السيد جهاد الخازن، تحية طيبة وبعد، قرأت في العدد 12911 المؤرخ في 16/3/1419ه - 10 تموز يوليو 1998م، في زاوية "عيون وآذان" ما كتبتم عن جحا، وفيه أن جحا هو ملا نصر الدين المعاصر لأورخان ويبلدرم وتيمورلنك... الخ. * أقدم ذكر اطلعت عليه لجحا كان في كتاب أخبار الحمقى والمغفلين للإمام أبو الفرج ابن الجوزي 510ه - 597ه الذي كتب: "ومنهم جحا، ويكنى أبا الغصن، وقد روي عنه ما يدل على فطنة وذكاء، إلا أن الغالب عليه التغفيل، وقد قيل: ان بعض من يعاديه دس عليه حكايات... والله أعلم". وروي عن مكي بن ابراهيم ت 215ه، وهو ثقة من رواة الحديث الشريف، انه قال: "رأيت جحا رجلاً كيّساً ظريفاً وهذا الذي يقال عنه مكذوب عليه، وكان له جيران مخنثون يمازحهم ويمازحونه فوصفوا عليه". ثم ساق له روايات: عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في التفسير، وساق له نوادر وطرف، بعضها بأسانيدها، وبعض من دون سند. وهذا يدل على أن جحا شخص عربي من القرن الهجري الثاني وأنه من أتباع التابعين. * أما ملا نصر الدين، فإنه كان شخصاً حقيقياً وعاصر المذكورين سابقاً وعاش بعد ذلك بكثير. فقد عاش أورخان بن عثمان بين 680 - 761ه ومرادخان بن اورخان 726 - 792ه وايلدرم، وتكتب يلدرم أيضاً من دون باء موحدة، ومعناها الصاعقة وهو لقبه واسمه بايزيد بن مراد 748 - 805ه، اما تمرلنك فتاريخه 728 - 807ه. ولم أطلع في كتاب موثوق على تسمية ملا نصر الدين بجحا، بل هذا من صنيع لمّامي النكات والطرائف الذين يجمعونها للتكسب بأيسر الطرق من دون تحقيق علمي. واطلعت في حداثتي على كتاب فيه قصص عن: جحا العربي، وجحا التركي، وجحا الهولندي، وجحا الاسكتلندي... الخ وقد جعل لكل أمة جحاها. ونصر الدين معروف في البلاد بين الهند وتركيا، ومن نطق بالفارسية سماه ملاّ أو منلا نصر الدين، ومن نطق بالتركية سماه خوجة نصر الدين، وقرأت مرة في مجلة الاتحاد السوفياتي الصادرة بالعربية قصصاً مصورة مسلسلة عنه سمته خجا نصر الدين بخاء فوقية وجيم تحتية ولعله تصحف على بعضهم فخلط بينه وبين جحا للتشابه في رسم الاسم، وفي ملامح الشخصية. أخلص من هذا الى أن مؤلف الكتاب الذي أشرت اليه في زاويتك قد راعى الأصول الأكاديمية ولم يخلط بين الشخصيتين كما فعل حكمت الطرابلسي الذي نسب ما هب ودبّ الى جحا مُغيراً نسبة بعض القصص. ولولا خوف الاطالة لرددت ما أوردته عنه الى مصادره الأصلية وأشخاصه الأصليين... وأختم - مثلك - بطرفة وان أردت المزيد فعليك بكتاب أخبار الحمقى...: هبت يوماً ريح شديدة فأقبل الناس يدعون الله ويتوبون، فصاح جحا: يا قوم! لا تعجلوا بالتوبة، انما هي زوبعة وتسكن! والسلام ختام. المحرر: ربما كان هناك أكثر من جحا، ولكن نرحب بمعلومات الأخ القارئ ونجدها مفيدة وموثقة