لندع السياسة جانباً ولنتحدث عن البرامج الاجتماعية التي عادت بقوة إلى المشهد الفضائي في الفترة الأخيرة بعدما خفت بريقها وأخذت مكانها برامج تلفزيون الواقع والمسابقات والموسيقى. عودة تلك البرامج لم تكن غالباً حميدة، فأخفقت حيناً ونجحت حيناً آخر. والمواضيع التي اختارها المعدّون والمقدمون، في أحيان كثيرة بدت سطحية، كأنها تملأ فراغ مجتمع معافى خالٍ من مشكلات حقيقية تساهم في تراجعه. لذا، على المشاهد ألا يستغرب غداً، إذا أقدم هؤلاء على معالجة ظاهرة قصر القامة أو طولها، أسود العيون أو أخضرها، وتفشي ظاهرة لون الشعر البني مثلاً... وبعيداً من المضمون، يخيّل لمتابع هذه البرامج أنه يحضر محاضرة في كلية الآداب. برامج الپ"توك شو"لم تخرج من عباءة الكلاسيكية، خصوصاً تلك الطاولة التي تجعل من المقدم أستاذاً يشبعك"تنظيراً"بدلاً من الخروج بحلول لهذه الظاهرة أو تلك. على شاشة"أل بي سي"هناك ماغي فرح وطوني بارود. طاولة ماغي فرح تتوسط المسرح، والضيوف يتحلّقون حول الإعلامية المخضرمة، صاحبة الباع الطويلة في التقديم. وعلى رغم تفاوت جدية المواضيع التي اصطفتها فرح، إلا أن طريقة إدارتها الحوار مبالغ فيها، فتراها تتحدث أكثر من ضيوفها، وتعطي مواقف شخصية من كل الأفكار التي يتم التداول فيها. ماغي فرح ابتعدت قليلاً في السنوات الأخيرة عن التقديم، لكنها استضيفت في أكثر من برنامج، ما جعلها في برنامج"مع ماغي"تنسى الفارق بين الضيف والمستضيف! في الجهة المقابلة، يطلّ طوني بارود. هو أيضاً اختار طاولة كبيرة يضع عليها الأشياء الحميمة التي تخصّ ضيفه. وعلى رغم الأجواء المرحة التي يحاول بارود إضفاءها على حلقاته وضيوفه، إلا أن تلك الطاولة وقفت عائقاً أمام تحقيق أجواء الهرج والمرج التي يبحث عنها بجهد. "الطاولة"انتقلت أخيراً إلى سيدات برنامج"كلام نواعم"الذي يعرض على شاشة"أم بي سي". نجاح البرنامج واستمرار عرضه لأكثر من 4 سنوات يعودان إلى احتفاظه بجو حميمي مع مذيعات تفوقن في معالجة مشكلات الأسرة العربية على كثيرات ممن طرقن هذا الباب. لكن بريق هذا الجو بدأ يخفت أخيراً، حينما وضع القائمون على البرنامج طاولة كبيرة في الوسط، نقلت المقدمات والجمهور إلى أجواء اجتماعات مجلس إدارة المصرف الحكومي! ومن"النواعم"إلى نيشان الذي أخذ معه الطاولة في كل برامجه، مشيراً إلى أنها تشعره بالأمان وتميزه عن ضيوفه. نيشان يبدأ قريباً في تصوير برنامج"شاكو ماكو"، المقتبس عن البرنامج الفرنسي"tout le monde en parle"، فهل يصطحب نيشان طاولته معه؟ وعلى شاشة"المستقبل"، هناك أيضاً زافين وميشال قزي. في المقابل، هناك بروين حبيب وزاهي وهبي وهالة سرحان ممن ابتعدوا عن الطاولة واستقطبوا عبر عفوية الحوار جمهوراً كبيراً. وتطل كارمن لبّس في برنامج"حكايا الناس"الذي يعرض بدءاً من 24 الشهر الجاري عند التاسعة والنصف بتوقيت بيروت على شاشة"المستقبل". فضلاً عن الريبورتاجات التي تسلّط الضوء على حالات إنسانية مختلفة يعيشها مجتمعنا، سترفع كارمن الطاولة، لتشارك في بعض المشاهد التمثيلية التي تخلق تواصلاً مطلوباً مع المشاهدين، وتجلس مع ضيوفها في الاستوديو لتتجاذب معهم أطراف الحديث عن المشكلات التي يريدون تسليط الضوء عليها.