ستندم إسرائيل على تركها السّلطة الفلسطينية بلا جيش قويّ ومدرّب، خصوصاً من الحلف الأطلسي ليكون سيّد الموقف عند الحاجة إليه. فلا شك في أنّ مفاجأة انتصار"حماس"كشفت عن فراغ في نظرهم، يتمثل في غياب حلّ لإلغاء نتائج الانتخابات بأيّ ذريعة على أن يكون فلسطينياً مئة في المئة. أما إسرائيل فهي تنكل بالفلسطينيين على مدار العام ولن تقدر على إضافة شيء يذكر في الظروف الجديدة. شعب بلا"رادع"يصبح مشكلة عند صعود الإسلاميين إلى السّلطة. وكلنا نتذكر الصّحافة الفرنكوفونية - الجزائرية التي صدرت، بعد فوز إسلاميي الجزائر في الانتخابات البرلمانية في بداية التسعينات، بعناوين كبيرة: ماذا ينتظر الجيش؟ فيلبّي الجيش نداء الصحافة ويلغي الانتخابات وتحدث الطامة الكبرى... في نظرهم إذاً، الشعوب العربية تستحقّ الديموقراطية، لكن بشروط. ولا بدّ من ترك شيء أقوى من أصوات الشعب ليعيده إلى"رشده"عند الحاجة. لذلك فهمت الدول العربية الدّرس وتسلحت بقوانين تصل إلى حدّ التناقض. من ذلك مثلاً يعين الرئيس في بعضها ثلث النواب، وفي أخرى يحلّ البرلمان، وفي إمكانه رفض أي قانون يصادق عليه النواب إن شاء، بينما لا يستطيع النواب الطعن في قرارات الرئيس لئلا تُمس هيبته. وهناك من يجعل من المحكمة الدستورية محكمة لا دستورية فتصبح وسيلة في يد الرئيس لا في يد الدستور. وفي تركيا الجيش يتحول من حامي الوطن والدين والشعب إلى حامي نظريّة سياسية هي العلمانية. أمّا إذا أعلن عن حال الطوارئ وعلّق العمل بالدستور فسيتاح للرئيس كل شيء باسم المصلحة العليا، وبالطبع لا يُستحبّ في مثل هذا الرئيس أن يكون من النوع"الخفيف"الذي يحكم اقل من عقد من الزمن لكي يبقى كل شيء تحت السيطرة ولضمان التواصل المريح ... المبروك بن عبدالعزيز كاتب تونسي - بريد الكتروني