يثيرك حتى الاستفزاز ليس النظام السوري فهذا نظام فاسد وديكتاتوري ولا يعرف قيمة للروح البشرية منذ أن أتى إلى السلطة قبل أكثر من أربعين عاما، لكن «منطق» بعض إخواننا من القوميين العرب وبعض من بني جلدتنا في دفاعهم عن هكذا نظام رغم كل الوحشية التي يرتكبها في حق أبناء شعبه ليل نهار. هذه الفئة العربية كانت من أوائل المُهلِّلين والمرحبين بالانتفاضات الشعبية في تونس ومصر وليبيا واليمن ومن المُنادين بخلع حكام تلك الدول حتى ولو أدى ذلك إلى تدخل خارجي كما حدث في ليبيا. بل إن بعضهم لام المملكة علي استضافتها للرئيس التونسي السابق رغم أن ذلك الفعل ثبت اليوم أنه جنّب الأشقاء التوانسة حمامات دم شبيهة بما حدث في ليبيا. بمعني آخر أن أحبتنا هؤلاء كانوا لا يرون أي مانع في تغيير الأنظمة بحجة ديكتاتوريتها ووحشيتها وفسادها غير أنهم عندما يأتي الحديث عن النظام السوري الذي لا يقل دموية ووحشية عن تلك الأنظمة هذا إن لم يفقها، يتوقفون عن إدانة وحشيته. وهنا الكارثة لأن من ينادي بسيادة المبادئ والحقوق الإنسانية لا يُجزئها أو يفصلها على هواه وبحسب الظروف فالظلم ظلم والوحشية وحشية في أي مكان وأي زمان. حجة أحبتنا، أن النظام السوري الحالي هو رأس الحربة وقائد الممانعة ضد العدو الصهيوني وكان يمكن تصديق هكذا «تخريف» لو أن واقع الصراع العربي - الإسرائيلي يوضح الممانعة في أحداث ملموسة ومشاهدة أو لو أن رأس الحربة هذا كان بالفعل رأس حربة في الجولان أو حينما «عربدت» الآلة الإسرائيلية في أرض لبنان أو على أقل تقدير ردّت الطائرات الإسرائيلية عن قصف المفاعل السوري في عمق الأرض السورية أو حينما قصفت الطائرات الإسرائيلية ضواحي دمشق وكنت حينها أتشرف برئاسة تحرير «الندوة» ونشرنا في وقتها في الصفحة الأولى وعلى ثمانية أعمدة مانشيت يقول: «إسرائيل تشن الحرب على سوريا» غير أن النظام السوري لم يفعل شيئا أبدا. حقا المنطق القومي عند بعض العرب يصيبه «الحول» عندما يتعلق الأمر بالنظام السوري أو نظام الملالي في إيران أو حزب الله في لبنان وليس لذلك تفسير سوي قلة المعرفة وذهنية «مع الخيل يا شقرا».