هل شاهد الشعب الأميركي على شاشة"سي ان ان"وجه الطفل الذي أحرقته قنابل الفوسفور الاسرائيلية في لبنان؟ وهل سمع صرخة ألمه في مستشفى صور والى جانبه والدته التي تتمزق لوعة على اصابة ولدها بالقنابل الوحشية؟ وكيف يقبل الشعب الأميركي ان يرفض رئيسه الذي انتخبه جورج بوش وقف اطلاق النار؟ جنون الدولة اليهودية الذي يضرب بوحشية الأهالي والأطفال في الجنوب وفي ضاحية بيروت، مشهد شبه يومي في الأراضي الفلسطينية. والكارثة التي وقع فيها لبنان وأفقدت المدنيين فيه من أطفال وأمهات وآباء منازلهم وأقاربهم، هل يمكن أن تكون حلاً للإدارة الأميركية والدولة اليهودية؟ ان لبنان ممتن للمساعدات الانسانية بملايين الدولارات من الولاياتالمتحدة، لكنه لا يمكن أن ينسى يوماً ان الإدارة الأميركية أعطت اسرائيل الضوء الأخضر لتستمر في القصف والتدمير والحرب القذرة. تدعي الادارة الأميركية انها طلبت من اسرائيل ان تتجنب ضرب البنية التحتية اللبنانية، لكن هذه دمرت كل شيء، المطار والجسور والمرافئ والطرقات والمنازل، بشكل عشوائي المقصود منه التخريب والقتل. مرة أخرى على الأراضي اللبنانية، وكما تفعل في الاراضي الفلسطينية، اثبتت اسرائيل ان جنودها، أحفاد"المحرقة"، يستخدمون أسلحة وحشية مثل قنابل الفوسفور، وهو أمر معيب لشعب عانى من التعذيب والوحشية. ومهما كانت نتيجة حرب اسرائيل على لبنان، فإن الأخيرة أظهرت انها لا تعرف سبيلاً للحلول سوى العنف والقوة، وحلولها هذه هي التي تؤدي الى المزيد من العنف والحروب والكراهية. فلا أحد في الأسرة الدولية يعرف ما هي حصيلة موازين القوى على الأرض وما اذا كانت اسرائيل أضعفت القدرات العسكرية ل"حزب الله"أم انها هزمت. وفي كل الأحوال فإن المهزوم الأكبر هو الشعب اللبناني الذي تأكد الآن أنه يدفع ثمن حرب الآخرين على أرضه. فالولاياتالمتحدة وحليفتها إسرائيل تحاربان على الأرض اللبنانيةإيران وسورية، تفرض على لبنان حصاراً تدعي القوة العظمى الأميركية أنها ستطلب من إسرائيل رفعه. وأغلقت إسرائيل"مطار رفيق الحريري"في بيروت بحجة أن"حزب الله"يستخدمه لادخال أسلحة، فعاد الشعب اللبناني للتوجه الى دمشق التي تشكل المنفذ الوحيد على الخارج. وقصفت إسرائيل مرافئ لبنان كلها ولم تتوقف صواريخ"حزب الله"التي تتوزع على المدن الإسرائيلية. والآن تقول الإدارة الأميركية إنها تريد مساعدة حكومة فؤاد السنيورة. فكيف يا ترى؟ هل بإبقاء الحصار على لبنان أو باستمرار الحرب القذرة؟ أما"حزب الله"فمسؤوليته كبيرة عما جرّ لبنان إليه، فإسرائيل عدو معروف وأساليبه في فلسطين شهادة على ذلك. فهل يحق ل"حزب الله"أن يجر لبنان من جنوبه الى ضاحيته الى بقاعه الى الدمار والخراب والبؤس والتهجير والكوارث؟ وهل يحق ل"حزب الله"تقديم أرض لبنان ساحة لحرب الآخرين؟ وهل هذه هي المقاومة؟ لكن كل هذه الاسئلة مؤجلة في لبنان الى ما بعد انتهاء الحرب. إن الحل الأفضل هو أن يطبق القرار 1559 بإرادة لبنانية بحتة، وأن تستعيد الدولة اللبنانية دورها وتبسط نفوذها على كل أراضيها... ولبنان بحاجة الى جيش وطني لا يجرّه الى مجازفة يدفع بقاءه ثمناً لها.