قامت روسيا مع صبيحة اليوم الاول لعام 2006، بخفض درجة الضخ في الأنابيب التي تحمل الغاز الطبيعي الروسي من حقول سيبيريا. وذلك بعدما رفضت أوكرانيا رفع أسعار وارداتها من الغاز الطبيعي الروسي بنسبة 500 في المئة. وأمضت كييف جراء ذلك الأيام الثلاثة الأولى من العام، ببردها القارس، من دون غاز روسي. واستهلت موسكو، التي توفر لأوروبا ربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي، عام 2006 بصورة أرادت من خلالها أن تؤكد أنها استعادت معظم النفوذ، الذي كان لها خلال الحقبة الشيوعية بفضل إمدادات النفط الضخمة التي تملكها. وشهد العام تولي روسيا رئاسة مجموعة الثماني التي طالما خططت لها. وتحرك الكرملين في هذا الإطار بطريقة متشددة رغبة منه في تأكيد أن روسيا قوة عالمية. وتقف خلف هذه النهضة الروسية شركة"غازبروم"، التي تحتكر إنتاج الغاز الطبيعي، وهي العملاق الذي تحول خلال ست سنوات من لاعب صغير، إلى ثالث أكبر شركات الطاقة في العالم. وهي تطمح لان تكون الأكبر في مجالات عدة. وأمضت الشركة عام 2006، في تعزيز أصولها ونطاق نشاطها، وهو في الغالب على حساب الشركات الأجنبية الكبرى، التي بدأت تستشعر ما تلاقيه من مضايقات على الأراضي الروسية. فقد شنت هيئة حماية البيئة الحكومية في روسيا حملة تفتيش على مشروع"ساخالين 2"المملوك لشركة"رويال داتش شل"البريطانية - الهولندية، وكشفت عن عدد من الانتهاكات البيئية في أكبر مشروع عالمي لتطوير الطاقة. ومثلت هذه الخطوة تهديداً بوضع نهاية لمشروع تبلغ كلفته 20بليون دولار في المحيط الهادئ قبالة السواحل الروسية، ويعتقد أن الدافع وراءها كان رغبة"غازبروم"في بسط سيطرتها على حقول ساخالين. وفي منتصف كانون الأول ديسمبر أفادت وسائل الإعلام الروسية بأن"شل"عرضت على"غازبروم"50 في المئة من أسهم المشروع. وما زالت المفاوضات جارية، والعام يلملم أوراقه للرحيل في خلال أيام قليلة. ومع تصعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعواته خلال عام 2006، لاقتصاد يعتمد على"الأبطال القوميين"، أو الصناعات الاحتكارية المملوكة للحكومة، التي تستطيع المنافسة في الخارج، لعبت"غازبروم"دور حامل اللواء الاقتصادي للبلاد. وشهد العام اندماج كل شركات صناعة الطائرات الكبرى، في شركة الطيران المتحدة، التي يرأسها وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي إيفانوف. ومع اقتراب روسيا من الانضمام الى منظمة التجارة العالمية عبر التوقيع على اتفاق حيوي للتجارة مع الولاياتالمتحدة، شهدت قطاعات المعادن والصرافة وصناعة السيارات والطاقة النووية اندماجات أيضاَ. وفيما ينتقد الكثير من اقتصاديي السوق هذه الاندماجات، فان معظم الروس يعتبرونها ضرورية بعد عقد التسعينات من القرن العشرين، الذي خربت الخصخصة خلاله صناعة البلاد، ولم يستفد منها سوى القلة، على حساب معظم أفراد الشعب الروسي. بيد ان محور الخطط السياسية والاقتصادية الروسية هي"غازبروم"، التي توصف في الغرب ب"رافعة نهوض السياسة الخارجية لموسكو". وجاء قطع"غازبروم"لإمدادات النفط عن أوكرانيا بعدما رفضت حكومتها التي يدعمها الغرب، دفع 230 دولاراً لكل ألف متر مكعب من الغاز. وبعد سقوط الحكومة الأوكرانية برئاسة يوليا تيموشينكو عقب إخفاقها في العام الجديد، قامت"غازبروم"بخفض أسعار الغاز لمصلحة حكومة فيكتور يانوكوفيتيش الموالي لروسيا، إلى 130 دولاراً لكل ألف متر مكعب.