تفاوتت ردود الفعل على خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش عن"حال الاتحاد"ما بين من رأى انه كان توافقيا وواقعيا ومتواضعا في عرضه لسياساته الداخلية والخارجية، وبين من اعتبر انه عدل من لهجته من دون التخلي عن استراتيجيته الطموحة التي تستهدف تحقيق انجاز تاريخي بإطلاق تحول نحو الديموقراطية في الشرق الاوسط والعمل على ضمان بقاء اميركا الدولة العظمى الوحيدة في العالم. وحظي تصريحه المفاجئ بأن الاميركيين باتوا"مدمنين على النفط"واطلاقه مبادرة لتوفير بدائل للطاقة وخفض اعتماد بلاده على النفط المستورد بنسبة 75 في المئة بحلول السنة 2025 باهتمام كبير، نظرا الى ان الادارة الجمهورية، خلافا للديموقراطيين، تعتبر من اشد المدافعين عن الشركات النفطية التي حققت مكاسب غير مسبوقة بسبب ارتفاع اسعار النفط خلال العامين الماضيين. إلا ان المراقبين اعتبروا الخطوة مهمة على صعيد تقليل اعتماد الاميركيين على النفط المستورد من مناطق"مضطربة"كالشرق الاوسط، رغم أن اكثر من ثلثي النفط المستورد يأتي من المكسيك وكندا وفنزويلا. وقال مراقبون إن بوش كان مضطرا للتركيز على ازمة الطاقة بسبب توقعاته باستمرار ارتفاع اسعار النفط، ما سيجعل منها قضية مركزية في الانتخابات النصفية للكونغرس قبل نهاية السنة. وتركز خطاب بوش على دعوة الاميركيين الى الاستمرار في اتباع النهج الحالي في العراق، محذرا من مغبة"الانعزالية"التي قال إنها لا تحمي الاميركيين، متهما خصومه في الحزب الديموقراطي ب"الانهزاميين الذين لا يريدون ان يروا غير الفشل". وجاء خطاب بوش قبل 10 شهور من موعد الانتخابات النصفية التي يمكن ان تفقد الجمهوريين الغالبية التي يتمتعون بها في مجلسي الشيوخ والنواب، وهو ما دفعه الى محاولة تعزيز فرص الجمهوريين بتأكيد تمسكه بالسياسات اليمينية لإدارته، مع نزعة توافقية تسعى الى ردم الهوة مع الديموقراطيين الذين دعاهم الى الاختلاف من دون ان يكون ذلك على حساب المصلحة الوطنية. وقالت صحيفة"نيويورك تايمز"إن الرئيس خصص نصف خطابه الذي استمر 52 دقيقة للحديث عن سياسته الخارجية التي عاود تأكيد خطوطها العريضة، داعيا الى نشر الديموقراطية في العالم، ومحذرا من خطر"الاسلام الراديكالي"، ومستعيدا احداث 11 ايلول سبتمبر 2001. واضافت الصحيفة ان الرئيس نجح الى حد ما في الربط بين الحرب على الارهاب وفكرة نشر الديموقراطية والحفاظ على الدور القيادي لأميركا في العالم. ودعم موقفه هذا عبر اشارته الى نجاح الانتخابات في العراق والاراضي الفلسطينية فضلا عن خطوات نحو الاصلاح الديموقراطي في كل من السعودية ومصر. ولوحظ ان بوش خص سورية وايران، من بين دول الشرق الاوسط، بانتقادات لأنظمتهما التي وصفها بأنها مستبدة. واعتبرت صحيفة"واشنطن بوست"ان بوش سعى في خطابه الى معالجة مخاوف الاميركيين من المستقبل بسبب الارتفاع المضطرد لأسعار الوقود وعدم وضوح الرؤية في العراق وسط تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الاميركي بسبب المنافسة العالمية من دول مثل الصين والهند. وقالت إن الرئيس، الذي تراوح شعبيته حول نسبة 40 في المئة، يشعر بالقلق من احتمال تعطيل سياساته في الكونغرس، خصوصاً في حال خسارة الغالبية في مجلسيه عند الاقتراع في تشرين الثاني نوفمبر المقبل.