فوجئ الصحافيون العرب المكلفون تغطية عقد توقيع صفقة شراء شركة"سلتل"الأفريقية"في موبيل"النيجيرية في بورصة لندن الأسبوع الماضي، بالإشادة الجماعية بشخص يدعى محمد ابراهيم أو الدكتور مو إبراهيم كما يلقبونه. الغالبية اعتبرته مهندس الصفقة، ونحن اعتبرناه، قبل التعرف إليه أكثر، شخصية مجهولة، وقلَّما سلط الإعلام العربي الضوء عليه، على رغم أنه من العرب القلائل الذين اثبتوا جدارة في مجال الاتصالات الخليوية في أوروبا، وساهم في تأسيس شركات أوروبية. لكن المرحلة الاهم هو نجاحه في تأسيس شركة"سلتل"التي اشترتها اخيراً مجموعة"أم تي سي"الكويتية بقيمة 3.4 بليون دولار والتي دخلت بقوة الى أفريقيا. ووصفها الخبراء في لندن بپ"مارد جاء يبسط سيطرته على القارة السمراء". التقت"الحياة"في لندن محمد إبراهيم وتوقفت معه في محطات أفريقية ودولية، وكان الحوار الآتي: هل تتفق مع الرأي القائل إن"أم تي سي"وجدت في"سلتل"الطريق الى تحقيق أهدافها الاستراتيجية التوسعية، ووجدت"سلتل"في الشركة الكويتية القبطان الذي يقود السفينة؟ - الواقع يشير الى انصهار الاثنين في كيان واحد استمر وسيستمر. وإذا كنت اعتبر"سلتل"الجناح الأبرز لطائرة"أم تي سي"في رحلة الخليوي الحالية والمقبلة في أفريقيا، فأعتبر ايضاً أن كل مطار سنهبط فيه كل بلد سيرتبط بدراستنا المميزة له، وستكون الثقة فينا تأشيرة دخولنا الى اي بلد. وصف أحد الخبراء في مجال الاتصالات هذه الصفقة بالأهم، ما هو تعليقك على هذا الوصف؟ - اتفق تماماً مع هذا الرأي، إذ ان استحواذ"سلتل"على"في موبيل"النيجيرية، وفي هذا التوقيت تمثل خطوة كبيرة نحو العالمية، وهي كانت اشترت قبل أشهر شركتي خليوي في السودان ومدغشقر. وأرى أن نجاح"أم تي سي"في شراء الشركة النيجيرية سيضيف ليس فقط سوقاً جديدة الى أسواقها المنتشرة في أفريقيا والشرق الأوسط، بل إيرادات ضخمة للمجموعة تتجاوز 500 مليون دولار في نهاية العام الجاري، تضاف الى إيرادات متوقعة بقيمة 1.5 بليون دولار. وتدل المؤشرات الى زيادة الإيرادات ثلاث مرات في السنوات الأربع المقبلة. هل ان رهانكم على السوق النيجيرية بهذه الأهمية؟ - تمثل نيجيريا، لمن لا يعلم، بالنسبة الينا منذ فترة سوقاً مهمة، فهي أكبر دولة لجهة عدد السكان 140 مليون نسمة، وما زالت معدلات انتشار الهاتف الخليوي تقل عن 10 في المئة، ونتطلع الى زيادتها الى 50 في المئة، فهناك نحو 20 مليون مشترك وسيصل العدد الى خمسين مليوناً خلال عامين. وستكون الحصة الأكبر لپ"سلتل"نيجيريا بعد تحويل اسم الشركة من"في موبيل"الى"سلتل". وهل ترى أن سعر الصفقة مناسب؟ - السعر مناسب جداً 1.005 بليون دولار مقارنة بأسعار أخرى لصفقات مشابهة. كم استغرق وقت التفكير في الدخول الى السوق النيجيرية؟ - لم يكن التخطيط للدخول إلى نيجيريا وليد اللحظة، بل يعود الى أكثر من عام ولم نوفق في حينها، والآن وُفقنا في إنجاز هذه الصفقة بنجاح، على رغم محاولة شركات كبيرة الفوز بهذه الصفقة منها"فودافون"وپ"فوداكوم"ولكن الحسم جاء من عندنا. وهل ستواجهون صعوبات في التشغيل في الفترة المقبلة؟ - باتت"سلتل"المشغل ل"في موبيل"وستأخذ بزمام الأمور للنهوض بعملياتها التشغيلية والتوسعية، اذ بعدما رسخت"سلتل"وجودها في الجناح الشرقي الأفريقي، حققت الأمر نفسه في الجناح الغربي الأفريقي. هل يمكن تكرار تجربة"سلتل"في قارة أخرى؟ - لا، فالأمر صعب جداً لأن السوق الأفريقية كانت بكراً، وكان فيها مليونا مشترك فقط، حين دخلنا اليها. اما الآن ففيها 150 مليوناً، ويتوقع ان يصل العدد الى 350 مليوناً عام 2010، أي ان نسبة النمو في هذه القارة مرتفعة جداً مقارنة بالمناطق الاخرى مثل أميركا الشمالية وأوروبا. هل أخذتم في الاعتبار منافسي"أم تي سي"في أفريقيا وخصوصاً في نيجيريا؟ - نعمل على تطوير شامل ل"في موبيل"بعد تغيير اسمها الى"سلتل"، ونعتقد بأننا سنتفوق خلال عامين على شركتي"أم تي أن"ولديها 8 ملايين مشترك، وپ"غلوب كوم"ولديها 5.3 مليون. هل تتوقع فرصاً واعدة لپ"أم تي سي"في السوق المصرية؟ - ليست السوق المصرية غريبة على المجموعة، ولو كنت أتوقع تنافساً حاداً مع مجموعات عربية اخرى. وعلى رغم أن السعر سيكون المحدد الرئيس للفائز طبقاً للشروط التي وضعتها الحكومة المصرية، إلا أننا كمجموعة نملك مزايا كثيرة تؤهلنا للتنافس على الشبكة الثالثة. ويكفي القول ان بعض الشركات العالمية في مصر لجأت الى"سلتل"لتصميم شبكاتها. لماذا لا تربطون شبكات الخليوي التابعة لكم في أفريقيا؟ - تسعى"سلتل"بالفعل إلى ربط أفريقيا عبر شبكاتها المنتشرة على مساحة تشكل 40 في المئة من القارة. هل هناك نية لإدراج اسهم المجموعة الأم في البورصات الدولية قريباً؟ - هناك نية للإدراج في بورصتي لندن ودبي بعد النجاح الكبير، علماً أن اسهم"أم تي سي"مدرجة في بورصة الكويت. كيف تدير شركة بخبرتك الكبيرة في مجال الخليوي ولست مساهماً فيها؟ - لا يتعارض وجودي في"سلتل"، رئيساً لمجلس الإدارة مع أنني بعت كل الأسهم لدى استحواذ"أم تي سي"على"سلتل"لأن ذلك يؤكد التكامل الذي ننشده وأسعى الى استغلال هذا الأمر لاستكمال ما بدأته في أفريقيا سواء لجهة توفير أجواء تنافسية صحية أو لجهة تعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي. هل تنوي التقاعد في مجال الأعمال بعدما حققت ما تطمح إليه؟ - لن اترك ما تسميه"البزنس"، لكن سأتجه أكثر إلى العمل الاجتماعي، وأرى أن البعد الاجتماعي ل"أم تي سي"مستمر، لأن الدول التي نعمل فيها تحتاج الى من ينتشلها من الفقر. واعتبر ان العمل الخيري من أهم أولوياتي، واعتزم تأسيس صناديق خيرية في أفريقيا مع قيادات معروفة عالمياً، ومن أبرزها رئيسة وزراء ايرلندا السابقة وقيادات كبيرة من جنوب أفريقيا، ويبلغ رأس مال الصناديق 20 مليون دولار. هل هي مبادرة اجتماعية أم عمل تجاري؟ - هو عمل اجتماعي بالطبع، وهو استجابة لمبادرة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون العام الماضي المتعلقة بمكافحة الفقر وتبرعت بما قيمته 100 مليون دولار. ولماذا الإعلان عن رقم التبرع؟ - يندرج في إطار تشجيع رجال الأعمال الآخرين لسلوك هذا الأمر. وهذا مشروع في مثل هذه المبادرات الكبيرة، لأن الإعلان لم يصدر عني بل عن أصحاب المبادرة، اذ يرون في مثل هذا التبرع نجاحاً لمبادرتهم. فيما لا يجب الإعلان عن الأعمال الخيرية الأخرى التي يقوم بها رجل الأعمال. حققت قسماً كبيراً من أهدافي وطموحاتي، وبات عليّ الآن تحقيق هدفي المعنوي الأسمى وهو أن أكون رجل أعمال خيّر. ما مدى انعكاس مساهمة العاملين في اسهم الشركة على ربحيتها؟ - ان نظام المشاركة في تملك الأسهم هو أفضل خيار لنجاح الشركة نظراً لاكتساب الموظفين صفة الإخلاص والخوف على مصالح الشركة كون الموظف يملك أسهماً فيها. ونجحت الشركة في 17 دولة، ولذا عندما بيعت الى"أم تي سي"كان هناك 50 مليونيراً جديداً في الشركة يملكون أسهماً فيها. ما هي الصعوبات التي واجهتك في عملية التأسيس، خصوصاً انك عربي أفريقي، في مجتمع أوروبي، لا يملك الأدوات الكافية في حينه للتعبير عن نفسه؟ - أنا أسود ولست اشقر. وكانت لغتي الإنكليزية بسيطة، ورأى البعض في ذلك عائقاً، ولكنني استطعت إقناع الآخرين بقدراتي. أخذت شركتنا الاستشارية في النجاح وباتت تتملك اسهماً في شركات كبيرة، حتى بيعت"سلتل"إلى"أم تي سي"وبدأ النجاح مجدداً.