بدّل الاعلامي زاهي وهبي ديكور برنامجه الناجح"خليك بالبيت"ووسّع أفق الجلسة التلفزيونية وأضاف الى الجدار لوحة فنية تجاور المكتبة التي أضحت كبيرة بدورها. في الديكور السابق كانت المكتبة تحتل جزءاً من الجدار وكانت أكثر ما يلفت المشاهد. وهذا ما شاءه ربّما زاهي بنفسه ساعياً الى اضفاء الطابع الثقافي على المكان. لكنّ ما فاته حينذاك أن الكتب ظلّت هي نفسها ولم تمتد يد اليها تلهفاً الى قراءتها أو استعراض عناوينها. وكان في امكان المشاهد الحصيف أن يدرك أن هذه الكتب هي هدايا من دور نشر معيّنة ومعروفة. ولعلّها لم توضع هنا، في هذه المكتبة الا لتزيّن الجلسة وكأنها قطع"أنتيكا"أو مزهريات وسواهما. ولم يعمد مقدم البرنامج ولو مرّة واحدة الى تقليب هذه الكتب وتبديل موقعها ليجعل المشاهد يظن انها كتب صالحة للقراءة وليست للصالونات والزينة. مرّة واحدة طرأ عليها"زائر"هو طيف الرئيس الشهيد رفيق الحريري عبر صورة له احتلّت جزءاً صغيراً من المكتبة. وهذه صورة يجلّها المشاهدون ويقدرون معنى حضورها في المكان. فالرئيس الشهيد بات بمثابة الرمز، شاء"أعداؤه"أم أبوا. في الديكور الجديد جعل زاهي وهبي من المكتبة خلفية للصالون الذي يستضيف فيه الفنانين والكتّاب والسياسيين ويحاورهم. وأصبحت الفسحة أوسع وأجمل وبات الضيف قادراً على التكلم براحة، خصوصاً أذا نظر الى المكتبة التي تدل على الجوّ الثقافي الذي يرين على اللقاء. الا أنّ الكتب لا تزال هي نفسها، مع اضافة كتب أخرى اختيرت لترقد مثل الكتب السابقة ولا تستيقظ ربما الا عندما تزيل الخادمة الغبار عنها. قد لا يدري أحد لماذا تقع الكتب دوماً ضحية الاستعراض الصالوني في معظم الشاشات. ترتع في الزوايا لا يد تمتد اليها ولا نظرة تستعرض عناوينها! هذه ظاهرة سلبية جداً، بل هذه بادرة تعلن موت الكتاب اعلامياً بل تلفزيونياً، وتعلّم المشاهدين العاديين وغير العاديين على جعل الكتاب مادّة للتزيين والتباهي والتزاهي... واللافت أن يكون زاهي وهبي، الشاعر والمثقف، واحداً من الذين يروّجون لموت الكتاب بل ولقتله - مجازياً - وتحويله سلعة تزيينية من خلال الشاشة الصغيرة، الأرضية والفضائية. ليت زاهي وهبي يحرّك الكتب الهاجعة على الرفوف مرّة، أو يستهل حلقة معيّنة واقفاً أمام المكتبة، رحمة بما يمثل الكتاب من قيمة - لا مادية - ومن رموز وأبعاد. فبرنامجه الذي بات يملك جمهوراً خاصاً قادر على أن يشجع الناس على القراءة، شرط أن يطل زاهي اطلالة المثقف الذي يعنيه الكتاب لا كشكل للزينة وانما كمادة ثقافية وأدبية وجمالية.