يرى كثر في مصر حالياً ان زيادة عدد المحجبات في الشارع في صورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، لا يمكن ان يكون مبرراً لزيادة نسبتهن على الشاشة من خلال المسلسلات التلفزيونية. يعود ذلك الى اعتبارات كثيرة أبرزها الدور الرقابي الذي اصبح يحمل موروثات ثقافية ودينية واجتماعية وسياسية يستحيل التخلص منها بين عشية وضحاها، الى جانب اشتراط"النجمات"المحجبات العائدات الحصول على أفكار ومواضيع اكثر تحجباً، والقيام بأدوار شخصيات تكون اقرب الى الارشادية او الاصلاحية والمثالية في تعاملها مع قضايا الاسرة ومع الاهل والاصدقاء والجيران، في شكل يتفق والصورة التي يحاولون ترسيخها في الاذهان. وعلى رغم حرص عدد من المخرجين على التعاون مع هؤلاء العائدات كنوع من التعبير عن حسن النيات فإن آخرين يرفضون بشدة من منطلق وجود فارق شاسع بين الواقع والتمثيل- وهو ما أكده احد المخرجين حين جلس مع نجمة عائدة بالحجاب لتلعب بطولة أحد المسلسلات. كان ذلك حين باغتها متسائلاً:"هل تجلسين مع اولادك او زوجك في البيت او في غرفة نومك بالحجاب؟"، فلما اجابته بالنفي قال لها:"اذاً لا بد من أن تظهر هذه الصورة للمشاهد لنقترب من الواقع ولا نضحك على انفسنا". فما كان منها الا ان انسحبت. وعلى رغم تأكيد العائدات المستمر على أن المقابل المادي ليس وحده السبب في العودة، الا ان هذا الامر كان الدافع الأهم بالنسبة الى كثيرات منهن بدليل مساومتهن على الحصول على أكبر عائد مادي ممكن، ولو تطلب هذا التضحية بمنتجين وأعمال ابدين موافقتهن عليها. والسبب ان الأجور التي عرضت كانت غير لائقة بالنجومية. وفي الوقت الذي تتسابق الفضائيات على التعاقد مع هؤلاء النجمات، الا ان مع تكرار الأفكار والصورة النمطية ستأخذ الامور اتجاهاً آخر في الأعمال المقبلة وستبتعد هؤلاء النجمات في حال استمرارهن، عن البطولة المطلقة الى الادوار الثانية والثالثة كما حدث مع عفاف شعيب ومنى عبد الغني- تعديلات من الأمور التي تدعو الى قلق أصحاب الشأن إصرار هؤلاء العائدات على التدخل في صورة او اخرى، لتعديل النصوص المكتوبة او زوايا اللقطات والاضاءة والملابس والديكور وغيرها. وهو ما حدث مع سهير البابلي في مسلسلها"قلب حبيبة"من تأليف علي عبد القوي الغلبان واخراج خيري بشارة. إذ تسبب تدخل البابلي المستمر، في إشعال غضب المؤلف وامتناعه عن حضور التصوير بل اعلانه الالتزام بالنص المكتوب بخط يده وايضاً اعتذار مدير الاضاءة. وتكرر الأمر ذاته مع سهير رمزي في مسلسل"حبيب الروح"من تأليف سلامة حمودة واخراج تيسير عبود، إذ اشترطت قبل التصوير أن ترى كل حلقة مع المؤلف والمخرج لتضيف او تحذف ما تراه مناسباً للحجاب الذي ابعدها عن التمثيل 13 عاماً. وهذا الأمر كان سبباً في اجراء المؤلفة شهيرة سلام تعديلات جذرية على الشخصية التي تؤديها حنان ترك في مسلسل"أولاد الشوارع"من اخراج شيرين عادل. كما تظهر صابرين في مسلسل"كشكول لكل مواطن"في صورة الزوجة المحجبة التي تحاول جاهدة تطهير زوجها من اخطائه السابقة. والأمر ذاته مع عبير صبري في مسلسل"أصعب قرار"امام شيرين سيف النصر ومن اخراج عمرو عابدين. وسط هذا كله تبدو الصورة غير واضحة بل تكاد تكون قاتمة بالنسبة الى العائدات الى التمثيل بالحجاب على رغم نجوميتهن، وربما يترقب الجميع ما ستسفر عنه التجربة الحالية حال عرضها في رمضان المقبل، لتستمر هؤلاء العائدات في التمثيل بالحجاب او الاتجاه لتقديم البرامج في الفضائيات ليحافظن على وجودهن في دائرة الاضواء.