لم يكن العام 2005 عادياً في سوق الكاسيت الفني. وكأن متاجر ذلك السوق كانت تنتظر رصاصة الرحمة لتوّدع صناعة مزدهرة شكّلت منجم ذهب للكثيرين. لا شكّ في أن الأوضاع الأمنية لعبت في السابق دوراً أساسياً في تراجع أسهم سوق الكاسيت، من حرب العراق إلى الانتفاضة الفلسطينية، فأجلّ الكثيرون طرح أعمالهم وألغيت حفلات وحضرت المهرجانات في شكل خجول. لكن الفارق الأساسي هذا العام، كان لبنان، المنبع الرئيس لهذه الصناعة. بعد حادثة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، تبعثرت كل الأوراق والخطط التي وضعها المطربون وشركات الإنتاج. الأغنية السياسية كانت سيدة الموقف، ورافقت الأحداث السياسية وتقلباتها، من عاصي الحلاني إلى راغب علامة وغيرهما. سلسلة الاغتيالات والتفجيرات في لبنان جعلت الفنانين يخفقون في تحديد المواعيد الصحيحة لإصدار ألبوماتهم. فراجت الأغنية المنفردة التي عوضّت غياب هؤلاء المطربين. إلا أن اللافت أن الأعمال التي طرحت العام المنتهي، استطاعت، على رغم ضعف بعضها، أن تعوّض عن ذلك الركود الذي اجتاح الأغنية العربية العام 2004. من الشريف إلى كرم الوجوه الجديدة كانت لافتة العام 2005. ولعلّ النجم التونسي أحمد الشريف، أكبر دليل على ذلك. استطاع ذلك الشاب بموهبته القوية وأغانيه الضاربة أن يحلّق عالياً في النجومية، ويحقق في أشهر بسيطة ما اخفق الكثيرون على تحقيقه في سنوات. راجت أغنيات ألبوم"بين الناس"وكرّست الشاب الوسيم نجماً حقيقياً. كما أطلق العام 2005 كلاً من يارا، صاحبة"توصّى فيي"، وآدم، صاحب"خلص الدمع". أحمد الشريف أنقذ"ستار أكاديمي"، إذ إن الأعمال التي طرحها هذا العام نجم الأكاديمية محمد عطية، لم تحقق أي نجاح يذكر. كما ان بشار الشطي لم يحقق في ألبومه أي انتشار يذكر، وغاب نجوم"ستار أكاديمي 2"تماماً عن الساحة. أيمن الأعتر، نجم"سوبر ستار"، استطاع أن يقدم ألبوماً جيداً على المستوى الفني، فاختار أغنيات أظهرت صوته الطربي ولاقت الرواج الكافي. على صعيد آخر، عادت نجوى كرم بقوة إلى الساحة فقدمت أغنيتين منفردتين هما"شو جاني"، و"بحبك ولع"قبل أن تطرح ألبوم"كبر الحب"أخيراً وتسجل من خلاله نجاحاً افتقدته في السنوات الأخيرة. نوال الزغبي كانت حاضرة أيضاً هذا الموسم، وكان اختيارها موفقاً في"روحي يا روحي"التي أصدرتها منفردة وسجلت لها حضوراً مميزاً في الصيف الماضي. نانسي عجرم، اكتفت بنجاح الألبوم الذي أصدرته قبل سنة"آه ونص"، لكنها بقيت محافظة على أسهم مرتفعة في سوق الكاسيت والفيديو. وائل كفوري كسب رهانه هذه المرة أيضاً، وتصدر ألبوم"بحبك أنا كتير"قائمة الألبومات الأكثر مبيعاً، كذلك الأمر بالنسبة إلى شيرين التي بقيت،"مطربة مصر الأولى"في منطقة الشرق الأوسط مع ألبوم"لازم أعيش". أما راغب علامة، فكانت عودته حميدة مع"الحب الكبير"، كذلك نبيل شعيل في"أنا ناطر"، وحسين الجسمي الذي اختير أكثر من مرة مطرب الخليج الأول في الشرق الأوسط مع"والله ما يسوى"و"أنا الشاكي". وفارس كرم، شذّ عن قاعدة الأغنية الكلاسيكية الهادئة، فتفوّق في"التنورة"على الكثيرين الذي اختاروا أغنيات هادئة لينطلقوا بها. ديانا كرزون قدمت مع الملحن سمير صفير"العمر ماشي"لتتفادى خطأ ألبومها الأول"إنساني ما بنساك"، وفضل شاكر قدم أغنية"مأثّر فيّ"التي حققت صدى طيباً، كذلك صابر الرباعي في"أتحدى العالم"، فيما أخفق كاظم الساهر في تقديم أي جديد في"انتهى المشوار". هذا العام أيضاً، كانت إطلالات ماجدة الرومي مميزة. فعادت بطاقة