حينما حصد الشاب الليبي أيمن الأعتر لقب"سوبر ستار العرب"قبل سنة ونصف السنة، كان يحمل في جعبته أحلاماً كثيرة. يومها، قال:"حان الوقت ليأخذ شباب المغرب العربي حقهم في الفن". عمل جاهداً على إصدار ألبوم يجمع الأغنية الشبابية واللون الطربي الذي يليق بصوته. لكن الرياح تجري غالباً عكس ما تشتهيه السفن. فعلى رغم جودة الأغاني التي قدمها، إلا أنه اصطدم بأرض واقع فني صعب، تحتكره شركات إنتاج غالباً ما تجعلك تعود من زيارة البحر عطشان. في حديثه إلى"الحياة"يدافع أيمن بشراسة عن ألبوم"بحبك"، ويتحدث بعفويته المعتادة عن الوسط الفني وشجونه والنجوم الشباب وشركات الإنتاج. يعترف بأن انتشار الألبوم يتعلق أساساً بشركة الإنتاج،"بذلنا جهداً كبيراً في مسألة اختيار الأغاني وتنفيذها في الشكل الصحيح. لكن التقصير كان في التوزيع. صدر العمل في لبنان والسعودية ولبيبا وتونس حيث أشرفت شخصياً على المسألة. لكنه بقية غائباً في باقي الدول، خصوصاً في مصر حيث التوزيع يقع على عاتق شركة"عالم الفن"التي أقامت عقداً مع الشركة المنتجة"ميوزيك ماستر". بحثت طويلاً في شوارع مصر ولم أجد الألبوم في أي مكان. الحق على شركات الإنتاج. سعيت وطالبت بأن أقرأ عقد الاتفاق بينهم وبين الموزعين لكنهم رفضوا ووعدوني بإعلانات وصور كبيرة تملأ شوارع القاهرة وسياسة توزيع كبيرة... الموضوع لم يتعد الوعود والكلام المنمّق". ويتابع أيمن متنهداً:"عقدي معهم ينتهي بعد ثلاثة أشهر... لم نحدد بعد إذا كان هناك ألبوم ثان. لكنني في الحقيقة لن أتعاون معهم من جديد على رغم محبتي لهم وفضلهم عليّ في انطلاقتي. لكنني ما زلت مبتدئاً وأنا في حاجة لإيصال صوتي إلى أكبر شريحة من الجمهور الذي أحبني وقدم لي الدعم. من حقي أن أبحث عن الشركة التي تمدنّي بكل الدعم الذي أحتاجه." والأعتر الذي تميّز باللون الطربي أثناء مشاركته في برنامج"سوبر ستار"، يعترف بأنه راض كبداية عن ألبومه الأول. ويقول بحماسة:"كان من الممكن أن أقدم أشياء أخرى لكن ضيق الوقت منعني من ذلك... سنة ونصف السنة هو الوقت اللازم لإصدار ألبوم جيد. لكنني مثلاً في مصر، اخترت الأغاني في أسبوعين بسبب ضغط شركة الإنتاج. ثم جاءت أحداث بيروت التي أجلّت طرح كل الأعمال الغنائية الجديدة آنذاك... أعتقد أن عملي نجح، وأنا محظوظ بالألبوم لأن الناس الذين سمعوه أحبوه، خصوصاً أن نجوماً كثراً يؤدون أغاني في حفلاتهم وجلساتهم الخاصة، بينهم الفنان الكبير عبد المجيد عبدالله الذي يغني دائماً أغنية"عمري". وهذا يعني أن اختياراتي كانت موفقة في الألبوم". وعن الأغنية الليبية، يجيب:"لا تقولوا أنني مقصر مع الفن الليبي فأنا ما زلت في بداية الطريق. حاولت في الألبوم أن أضع فرصة تواصل بين الفن الليبي والجمهور من خلال أغنية قديمة جددتها بصوتي هي"عاتبيني"... فرحت لأن الجمهور أحبها في تونسولبنان. أودّ تصويرها لكن ذلك مكلف. وعقدي مع شركة الإنتاج لا ينصّ على تصوير إلا كليب واحد. كان من المفترض أن تصوّر لي"مزيكا"أيضاً كليباً وتعرضه حصرياً على شاشتها، لكنني لا أعتقد اليوم أن ذلك سيكون وراداً. هم لم يوزعوا الألبوم بعد!". إنتاج خاص يصوّر النجم الليبي قريباً أغنية"عمري"على طريقة الفيديو كليب مع المخرج المصري أحمد المهدي،"أحب صورة ليلى كنعان كثيراً، لكن ظروف الإنتاج وسرعة التنفيذ لم تساعد في إظهار الكليب الأول في المستوى المطلوب. شخصياً لم أكن راضياً عنه، علماً أن وجهي كان خيراً عليها. في الكليب الجديد، طلبت من أحمد المهدي عملاً بسيطاً حقيقياً. سيكون فيلماً قصيراً مع قصة تتطلب منّي ارتداء شخصية جديدة بلوك مفاجئ مختلف، لذا سأتابع قريباً ببعض دروس التمثيل". من ناحية ثانية، يؤكد"سوبر ستار"العرب أنه ما زال هاوياً:"أخاف اعتبار الفن مهنة. أود أن أنقل متعتي بالغناء وإحساسي إلى الناس. لا أريد اعتباره مهنة أرتزق منها، فذلك يخفت بريقه كثيراً". وعن الوسط الفني، يجيب بابتسامة صفراء:" أحببت الوسط الفني على رغم صعوبته، لكنني أخاف من الضغط النفسي الذي نعيشه في هذا الوسط. كثر يفكرون أن الأبواب دائماً مفتوحة أمام الفنان. لكن المسألة غير ذلك. طريقنا ليست مزروعة بالورد الأحمر. طريقنا شائكة، تمنعنا أحياناً من تقديم عمل محترف، كما إن الظروف المادية قد تقف عائقاً أمام ذلك. تلك الأغنية التي تسمعها لثلاث دقائق، تتطلب منّا جهداً كبيراً. لذا ترى أن الفنان يعيش ظروفاً صعبة، أبرزها الضغط النفسي. ويرفض الأعتر تحديد شروط معينة للنجومية والاستمرارية،"هذا توفيق من عند الله. هناك من عمل كثيراً وتعب كثيراً قبل أن حصد النجاح. في المقابل، هناك من"فرقع"من أول عمل ثم اختفى. لكن في شكل عام، يتطلب النجاح مواصفات كثيرة، أبرزها الصوت، والقبول والذكاء والدعم والحضور والشخصية، والإحساس في الأداء. أنا أحترم أذواق الناس المختلفة لأنها تتطلب تنوعاً فنياً... هناك من يقول إنه لا يحب صوت أيمن الأعتر لأنه ليس قوياً. لكنني شخصياً ضدّ تلك المقولة فالإحساس هو أجمل شروط الغناء. أنظر مثلاً الفنان فضل شاكر، هو من أهم النجوم العرب. من لا يغني يصعب تصديقه. الشباب والطموح ويؤكد الأعتر أنه لن يبدأ بالتحضير للألبوم الجديد قبل أن يأخذ"بحبك"حقه ويصوّر على الأقل 3 أغان منه،"علماً أن فنانين وعدوني بألحان مثل فضل شاكر وصابر الرباعي وعاصي الحلاني وحسين الجسمي وهو صديقي وصاحب أفضل الأصوات العربية". حينما تسأل بعض المطربين المخضرمين عن النجوم الشباب يجيب مباشرة: أيمن الأعتر. أما بالنسبة إليه، فهو يحب أصالة."عندما قالت في حلقة"سوبر ستار": أيمن غنّى"لو تعرفوا"أجمل مني وأنا سأتعلّم منه"، فرحت كثيراً. جعلتني أغني أمامها بارتياح شديد. هذا ليس غروراً مني بل تواضعاً منها. كنت أحلم سابقاً أن التقي هؤلاء النجوم، فما بالك اليوم وأنأ أسمع كلمات تشجيع منهم. أحب نوال الكويتية التي أطالبها دائماً بدويتو يجمعنا، لكنها ترفض ولا أدري لماذا. هناك أيضاً صابر الرباعي وفضل شاكر وعاصي الحلاني وحسين الجسمي وشيرين وغيرهم. أما من الشباب، فأحببت هذا العام وائل جسار الذي أخذ حقه أخيراً بعد سنوات من التعب وآدم ويارا وأسماء النور وملحم زين". ويعلو صوت الأعتر حينما تسأله عن اجتياح الأغنية المغاربية الغناء العربي:"علينا أخيراً أن نأخذ فرصتنا. هناك أحمد الشريف من الأصوات الحلوة التي تصل في سرعة إلى القلب. يتمتع ذلك الشاب بكاريزما وحضور لافتين، يجعلان الجميع يحبونه. في المغرب العربي، هناك تقصير فني. لكن الهجمة المغاربية قريبة وانتظروا مفاجآت رائعة". وعن"سوبر ستار"، يقول:" أحب كثيراً شهد برمدا، وأسماء بن أحمد وأيمن لسيق، وأحمد الفالح. باركت لعمّار حسن بألبومه الجديد أيضاً". أما في"ستار أكاديمي"، فأحب كثيراً ميريام عطالله وبهاء الكافي، وجدت أن فيديو كليب أغنيتها"وعدني"يشبه فيديو كليب أغنيتي"بحبك". أحس بأن جيل الشباب يعي توتر علاقات الفنانين الكبار، لذا ترانا نعرف أننا ليس بالضرورة أن نصبح أصدقاء، لكن ما المانع في أن تكون علاقاتنا بروتوكولية طيبة؟". وينهي الأعتر حديثه:" لدي طموح كبير... أعرف أنني أملك الموهبة. لكن في المقابل، عليكم أن تعرفوا أن الظروف قد تعيقنا أحياناً، وأن شركات الإنتاج ليست والداً حنوناً يساعد ابنه في تحقيق ما يريد".