اعلن الرئيس السوداني عمر البشير، أمس، التعبئة العامة لفرض الأمن والاستقرار في اقليم دارفور في غرب البلاد، وأمر قواته بضبط ومطاردة ونزع أسلحة ميليشيات "الجنجاويد" المتحالفة مع الخرطوم ومجموعات أخرى، وذلك قبل أقل من يوم من إعلان واشنطن اعتزامها فرض عقوبات على مسؤولين رسميين تحملهم مسؤولية أزمة دارفور، وتهديد تشاد بسحب وساطتها بين الحكومة و"متمردي دارفور". وتعهد البشير في بيان سياسي فجر أمس بنزع أسلحة المجموعات المسلحة "تمرد وجنجاويد وتورا بورا وبيشمركة"، في اشارة إلى "متمردي دارفور" وميليشيا "الجنجاويد" ومقاتلي القبائل غير العربية الذين يطلقون على أنفسهم "تورا بورا" أي "المجاهدين الأفغان" وميليشيا القبائل العربية "البيشمركة"، وهو الاسم الذي تُعرف به القوات الكردية في العراق. وأمر الرئيس السوداني بمنع أي مجموعات من عبور الحدود التشادية. ووجه بانشاء نيابات ومحاكم لمعاقبة عصابات النهب والمجرمين من دون تباطؤ ونشر قوات الشرطة وحماية المدنيين وتأمين عودة النازحين واللاجئين الى قراهم. كما وجه الوزارات بإنجاح الموسم الزراعي وتنفيذ برامج التنمية العاجلة والخدمات الضرورية تحت اشراف مجلس الوزراء، ودعا الى حملة لاعادة النازحين وتوفير المأوى والطعام والكساء ودعم النسيج الاجتماعي والمبادرات وصولاً الى مؤتمر جامع لحل أزمة دارفور. وانتقد البشير الحملة الاعلامية التي تطال بلاده بسبب قضية دارفور، وقال انها جاءت لتحجب عن الناس رؤية الحقيقة. وزاد: "ما حدث في دارفور كان أمراً دامياً وقاسياً على أبناء الشعب". وجدد التزام حكومته باتفاق الهدنة مع "متمردي دارفور" واعتبر أمن تشاد جزءاً لا يتجزأ من أمن السودان. وتابع: "لن نسمح لأي جهة بزعزعة الأمن والاستقرار في تشاد". وجاء موقف الرئيس السوداني في وقت هددت تشاد بتعليق وساطتها بين الحكومة و"متمردي دارفور" احتجاجاً على عبور مجموعات مسلحة أراضيها من دارفور. واتهمت ميليشيات "الجنجاويد" بتهديد امنها ونقل الصراع الى اراضيها. واتهم مستشار الرئيس التشادي احمد علام "الجنجاويد" باستمالة وتجنيد مجموعات عربية تشادية معها في مواجهة الجيش التشادي، محذراً من ان تحريك المجموعات التشادية التي اوقفت قتال الحكومة في 2002 سيحوّل الصراع الى حرب اثنية بين القبائل العربية والمجموعات الافريقية على حدود البلدين. وقال: "هناك مخاطر من اتساع نطاق المشاكل القبلية في السودان لتمتد الى تشاد". وزاد: "ميليشيات الجنجاويد تسعى الى كسب تأييد القبائل العربية وتحاول جرها في مغامرة ضد اشقائهم في تشاد". واضاف ان هذا الأمر من شأنه دفع حكومة تشاد الى اعادة النظر في دورها "وسيطاً بين الاطراف السودانية". وجرى اشتباك عنيف بين ميليشيا "الجنجاويد" والجيش التشادي في منطقة بيراك شمال شرقي تشاد قُتل فيه 69 من "الجنجاويد". واعلنت واشنطن ليل الخميس - الجمعة انها تخطط لفرض عقوبات على مسؤولين سودانيين تحملهم مسؤولية ازمة دارفور. وقال ناطق باسم الإدارة الأميركية "اننا ندرس مسألة فرض عقوبات على مسؤولين سودانيين في شكل جدي". واضاف: "اننا ندرس المعلومات المتوافرة من اجل تحديد من هم الاشخاص الذين يمكن اعتبارهم مسؤولين عن الوضع في دارفور". الى ذلك، يتوجه الى فرنسا اليوم وفد حكومي برئاسة مسؤول ملف دارفور في الحزب الحاكم الحاج عطا المنان لاجراء محادثات مع قادة "حركة العدل والمساواة" احد الفصيلين الرئيسين في دارفور. وفي أسمرا، أفيد ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان كلف الوزير الهولندي السابق جان برونك ممثلاً شخصياً له في الخرطوم وقيادة بعثة حفظ السلام في السودان ومراقبة اتفاق السلام بين الحكومة و"الحركة الشعبية" بزعامة الدكتور جون قرنق.