ليس مستغرباً ان يدلي وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بتصريح يبدي فيه استعداد بلاده للبحث في مسألة تعليق تخصيب اليورانيوم، كما قال امس، لولا ان الرئيس محمود احمدي نجاد سبقه قبل 24 ساعة الى تأكيد ان بلاده ترفض وقف التخصيب وهي لن تتجاوب بالتالي مع قرار مجلس الأمن الذي يطالبها بذلك. وعلقت مصادر في طهران على هذا التناقض في التصريحات بين الوزير ورئيسه، بالقول:"يبدو ان القيادة الإيرانية اتخذت قراراً باتباع سياسة كربلائية في الملف النووي، أي، إما الحصول على ما تعتبره ايران من حقها وإما الوصول الى حدود المواجهة السياسية"، مع"محاولة إبعاد كأس المواجهة العسكرية ما أمكن من دون التخلي عن الصدقية الوطنية والسياسية". ولتفادي الحيرة بين هذا الموقف وذاك، ينصح المراقبون المتمرسون في طهران بمراقبة مواقف المسؤول الأول عن الملف النووي، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني الذي ينسق تنسيقاً كاملاً ومباشراً في هذا الشأن مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي. لكن قراءة متأنية لتصريحات متقي ولاريجاني، تظهر على رغم رفض طهران القرار الدولي الرقم 1696، انها لا تغلق الباب نهائياً في وجه امكان البحث في موضوع تعليق التخصيب اذا كان ذلك نتيجة مفاوضات، انطلاقاً من موافقة ايران"مبدئياً"على الاقتراح الأوروبي الذي تضمن اشارة واضحة الى موضوع التخلي عن التخصيب على الأراضي الإيرانية. وفي هذا الإطار، ابلغ لاريجاني نائب وزير الخارجية الصيني شويي تيانكاي الذي التقاه في العاصمة الإيرانية امس، ان"أزمة الملف النووي ليست معقدة الى درجة انه لا يمكن حلها عن طريق الحوار"، في اشارة جديدة الى استعداد ايران البحث في موضوع التعليق في مقابل ضمان حقها مستقبلاً في امتلاك تقنية إنتاج الوقود النووي على أراضيها، ووضع جدول زمني محدد لاستعادة ايران هذا النشاط في فترة تتراوح بين خمس وثماني سنوات تسمح لها ببناء المنشآت المخصصة لذلك، أي توسيع أجهزة الطرد المركزي بحيث تصبح قادرة على إنتاج الوقود. وبمعزل عن لهجة التشدد التي يحلو لنجاد استخدامها، فإن ثمة اجماعاً لدى القيادة الإيرانية على"وجوب ان تمتلك ايران القدرة على إنتاج الوقود النووي"، لكن المسؤولين يعبّرون عن ذلك بطرق مختلفة، معتبرين في الوقت ذاته ان"اصدار قرار من مجلس الأمن لم يكن صحيحاً"وأن"طريق المفاوضات وحده المنطقي"، كما قال لاريجاني امس. ولم يستبعد المسؤول عن الملف النووي الإيراني لجوء مجلس الأمن بحلول المهلة التي حددها في 31 الشهر الجاري، الى اصدار قرار بفرض عقوبات اقتصادية و"هذا أمر ليس سهلاً، لأنه سيكون لغير صالحهم دول الغرب، لكنه لن يؤثر في الإرادة الإيرانية". من هنا يمكن قراءة تصريح وزير الخارجية الإيراني الذي اكد ان"الطلب غير المنطقي لتعليق التخصيب يمكن البحث فيه خلال المفاوضات"، مشدداً على ان قرار مجلس الأمن"لا قيمة له بالنسبة الى ايران"التي"لن تتراجع عن حقوقها تحت أي ظرف". واتهم متقي في شكل غير مباشر الولاياتالمتحدة بمحاولة الربط بين الملف النووي الإيراني والأحداث التي شهدها لبنان، واعتبر ان"لا علاقة منطقية بين الملف النووي والمواضيع الأخرى لأن مواقفنا النووية منطقية وواضحة منذ البداية".