جيش تحرير السودان"، الراضي عن اتفاق السلام، وبين مجموعة انشقت عنه و"حركة العدالة والمساواة". واستأنف الجنجاويد نشاطهم. ومع انتهاء موسم الامطار، قد يحتدم النزاع على السلطة. وهذه شرط توزيع الثروات في بلد اقتصاده بدائي. عن بيار برييه،" لوفيغارو "الفرنسية، 5/9/2006