قللت الخرطوم أمس من أهمية تصريحات الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان التي حمّل فيها الحكومة السودانية مسؤولية"الاعمال الوحشية التي تقع في دارفور إذا لم يُسمح للقوات الدولية بمساعدة السكان". وأعلنت أنها لا تمانع في استمرار القوات الأقريقية التي تنتهى مهماتها في الإقليم نهاية الشهر، لكنها تمسكت بموقفها الرافض لنشر قوات دولية، فيما أكدت القاهرة إنها تجري اتصالات مع الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي من أجل تأمين بقاء القوات الافريقية في دارفور حتى نهاية العام الجاري. وأكد الرئيس السوداني عمر البشير مجدداً رفض بلاده القاطع لقرار مجلس الامن الرقم 1706 الذي يدعو إلى نشر قوات دولية في دارفور. وقال في كلمة ألقاها في الاحتفالات بالذكرى السابعة لتأسيس الاتحاد الافريقي في مدينة سرت الليبية أمس، إن"القرار بدخول قوات أممية إلى دارفور، من دون اعتبار لطلب السودان وجامعة الدول العربية بإعطاء المزيد من الوقت للحوار والتشاور هو قرار جائر ... أؤكد رفض السودان القاطع والصريح لهذا القرار الجائر". وشدد على أن حماية مواطني الإقليم هي"مسؤولية الدولة وواجبها"، مجدداً تمسك الخرطوم"ببعثة الاتحاد الافريقى لاكمال مهمتها". غير أنه أضاف أن"الاتحاد الافريقي إذا تعثرت مهمته أو فشلت لأي سبب كان، فعليه التوقف عن اداء مهامه والانسحاب من السودان بعد تسليم كل المهام للحكومة السودانية". ودعا الى"تعزيز قدرات الاتحاد الافريقي، والخبرات الضرورية لاستكمال مشروع الامن الافريقي"، معتبراً ان التذرع بنقص الموارد المالية للقوات الافريقية"امر غير مقبول". وقال مسؤول رئاسي سوداني في لقاء مع عدد من الصحافيين أمس حضرته"الحياة"إن موقف حكومته من نشر القوات الدولية"لم يتزحزح ولن يتغير مهما كان الثمن". وأكد أنها لن تستجيب الى الضغوط والتهديدات، مشيراً إلى أن"خبرة 17 عاماً من لغة التهديد والوعيد خلقت لدينا مناعة كافية للتعامل مع مثل هذه المواقف". وجدد استعداد حكومته للحوار والتفاهم وعدم رغبتها فى المواجهة"لكن ليس على حساب السيادة والكرامة والمبادىء المعلنة". وأشار إلى أن مسؤولين من مجلس السلم والأمن الأفريقي سيزورون الخرطوم خلال أيام لإجراء محادثات مع المسؤولين في شان مهمة القوة الافريقية في الإقليم، قبل اجتماع المجلس في نيويورك في 18 الجاري لاتخاذ قرار بتمديد مهماتها أو انهائها، استعداداً لانتهاء تفويضها نهاية الشهر. واضاف المسؤول الرئاسي أن"الحكومة لا تمانع في منح الاممالمتحدة دوراً في تطبيق اتفاق سلام دارفور وتعزيزه، لكن ليس عبر نشر قوات عسكرية"، باعتباره من"الخطوط الحمر ولن يكون محل مساومة". ورأى أن"من الافضل للمنظمة الدولية التفاهم والحوار مع الخرطوم، بدلاً من السعي عبر طرق ملتوية لن تجدي ولن تفيد، بل تعطل وتعقد جهود تنفيذ السلام وتزيد الاوضاع سوءاً في دارفور". في غضون ذلك، تراجع الناطق باسم الخارجية السودانية السفير جمال محمد ابراهيم عن تصريحات نسبت اليه أمس عن استعداد الخرطوم للحوار مع الاممالمتحدة لنشر قوات دولية في دارفور. وقال للصحافيين أمس إن تصريحه"جرى تحريفه". وكانت وكالة"فرانس برس"نقلت عن إبراهيم أن السودان"لم يغلق باب الحوار مع المجموعة الدولية بخصوص الوضع في دارفور". وأضاف أن"مخاوف الامين العام للامم المتحدة من تدهور الوضع الانساني في الإقليم غير مبررة". وكان أنان هدد الجمعة بتحميل زعماء سودانيين المسؤولية عن"الاعمال الوحشية التي تقع في دارفور اذا لم يسمح للقوات الدولية بمساعدة السكان". وقال للصحافيين إن الاتحاد الافريقي اذا انسحب واستمر المسؤولون السودانيون في رفض قوات الاممالمتحدة"فإنهم يضعون انفسهم في موقف ربما يتم فيه تحميل القيادة في شكل جماعي وفردي المسؤولية عما يحدث للناس في دارفور". وأضاف أن"الرسالة التي أحاول أن أوصلها إلى الحكومة السودانية هي ان المجتمع الدولي لن يأتي كقوة غازية ولكن في شكل أساسي لمساعدتهم على حماية الناس. ولو كانت الحكومة قادرة على فعل ذلك بنفسها فلا أعتقد اننا كنا سنجري هذه المناقشة". ونفت الحكومة السودانية مجدداً أن تكون طلبت من الاتحاد الأفريقي سحب قواته من دارفور بحلول نهاية الشهر الجاري. وشددت على حقها في رفض نشر قوات دولية. وقال نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه في تصريحات امس إن"على قوات الاتحاد الأفريقي الانسحاب وتسليم المهمة إلى الحكومة السودانية إذا أصر الاتحاد على التخلي عن مهمته المحددة وفقاً لاتفاق أبوجا وتحويل دوره إلى الأممالمتحدة". وأشار إلى أن"تحويل قوات الاتحاد إلى نواة للقوات الدولية يمثل نقضاً كاملاً لاتفاق أبوجا"، مؤكداً أن"الحكومة السودانية ستتدخل في هذه الحال لتسلم مهمة حفظ الأمن فى دارفور". ونفى نائب الرئيس السوداني احتمالات توسيع نطاق القتال في دارفور. وقال إن"الأطراف المتورطة في المعارك تنتمي إلى جماعات لم توقع أصلا على اتفاق أبوجا". في غضون ذلك، أ ف ب قال وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط إنه أجرى اتصالات مع انان واعضاء مجلس الامن واعضاء مجلس السلم والامن الافريقي لتأكيد"اهمية استمرار الاتحاد الافريقي في القيام بمهمة حفظ السلم في اقليم دارفور حتى نهاية العام الجاري". واعتبر ان استمرار وجود القوات الافريقية خلال الشهور الثلاثة المقبلة ضروري لاتاحة الفرصة لحوار يفضي الى اتفاق بين الحكومة السودانية والاممالمتحدة. وأشار إلى أنه اكد خلال الاتصالات التي اجراها أهمية"عدم التعجل في نقل الولاية الى الاممالمتحدة والاستفادة من الاشهر المتبقية قبل نهاية العام لإجراء حوار بناء يسهم في التوصل الى اتفاق بين الاممالمتحدة والحكومة السودانية".