مع ارتفاع اسعار النفط الى مستويات غير مسبوقة وارتفاع حرارة الحملة المناوئة للحرب في العراق، يشعر قياديو الحزب الجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ، بالقلق المتزايد ازاء احتمال خسارتهم الغالبية في الانتخابات النيابية النصفية اواخر العام المقبل، في حال قرر الناخبون معاقبة الادارة لارتفاع الاسعار والتعثر في العراق. وبدأت المشكلة الاقتصادية المتمثلة بارتفاع اسعار الوقود تتحول الى مشكلة سياسية تلاحق اعضاء الكونغرس الجمهوريين، متحالفة مع ازمة الاستياء المتزايد ازاء الفشل في العراق. وبات الجدل حول اسعار النفط والحرب في العراق، يطغى على قضايا يسعى البيت الابيض الى التركيز عليها، مثل مشكلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي. وفيما بدت ادارة الرئيس جورج بوش، في فترته الرئاسية الثانية، اقل قدرة على المناورة السياسية النصفية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، قد يؤدي ذلك الى شبه شلل كامل للادارة في التعامل مع عدد من الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية في السنتين الاخيرتين من عمرها. وقال عضو مجلس الشيوخ السناتور ليندزي غراهام إن الاميركيين يشعرون بالغضب الشديد ازاء الارتفاع في اسعار الوقود، مما سيجعل من هذه المسألة على رأس جدول اعمال الكونغرس عندما يعود من عطلته الصيفية في اوائل ايلول سبتمبر المقبل. ويتوقع ان يعقد مجلس الشيوخ جلسة استماع يدعى اليها مسؤولون وخبراء نفطيون وأصحاب شركات نفط للتحقيق في اسباب ارتفاع الاسعار، وبحث سبل خفضها في مواجهة الضغط الشعبي. وتوقع القيادي السابق في الحزب الجمهوري ستيوارت روي"عاصفة نفطية تضرب الكونغرس لدى عودته من الاجازة، ونشهد سلسلة تشريعات مقترحة لخفض اسعاره". وقد يعني ذلك ممارسة ضغوط لخفض هامش الربح لدى شركات النفط الاميركية، الى جانب الضغط على الادارة لتمارس بدورها ضغطاً على الدول النفطية لزيادة انتاجها. ويستشعر عضو الكونغرس ونائب رئيس مؤتمر الحزب الجمهوري جاك كينغستون الخطر الماثل في الازمة التي تلوح في الافق، وتداعياتها المحتملة على نتائج الانتخابات التمثيلية المقبلة. ويرى انه"على الجمهوريين ان يقلقوا"بسبب المزاج الشعبي العام الذي بدأ يظهر مؤشرات الى نفاد صبر الاميركيين التواقين الى"ضوء في نهاية النفق"للأزمة المزدوجة في العراق ومحطات الوقود. وأظهرت استطلاعات للرأي ان الاميركيين يلومون السياسيين، بعد شركات النفط والدول المنتجة، لارتفاع الاسعار. وذكر استطلاع اجرته مؤسسة"هاريس"للأبحاث نشر يوم الاربعاء الماضي، ان الاميركيين يعتبرون اسعار النفط وارتفاعها من ابرز خمسة اهتمامات يتوقعون من الحكومة الاميركية ان تعالجها. ومما يزيد من عمق الازمة، ان الديموقراطيين في الكونغرس يستغلون ارتفاع الاسعار، حجة لمهاجمة الادارة الجمهورية. ويقول توني فابريزيو، المستشار السياسي للحزب الجمهوري في تصريح لصحيفة"لوس انجليس تايمز"، ان على المرشحين الجمهوريين في الانتخابات المقبلة ان يشعروا بالقلق ازاء ما يجري، وبخاصة المرشحين الذين يخوضون معركة انتخابية متقاربة النتائج مع المنافسين الديموقراطيين في استطلاعات الرأي. ونصح بأن يتحرك الجمهوريون لإقناع الناخبين بأنهم يفعلون كل ما هو ممكن لمعالجة المشكلة. ويتوقع مراقبون ان تزداد الازمة حدة مع تقارير تشير الى ان ارتفاع الاسعار ليس الا البداية وليس النهاية، في ضوء تقارير تؤكد ان الاسعار لن تتراجع عن مستوى 60 دولاراً للبرميل في احسن الاحوال، في المدى المنظور. ونجح الجمهوريون الشهر الماضي، في تمرير قانون للطاقة يوفر حوافز ضريبية للمنقبين الاميركيين عن النفط، بهدف زيادة الانتاج وتشجيع المستهلكين على اقتناء سيارات اقل استهلاكاً للوقود. الا انه من المستبعد ان تؤثر الحوافز المقترحة في حجم الاستهلاك في المدى القريب. ويدفع الجمهوريون في اتجاه حفر آبار نفط جديدة في منطقة الاسكا التي تعتبر حالياً محمية طبيعية، فيما يرى آخرون ان كشف مصادر نفط جديدة في الاسكا لن يأخذ مفعوله قبل مرور بضع سنوات، فضلاً عن تشكيكهم بوجود احتياط كبير للنفط في تلك المنطقة. وتسببت الازمة الاخيرة في تزايد الضغوط لاقناع الادارة باستخدام مخزونها الاحتياطي من النفط، وهو ما رفضه بوش بقوة، مستبعداً استخدام المخزون الا في الحالات التي تمثل تهديداً للأمن القومي.