جبارة إلى عالم الغناء، ولفتت الأنظار في حفلاتها، من الجزائر إلى قطرولبنان. وقدمت الرومي أغنيتين هما"الحب والوفاء"للدكتور عبد الرب إدريس، و"اعتزلت الغرام"التي حملت توقيع ملحم بركات. وصوَّرت الرومي الأغنية على طريقة الفيديو كليب مع نادين لبكي. وخرج الكليب الذي يعرض قريباً في صورة أنيقة تناسب جمالية الأغنية. كذلك عادت رسولة الأغنية الملتزمة جوليا بطرس إلى"بيت الدين"بعد انقطاع عن المهرجانات دام أكثر من خمس سنوات. هذا العام كان أيضاً عام المصالحات الفنية، فتوددت أخيراً نوال الزغبي إلى أصالة، وتصافح المدير الفني في"روتانا"سالم الهندي مع وليد توفيق، وإليسا مع هيفا. رهانات وقيل وقال على صعيد القيل والقال، تصدر خبر فوز إليسا بجائزة الموسيقى العالمية لأفضل مبيعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عناوين الصحف والمجلات العربية. وفي حين شكك بعضهم في مصداقية الجائزة، اعتبر آخرون اليسا تستحقها عن جدارة... وجاء هذا الفوز ليعيد الاعتبار إلى المغنية اللبنانية، بعد الكلام اللاذع الذي دار حولها أخيرا في كواليس الإعلام الفني، عن تراجع مكانتها، أمام فنانات جديدات، في مقدمهن نانسي عجرم وهيفا وهبي. هيفا عاشت هذا العام تجارب مختلفة: أطلقت ألبوم"بدي عيش"، أعلنت خطوبتها من طارق الجفالي، شاركت في برنامج"الوادي"، أعلنت أنها تركت الجفالي، غادرت شركة"روتانا"، انضمت إلى"عالم الفن"، عادت"مبدئياً"قبل أيام إلى الجفالي. وأقدمت أصالة على خطوات جديدة شكلاً ومضموناً، فانتقلت إلى شركة"روتانا"، وأجرت عمليات تجميل لوجهها، وأطلقت ألبوم"عادي"مع أغنيات شبابية طربية ضاربة، وحصدت النجاح في مهرجانات قرطاج والمغرب والبحرين ودار الأوبرا المصرية... لكن المطربة السورية عانت كثيراً من طلاقها من أيمن الذهبي الذي توجه أخيراً إلى دعم وجه جديد هو سارة الهاني. على صعيد شركات الإنتاج، عاشت"روتانا"عاماً متقلباً فنجحت في ضمّ أنغام وأحلام وأصالة تحت جناحيها، وأطلقت محطة"روتانا خليجية"، وكانت"امبريزاريو"مهرجانات الصيف. لكنها في المقابل، خسرت إيهاب توفيق وهيفا وهبي. وظهرت هذا العام شركة"ميلودي"التي دعمت الجميلات من تيا إلى ماريا وجاد الشويري. كما ازداد وضع شركة محسن جابر سوءاً بعد خسارته لأحلام وأنغام وراغب علامة. وتأسست شركة"غود نيوز"للإعلامي عماد الدين أديب، وبدأت مشوارها مع ماجدة الرومي! على صعيد المهرجانات الغنائية، عادت الأصالة إلى صرح قرطاج، وفشل"جرش"في تسليط الضوء على نجومه، وكان مخاض مهرجان"ذوق مكايل"الذي تبنته"روتانا"عسيراً، خصوصاً مع تردي الوضع الأمني في لبنان. ونجح"مهرجان الدوحة الثقافي"و"هلا فبراير"في إنعاش شتاء الخليج العربي مع خريف هادئ. واحتدم السباق بين عارضات الأزياء اللواتي دخلن عالم الغناء، فأطلّت دومينيك حوراني فرفورة إلى الحلبة بثياب"بلا أقمشة"، كذلك اجتاحت دانا"بحركاتها"المحطات الفضائية. وفي حين تعرّضت العارضة اللبنانية كارين حتي إلى حادث اتهم به زوجها مصطفى بري، ودَّعت الساحة الفنية مطرب الهوارة اللبناني آلان مرعب، وعميد المسرح الشعبي وسيم طباره، والموسيقار توفيق الباشا. عمرو دياب أصدر ألبومه"كمل كلامك"قبل أيام، وماجدة الرومي تطلق جديدها في بداية السنة الجديدة."سوبر ستار"يحمل في دورته الأخيرة مواهب جيدة، فيما لم تتضح بعد ملامح صورة الدورة الثالثة من"ستار أكاديمي"... مهرجان"الدوحة الغنائي السابع"على الأبواب، كذلك"هلا فبراير"... فما الجديد الذي قد يحمله العام المقبل؟