الناصرة - "الحياة" - أثارت تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي الجنرال موشيه يعالون عن "الارهاب الفلسطيني" ردود فعل متباينة لدى زعماء الأحزاب الاسرائيلية. وفيما نقلت الاذاعة العبرية عن أوساط قريبة من رئيس الحكومة ارييل شارون دعمه الكامل للجنرال الذي تسلم قيادة الجيش قبل ستة أسابيع، انتقد أقطاب في حزب "العمل" هذه التصريحات، وتحديداً اختيار يعالون مؤتمراً لرجال الدين اليهود ليدلي بها. ورأى زعيم حركة "ميرتس" اليسارية يوسي سريد ان المسؤول العسكري يتدخل في أمور سياسية ليست من اختصاصه. لفت معلقون في الشؤون العسكرية الى أن رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال موشيه يعالون أدلى، عندما كان نائباً لقائد الجيش، بتصريحات ضد قادة السلطة الفلسطينية مماثلة لتصريحاته اول من امس التي قال فيها ان "الارهاب الفلسطيني" يشكل أشد خطر على الدولة العبرية ويفوق الخطر العراقي، معترفاً بأن اسرائيل تملك سلاحاً غير تقليدي، وان هذا "السلاح يشكل عاملاً رادعاً للدول المعادية"، ومن هنا تقديراته ان هذه الدول لن تلجأ الى مهاجمة اسرائيل بسلاح غير تقليدي. واتهم يعالون القيادة الفلسطينية بأنها لا تعترف بحق اسرائيل في الوجود كدولة يهودية وانها ما زالت تؤمن بإمكان تطبيق "نظرية المراحل" واقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة أولاً ثم في الجزء الآخر من "أرض اسرائيل". وتابع ان السلطة الفلسطينية اتخذت قراراً استراتيجياً ببدء الانتفاضة "ما يحتم علينا العمل على هزيمة الفلسطينيين ليفقدوا أي أمل في تحقيق انجاز عن طريق الارهاب". وأضاف ان "الارهاب الفلسطيني يشكل أكبر خطر على اسرائيل نظراً الى خصائصه السرطانية". ورأى أن هذا الخطر هو أحد تهديديْن يؤرقانه، وأن الثاني يتمثل بسعي "دولة معادية" الى امتلاك قدرات نووية. وأكد ما تناقلته وسائل الاعلام العبرية عن معارضة الجيش خطة "غزة وبيت لحم أولاً"، وقال ان انسحاباً احادي الجانب يعني "رضوخاً للارهاب"، داعياً رجال الدين الى المساهمة في رفع معنويات الاسرائيليين وحضهم على الصبر لمواجهة العدو الفلسطيني لأن من شأن صمودهم أن يحول دون اتخاذ المستوى السياسي قرارات "تعني عملياً الرضوخ للارهاب". وتابع ان مثل هذا "الرضوخ" من شأنه أن يشجع جماعات أخرى مثل العرب في اسرائيل على الاعتقاد ب"جدوى العمليات الارهابية". وقال يعالون ان "التهديد العراقي" أو تهديد "حزب الله" لا يؤرقانه على المدى البعيد، مضيفاً ان العراق ليس قادراً على امتلاك قدرات نووية وان كان يرغب بذلك لإبادة اسرائيل. وزاد ان لدى اسرائيل "رداً جيداً وحازماً وواضحاً على أي تهديد عراقي، لكن العراق لا يشكل اليوم تهديداً على وجود اسرائيل". وتطرق يعالون الى الرئيس بشار الاسد المتحمس جداً لنجاح "حزب الله" في اخراج الجيش الاسرائيلي من جنوبلبنان بفضل حرب أنصار خاضها ضدنا، وزاد ان هذا الحماس ولّد الشعور لدى الرئيس السوري بإمكان هزيمة اسرائيل "عن طريق العنف والارهاب". واتهم ايران بدعم "كل المنظمات الارهابية الفلسطينية" من منطلق دعمها كل جهة يمكن أن تحقق ما تدعو اليه علناً الى إبادة اسرائيل، مضيفاً انها تسعى الى الحصول على أسلحة نووية لتحقيق هذا الهدف. وأنهى قائد الجيش محاضرته التي دامت أكثر من ساعة بتأكيد ضرورة "صمود" المجتمع الاسرائيلي، قائلاً إن العرب "اختاروا طريق الارهاب وتطوير اسلحة وصواريخ قادرة على ضرب الجبهة الداخلية" مستغلين "عدم قدرة المجتمع الاسرائيلي على الصمود". واضاف ان بث هذا الانطباع والتظاهرات داخل اسرائيل "اقنع العرب بأن الحكومة الاسرائيلية ترضخ لهذه الضغوط الداخلية وتتخذ قرارات تخدم مصلحتهم". وتابع ان اصرار اسرائيل على محاربة "الارهاب الفلسطيني" وتوغل جيش الاحتلال في الضفة عملية السور الواقي في نيسان ابريل الماضي ساهما في تهدئة الأوضاع على الحدود الشمالية بعدما تبين ل"حزب الله" ان "الجيش الاسرائيلي ليس مجرد بيت عنكبوت كما زعم زعيمه حسن نصر الله بعد انسحابنا من لبنان". واستهجن الأمين العام لحزب "العمل" اوفير بينس تصريحات يعالون، وقال انه تطرق الى أمور هي موضع خلاف بين الاحزاب الاسرائيلية، وان أحداً من أسلافه لم يقدم محاضرة شاملة كهذه حتى امام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية. ونصح قائد الجيش بالاهتمام بأعمال النهب التي ارتكبها جنوده للممتلكات الفلسطينية، قائلاً إن الحديث يجري عن أكثر من 250 عملية نهب وتنكيل بالمدنيين الفلسطينيين. واعتبر الوزير العمالي السابق يوسي بيلين ان الانسحاب من لبنان وعملية السلام مع الفلسطينيين كانتا من أهم الأمور التي أقدمت عليهما اسرائيل في سبيل انقاذ نفسها من كوارث سياسية وأمنية وديموغرافية. وصرح زعيم المعارضة اليسارية يوسي ساريد لوكالة "فرانس برس" بان "رئيس الاركان يبدأ مهماته بطريقة خاطئة وهو يتخذ مواقف سياسية مثيرة للجدل". وقال ان "مثل هذه التصريحات يعزز الانطباع بان اسرائيل بين ايدي طغمة عسكرية وان الجنرالات في كل مكان". وانتقد نائب وزير الدفاع شيري وايزمان تصريحات الجنرال يعالون، وقال للاذاعة العامة: "كان من الافضل ان يلتزم رئيس الاركان بالتعليمات التي اعطاها بنفسه لكبار الضباط بعدم الخوض في جدل سياسي". الا ان وزير البيئة اليميني تساهي هانغبي من حزب "ليكود" بزعامة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، رحب عبر الاذاعة العسكرية بتصريحات يعالون، معتبراً أنها "تعكس وجهة نظر عملانية" ومهنية. واضاف انه "كان بامكانه ان يقول اكثر من ذلك بكثير".