تحولت الأحياء المجاورة لحي الحصبة، في العاصمة اليمنية، امتداداً إلى شارع عمران شمالاً وشارع الثلاثين المتفرع منه غرباً، ساحة حرب بدأت عند الثالثة فجر أمس، بالتوقيت المحلي، مناوشات خفيفة بين مسلحين قبليين مؤيدين للمعارضة وآخرين موالين للنظام. وسرعان ما تصاعدت وتيرة المناوشات للتحول مواجهات، تبادل خلالها الطرفان نيران الأسلحة المختلفة والقذائف. فيما تصاعدت حرب كلامية موازية بين علماء دين معارضين وآخرين مؤيدين. وأكد شهود عيان أن قوات الفرقة الأولى مدرع المنشقة ساندت مسلحي القبائل المناوئين الذين يتبعون الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد، فيما دعمت قوات الحرس الجمهوري مسلحي القبائل الموالين للنظام أتباع الشيخ صغير بن عزيز أحد مشايخ محافظة صعدة. وقال الشهود إن الطرفين تبادلوا القصف بمختلف الأسلحة من خلف المتاريس والخنادق التي يتمركزون فيها، وإن القصف أصاب عدداً من المنازل والبنايات السكنية المحيطة بالمنطقة. وجاءت المواجهات بعد ساعات على تحذير نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من أن تفجير الوضع عسكرياً سيؤدي إلى انزلاق اليمن إلى الحرب الأهلية. وفي هذا الإطار تزايدت المخاوف من انحسار الفرص السلمية لإنهاء الأزمة الراهنة، مع إقحام أطراف الصراع في السلطة والمعارضة لعلماء الدين في محاولة كل طرف استقطابهم. ففي حين أفتى علماء معارضون بوجوب الخروج على نظام الحكم القائم وإباحة كل وسائل التظاهر والاحتجاج والاعتصام كحق مشروع لتغيير النظام، اعتبرت «جمعية علماء اليمن» المؤيدة للحكم، في اختتام مؤتمر عقدته في صنعاء تحت شعار «نحو رؤية شرعية واضحة»، أن «الخارجين على ولي الأمر بالسلاح في حكم البغاة». وأفتى العلماء في توصياتهم ب «تحريم الخروج على ولي الأمر بالقول أو بالفعل وتحريم التظاهرات في الشوارع العامة»، وأن قيام القوات الحكومية والأمن بحماية المنشآت «جهاد في سبيل الله». وحض البيان اليمنيين على التزام «بيعة ولي الأمر»، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2006 وفاز فيها الرئيس علي عبدالله صالح. وتضمن بيان العلماء حيثيات «تحرم سفك الدماء وإزهاق الأرواح والتسبب في ذلك، والاعتداء على المعسكرات والجنود الذين يقومون بواجب حفظ الأمن والنظام في البلاد، والتعدي على المنشآت الخدمية والممتلكات العامة والخاصة، وعلى المساجد بالتمترس وإثارة الفتن فيها والاعتداء على المدارس والجامعات وإغلاقها أمام طلاب العلم، إضافة إلى حرمة ترويع وتخويف الآمنين بإطلاق الأعيرة النارية في الأحياء والمناطق السكنية والتظاهرات والاعتصامات الحالية في الطرقات العامة والأحياء السكنية وما يحدث فيها محرمة شرعاً وقانوناً لما يترتب عليها من مفاسد كسفك الدماء والتعدي على الأمن وقطع للطرقات وإقلاق للسكينة العامة ولما تحمل من شعارات مخالفة للشرع، وتحريم الاستجابة للدعوات والمخططات المغرضة الداخلية والخارجية الداعية لتفريق الأمة وتمزيق الوطن، وتضليل الشباب وتعبئتهم والزج بهم في أعمال العنف، وحرمة الاعتداء على الأعراض والاستهانة بها من خلال السب والقذف والتشكيك في النوايا والمقاصد والتهديدات والتصوير المسيء». ودعا بيان العلماء جميع الأطراف «رفع المظاهر المسلحة حقناً للدماء وتحقيقاً للأمن والاستقرار، ودعوة ولي الأمر إلى العمل على إزالة المظالم والتوجيه بسرعة البت فيها». ووصفت المعارضة اليمنية بيان «جمعية علماء اليمن» بأنه صادر عن «علماء السلطة وأنه يجيز للنظام استباحة دماء اليمنيين وقمع تظاهراتهم المشروعة ضد النظام». في حين اعتبره رجال دين معارضون للنظام «مخالفاً للدين وموقفاً مضللاً يخدم النظام باسم الدين»، محذرين من عواقبه في إباحة دماء اليمنيين ومن شأنه تعريض حياة كل من يعارض النظام للموت بغطاء ديني يمنح النظام تصريحاً بقتل معارضيه».