قال مسؤول اسرائيلي كبير امس ان اسرائيل باتت تعتبر ان السلطة الفلسطينية اصبحت"كيانا معاديا"لها بعد تنصيب البرلمان الفلسطيني الجديد الذي تهيمن عليه حركة حماس. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن المسؤول الكبير في رئاسة مجلس الوزراء قوله لها طالباً عدم كشف اسمه"ان السلطة الفلسطينية هي قانونياً التي حددت نفسها ككيان معاد لنا". واضاف ان"خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يغير شيئا. نحن نعرف انه يعترف باسرائيل ويدين العنف ويريد مواصلة مفاوضات السلام المنصوص عليها في"خارطة الطريق"، خطة السلام الدولية لتسوية النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني. وتابع:"المشكلة انه عهد بتشكيل الحكومة المقبلة الى"حماس"ولم نسمع من الاخيرة انها تعترف باسرائيل وتوافق على الاتفاقات الموقعة من الفلسطينيين وتتخلى عن الارهاب". وقال"بالتالي، فان الحكومة الاسرائيلية ستعطي غدا الاحد ردها على الوضع الجديد بعد الاطلاع على توصيات مسؤولي الدفاع". وعكست الاجتماعات المكثفة التي عقدها في الأيام الأخيرة أقطاب الدولة العبرية السياسيون والعسكريون للبحث في سبل الرد على تسلم"حركة المقاومة الإسلامية"حماس الحكم في أراضي السلطة الفلسطينية، تخبطاً غير خفي. وبرزت المعالم الأولى لذلك التخبط في الاخفاق الاستخباراتي في توقع فوز الحركة ثم في البت في مصير المستحقات المالية الفلسطينية التي تحولها إسرائيل مطلع كل شهر الى السلطة، وآخرها في الحديث عن خطط لتنظيف جيوب الفلسطينيين بهدف تأليبهم ضد الحكم الجديد و"اعادتهم الى رشدهم"ليختاروا في انتخابات جديدة حركة"فتح"التي باتت ترى فيها إسرائيل شريكاً لها بعد أن تعاملت مع زعيمها الحالي محمود عباس أبو مازن كأنه غير موجود وحاصرت سلفه الرئيس الراحل ياسر عرفات"باعتباره غير ذي صلة"حتى الموت. وتنظر إسرائيل الى"حقبة حماس"على أساس أنها علامة فارقة تاريخية، وأنها، كما يكتب كبير المعلقين في صحيفة"يديعوت أحرونوت"ناحوم بارنياع، تدفن نهائياً اتفاقات أوسلو وتحوّل الفلسطينيين من"لا شريك"الى"عدو"ما يؤذن برأيه بمواجهة وحرب بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وإزاء العجز عن قراءة الى اين تسير الأمور مع الفلسطينيين وتوقع أن"حماس"لن تخلع جلدها فوراً، أبقت المؤسسة العسكرية في الدرج عدداً من الخطوات التصعيدية، واكتفت في الوقت الحاضر بالتلويح بعقوبات اقتصادية وبتخفيف العلاقات مع السلطة الفلسطينية، لكن ليس الى درجة القطيعة التامة، ومن هنا الحديث عن أنها ستتيح تدفق أموال الدعم لمنظمات إنسانية، ليس للتظاهر بإنسانية الاحتلال بقدر الرغبة بعدم تحمل كلفة الاحتلال الباهظة على خزينة الدولة العبرية. من جهة أخرى، يتيح صعود"حماس"الى الحكم لإسرائيل تنفيذ مخططها، غير المتعلق بتاتاً بفوز"حماس"، لفرض حل أحادي الجانب للصراع يقوم على قضم أكثر ما يمكن من أراضي الضفة الغربية الخالية من الفلسطينيين وضمها، قانونياً، الى تخومها متذرعة ب"غياب"شريك فلسطيني ومعوّلة على قبول دولي لهذا الادعاء. وتزامن النقاش الإسرائيلي حول التحرك المستوجب تجاه"حماس"مع الكشف عن أن الاحتلال الإسرائيلي بتر منذ سنوات منطقة أغوار نهر الأردن، القطاع الشرقي من الضفة الغربية، عن سائر أجزائها، وهو مخطط رسم معالمه رئيس الحكومة ارييل شارون منذ نحو عقدين من الزمن، تماماً كما وضعت خطة الانسحاب الأحادي من قطاع غزة وأجزاء في الضفة الغربية من دون أن تسأل السلطة الفلسطينية بقيادة"فتح"بل هي خطة طرحها قبل ثلاثة أعوام بالضبط زعيم"العمل"في حينه عمران متسناع وتبناها شارون لاحقاً. وعلى رغم الفوارق الهامشية في مواقف الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة حزب"كديما"وحزب"ليكود"اليميني، إلا أنه يمكن قراءة السياسة الإسرائيلية العتيدة نحو الفلسطينيين في ما بدر عن زعيم"ليكود"بنيامين نتانياهو من تصريحات أدلى بها أول من أمس قال فيها إنه ينبغي اقامة ثلاثة"أسوار واقية"في مواجهة"حماس"الأول أمني يقوم على محاصرة الأراضي الفلسطينية ب"طوق من المناطق العازلة وتسييج منطقة الأغوار كجزء من إسرائيل وإبعاد الجدار العازل الى عمق الأراضي الفلسطينية واستعمال القوة العسكرية الى اقصاها". وهناك"السور الواقي السياسي"من خلال استغلال العلاقات المميزة مع الرئيس الأميركي جورج بوش وتدعيم مواقفه المنحازة لإسرائيل، ثم"السور الواقي الاقتصادي"على نحو يضطر الفلسطينيين الى نبذ"حماس". ولدى مراجعة ما رشح عن الاجتماعات التي عقدها المسؤولون السياسيون والعسكريون في الأسبوع المنصرم، فإن سياسة الحكومة الحالية لا تختلف جوهرياً عن"مشروع نتانياهو"وهي في أحسن الأحوال ستقوم على إمهال السلطة الفلسطينية 60 يوماً لقبول الشروط الإسرائيلية وإلا فستصعد إسرائيل اجراءاتها العقابية وتنحو الى قطع الاتصالات مع السلطة، بحسب ما يقترح المستشار الخاص لرئيس الحكومة دوف فايسغلاس. ووفقاً لمصادر صحافية، فإن القائم بأعمال الحكومة ايهود أولمرت سيطرح على حكومته اليوم"توصيات المؤسسة العسكرية"بشأن الخطوات المستوجبة للرد على أداء المجلس التشريعي الفلسطيني اليمين الدستورية أمس. وسيطرح قادة هذه المؤسسة سلسلة خطوات من"بنك خطوات"متوافر في درجها للرد على مختلف السيناريوهات. إلا أن صحيفة"هآرتس"ذكرت أمس أن ليس لدى أقطاب المؤسسة الأمنية رد بعد على"سيناريو الجزائر"، كما يسمونه، ويقصدون به احتمال وقوع"انقلاب عسكري"في السلطة في حال انتفض أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية الموالون لحركة"فتح"ضد حكم"حماس".