هناك دائماً اخبار عن فضائيات جديدة، وهي على الغالب اضافات كمية للثرثرة، مدعومة بالاخبار الموجهة والصور المستعادة من ارشيف الكآبة العربية، المؤدلجة احياناً. تأتي الفضائيات الجديدة على شكل اجتياح أو غزو مسلح. بعض المضربين عن الزواج، أو الراغبين في زواج ثان أو خامس طربوا لدعاية تبشر بافتتاح فضائية فريدة مختصة بالزواج، على الطريقة المعروفة في بعض الصحف الاجنبية التي تخصص صفحة يومية، أو اسبوعية، تؤدي دور الخاطبة، أو الخاطب، وتعرض أهم المواصفات الفنية للحبيب المجهول. ثمة قنوات متخصصة هابطة، تعتمد على الدعاية والرسائل المهتوفة، وتصنع كمية من"المطربين"الجدد من دون تمييز. وفي مقابل ذلك هناك قليل من القنوات المتخصصة الناجحة. حينما طلعت قناة العقارية، مثلاً، خشينا ان يقتصر نشاطها على المبايعات والدعاية المأجورة، ولكنها اثبتت قدرتها على تقديم ثقافة معمارية منوعة، محلية وعربية وعالمية بمستوى عال، تجمع بين التراث والمعاصرة وعنصر التشويق. وهي بذلك، مثل قناة الزواج، تلبي حاجة اجتماعية وثقافية مهمة. واذا كانت هذه الحاجة، أو تلك، هي التي تبرر ولادة اية قناة فضائية جديدة، فإن هذا يقودنا الى المطالبة بقناة مختصة بالضحك، لمواجهة موجات الكآبة الاضافية المتجددة، في الحياة اليومية العربية، وهي التي تتحول الى حالة مرضية تفرز اشكالاً من جنون العنف والتدمير والانتحار اليائس، في ظل شعارات وطنية متطرفة ترتدي ثياب الدين وتبدو متخلفة جداً، وهنا لا بد من الاقتناع بأن الضحك ليس سفاهة، وانما هو حالة، او حاجة انسانية مشروعة، ومفتوحة على الفرح الذي يعيد التوازن الى الشخصيات المشطورة بفعل التدمير الشامل الذي حدث من حولها. فالضحك من العمق هو الذي يبدأ من الابتسامة المرسومة مسبقاً على الشفاه التي تواجه التراجيديا المرعبة بالكوميديا الحية التي تمتد من بخلاء الجاحظ ونوادر أبي نواس مع هارون الرشيد والست زبيدة وأخبار الحمقى والمغفلين ونوادر جحا، وصولاً الى كشكش افندي وغوار الطوشة و"ابو العبد"وعادل إمام وتوم وجيري. فالضحك هو العلاج الوحيد لضحايا تسونامي الكآبة العربية المتزايدة.. لهذا يستحق في رأينا قناة وأكثر ...