سطوة كبيرة تفرضها ثورة الاتصالات من خلال الأجهزة الذكية، التي تقدم معلومات وصورا ومشاهد مرئية، وبرامج تواصلية، ومحادثات بطريقة جاذبة ومؤثرة تستهوي كل فئات المجتمع وتستهدف كل البلدان. في ظل عالم رقمي جديد متسارع في تغيراته، تأتي تلك المؤثرات الجاذبة لتختطف الناس من القراءة ومن عالم الكتاب، تُرى هل تعلن تلك المواقع والثورة الاتصالية عن موت الكتاب وعن موت القراءة؟، هذه القضية تطرحها «عكاظ» أمام عدد من الكتاب والمثقفين. في البدء يقول الروائي سعيد الأحمد إنه «لدينا مشكلة ثقافية قبل أن تكون أدواتية، وعلينا أن نعترف بذلك مبدئياً، فمعدلات القراءة لدينا متدنية جدا بغض النظر عن محدثات الوسائل وبدع الأدوات، فالكتاب ليس جزءا من مفرداتنا الاجتماعية اليومية، وإن وجدت المكتبات في كثير من البيوت، فهي تحل كإكسسوار جمالي في الغالب، قطعة ديكور إضافية كي توازن بين إضاءة جبس السقف وسيراميك الصالون». ويضيف الأحمد أنه «لا أرى أثرا حقيقيا على معدلات القراءة- كتناقص بسبب ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لو زعمنا ذلك، فلنا أيضا أن نقول أن (الكيرم) كان سببا في انخفاض معدلات القراءة في زمنه!». أما الكاتب والروائي علوان السهيمي فيقول إن «القراء لا يموتون، إنما تمر عليهم لحظات تشبه المرض فقط، إنهم مثل نادي الهلال تماما»، مضيفا أن «لوسائل الاتصال تأثيرا كبيرا على عقلية القارئ ومدى صبره، لكنها لا يمكن أن تلغي مفهوم القراءة أو تميتها، وأتصور رغم كل الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي في تغيير مفهوم القراءة، إلا أن لها آثارا إيجابية أيضا مثل سهولة وصول الكتب لهم، والتواصل مع الكتاب، وما إلى ذلك من الأشياء التي يمكن أن تسهم بشكل أو بآخر بالاستمرارية في القراءة». ويؤكد السهيمي أن «القراءة شيء ثابت، ومواقع التواصل الاجتماعي أشياء متغيرة، وبالتالي من الصعب أن يميت المتغير الثابت، فأنا لا أعتقد بأنه يمكن أن يكون لوسائل التواصل الاجتماعي أثر كبير بحيث تستطيع أن تميت القراءة؛ لأن القراءة أقوى من ذلك بكثير». فيما ترى الشاعرة خطر الشمري أنه «الكثير يلاحظون منا فتورا، وعزوف الكثير من القراء عن المطبوعات الورقية في السنوات الأخيرة وبحسب الإحصاءات وما شهدته الساحة الثقافية العربية والخليجية من إغلاق لعدد من الصحف والمجلات أخيرا، وقد يتبادر للحظة في الذهن خوف وقلق على مستقبل القلم والكتابة في ظل هذا التطور التكنولوجي والتقني المخيف، ولكن مهلا ما هذه التحليلات والاستنتاجات التي تميل لنظرة التشاؤم». وأشارت الشمري إلى أن «هذه الطفرة التقنية التي نشهدها وفضاء مواقع التواصل الاجتماعي وحرية الرأي فيها وسهولة تلقي الكلمة لا بل الحرف من كاتبه مباشرة بغير حواجز معيقة لقلمه أو حواجز تعيق جمهوره للوصول إليه».