ربما نختلف مع حركة حماس سياسياً، وربما نذهب بعيداً في تقويمنا للأمور وكيفية التعامل معها، ونصحو وننام في تنافس شريف على خدمة قضيتنا، لكن يجب ألا نختلف حول بديهيات حقوقنا، فالمقاومة حق لا يختلف عليه اثنان، حق كفلته جميع المواثيق الدولية والشرائع السماوية، خصوصاً ونحن ندفع دم أبنائنا على مذبح الوطن المستباح ليل نهار. عملية الوهم المتبدد البطولية لم تكن ضد مدنيين، بل استهدفت أحد المواقع العسكرية التي تساند وتحمي من يهاجموننا ويعتدون علينا للنيل من صمودنا وربما اتفاقنا الوشيك، ويستهدفون أطفالنا ونساءنا وشيوخنا، ولا نقول مقاومين، فالأبطال الشهداء لا نبكيهم كونهم نالوا الشهادة أحراراً ووقوفاً كالأشجار. يجب ألا نخلط الأمور فنجلد أنفسنا أكثر مما تجلدنا سياط أعدائنا، فبصرف النظر عن الزمان علينا ألا نتناسى المكان، وبصرف النظر عن العواقب يجب ألا ننسى حق عائلة غالية علينا وحق كل طفل بريء استشهد بيد عدو غاشم ظالم لا يعرف الرحمة. المحتل بكل عنجهيته العسكرية لا يستطيع أمام عملية كهذه أن يرفع رأسه، كما لا تستطيع آلة أعلامه الجبارة داخلياً أو خارجياً إلا الاعتراف بنوعية وخطورة هذه العملية وما كشفته من إخفاق مدوٍ على الصعيدين العسكري والاستخباري. أتفهم ويؤازرني الكثيرون من أبناء شعبنا مدى قلق الرئاسة الفلسطينية من تداعيات وخطورة العواقب المحتملة على أهلنا في قطاع غزة، ولكن هنا علينا ألا ننسى أن شعبنا الفلسطيني في القطاع لم يهنأ يوماً واحداً ومنذ أكثر من شهرين تحديداً بالهدوء من دون اعتداء إرهابي يستهدف المدنيين في معظمه، وعليه يجب أن يبدأ فوراً ترسيخ ماهية المقاومة ومفهومها وتوافقنا حول ضرورة حصرها في الأراضي المحتلة في العام 1967، وتجنيب المدنيين مآسي الصراع، وهما العاملان اللذان لم تجتازهما هذه العملية بأي حال من الأحوال، فهي جاءت ضد موقع عسكري يقع جغرافياً ضمن حدود العام 1967، ولا يوجد فيه مدنيون. من هنا على الجميع أن يرسخ مفهوم العمل العسكري المستهدف لمواقع عسكرية بالإشارة اليه كعمل مقاوم لا يُرفض ولا يُشجب ولا يُدان اللهم فقط في بعض اختياراته الزمنية، وحتى يمكننا غداً أن نقول وبصوت عال لا لأي عمل عسكري أو فدائي يستهدف مدنيين على طرفي الصراع، فالعالم من حولنا وانتهازاً للفرص يخلط عمداً الحابل بالنابل، فيسمي المقاومة إرهاباً، ويعطي الإرهاب حق الدفاع عن النفس. فكما أصبحنا بفعلنا الديموقراطي نموذجاً يحتذى، علينا أن نكون هكذا في توضيح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فنصل الى ما عجز عنه العالمان العربي والإسلامي على صعيد الخلط بين مفاهيم المقاومة وآدابها، وحقيقة وجه الإرهاب الحاقد، لا أن نخطئ في مواقفنا بين مؤيد ومعارض ومستغرب ومتردد فيصبح أول الرقص حنجلة. أحمد زكارنه - كاتب وصحافي فلسطيني - بريد الكتروني