علمت "الحياة" أن القيادة السعودية جددت أمس للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، دعمها الكامل لكل ما يتوافق عليه اللبنانيون. وكان موسى الذي استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في حضور ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وكبار المسؤولين مساء أمس، طلب دعماً سعودياً لخطته التي تستهدف نزع فتيل الأزمة في لبنان. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"، إن موسى طلب تدخلاً لدى قوى 14 آذار تمهيداً لإعلان الحل، وسيطلب دعماً مماثلاً من القاهرة، كما سيطلب من دمشق الضغط على حلفائها لإنجاح دور الجامعة. وبثت"وكالة الأنباء السعودية"أنه جرى خلال اللقاء"البحث في مجمل الأحداث والتطورات على الساحة العربية، والجهود التي تبذلها الجامعة في كل القضايا التي تهم الأمة العربية، خصوصاً الوضع في لبنان والأراضي العربية المحتلة". وعقد اللقاء مساءً في الديوان الملكي في قصر اليمامة. واوضح الناطق باسم الجامعة العربية هشام يوسف في تصريحات إلى"الحياة"، أن الأمين العام بحث مع القيادة السعودية في قضايا المنطقة،"وعلى رأسها الوضع في لبنان طبعاً". وذكر أن جهود الجامعة في حل الوضع المتأزم في لبنان تشمل"الملفات الصعبة كلها، والمتمثلة في ملف المحكمة، وملف المشاركة في الحكومة، وملف الرئاسة، وملف قانون الانتخابات". واضاف يوسف أن موسى الذي غادر الرياض إلى القاهرة، سيعود إلى بيروت"في أقرب فرصة"، على ان يزور دمشق"ربما بعد عودة الرئيس بشار الأسد من زيارته الحالية لموسكو التي تبدأ غدا. ونحن ننتظر الرد". وعن كون محادثات موسى مع القيادة السعودية تطرقت الى طلبه الضغط على قوى 14 آذار، قال الناطق ان"الدور السعودي أعمق وأشمل، وهو مهم ومحوري، إلى جانب الدور المطلوب من سائر دول المنطقة". وطبقاً لمصادر ديبلوماسية في الرياض، استمع موسى إلى وجهة نظر القيادة السعودية"المرتكزة أساساً إلى دعم كل ما يتوافق اللبنانيون عليه". وتابعت المصادر:"هناك دعم مخلص لا مبادرة سعودية". وكانت وكالة"يو. بي. آي"نقلت عن مصادر قريبة من المحادثات ان موسى عرض"مسودة أو صيغة لشكل الوثيقة التي سيتم علانها بين الأطراف للخروج من الأزمة في لبنان". بري يعارض التصعيد وقالت مصادر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ل"الحياة"انه تلقى أمس اتصالاً من موسى قبل توجهه الى السعودية. وأوضحت المصادر أن بري أبدى ارتياحه الى زيارة موسى للرياض لاعتقاده الراسخ بأن الاتصالات العربية تساهم في المساعدة على التوصل الى مخارج من الأزمة السياسية. وذكرت ان بري تمنى ان يوسع الأمين العام اتصالاته العربية قبل عودته الى بيروت لمواصلة وساطته، وأن تشمل هذه الاتصالات القيادة السورية، وأوضحت ان موسى أبلغ بري انه سيجري اتصالاً بالمسؤولين السوريين قبل مجيئه الى لبنان. وكشفت المصادر ان قيادة المعارضة ستعقد اجتماعاً اليوم في منزل الرئيس عمر كرامي في طرابلس، للبحث في الخطوات المقبلة في تحركها لتحقيق مطالبها. لكنها أشارت الى ان بري ما زال يعتقد بوجوب تأجيل أي خطوات تصعيدية في انتظار استئناف موسى مبادرته وأن لا حاجة الى مزيد من الإجراءات الضاغطة على الحكومة الآن، ويفضل التريث في انتظار الاتصالات الخارجية، حتى يبقى الوضع مجمداً. باباندريو والاسد الى ذلك، قالت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة"ان رئيس الاشتراكية الدولية جورج باباندريو الذي زار بيروت في إطار اجتماعها الاستثنائي تضامناً مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وقوى 14 آذار، أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد، دعا فيه الى إبداء تعاونه مع خطوات إقامة المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، لأنه"المدخل الأفضل لتصحيح علاقاتكم مع المجتمع الدولي". وعلمت"الحياة"ان باباندريو أبلغ الأسد انه من موقع صداقته مع والده الراحل الرئيس حافظ الأسد يدعوه الى إبداء تعاون أكبر مع المجتمع الدولي، خصوصاً في ما يخص الحرص على عدم زعزعة الاستقرار في لبنان. وكان تردد ان باباندريو اجتمع اثناء وجوده في بيروت أول من امس الى نواب من"حزب الله"للبحث في تطورات الأزمة السياسية معهم، وموقف الاشتراكية الدولية منها. "حزب الله" على صعيد آخر، قال مصدر قيادي في "حزب الله" ل"الحياة"تعليقاً على التحرك الخارجي للأمين العام للجامعة العربية انه يبدو ان ثلاثة أرباع الحل بات خارجياً، وذكر المصدر ان الاتصالات من جانب المعارضة مع موسى الأسبوع الماضي كانت توصلت الى حلحلة الكثير من الأمور لولا عودة قادة الأكثرية والسنيورة عن بعض ما كان طرحه موسى معهم. وذكرت المصادر ان بري ومساعد الأمين العام ل "حزب الله" الحاج حسين الخليل كانا اتفقا مع موسى الأسبوع الماضي على صيغة التزامن بين إقرار المحكمة الدولية وبين قيام حكومة الوحدة الوطنية بصيغة 19-10-1، على أساس ان تتولى اللجنة السداسية التي يرأسها قاضيان لدرس الملاحظات على مشروع المحكمة، وعرض هذه الملاحظات على الحكومة كي تتبنى التعديلات التي تقترحها وتحيل المشروع مع تعديلاته على البرلمان. لكن السنيورة أصر على ان تتم الإحالة مباشرة على المجلس النيابي ليناقش فيه من دون ان تعيد الحكومة النظر فيه. وقال المصدر القيادي في الحزب:"اقترحنا إحالته عبر الحكومة لأنه لا قناة دستورية غيرها لإيصاله الى المجلس النيابي، لكن السنيورة لا يريد تثبيت الموقف القائل ان إقرار الحكومة الحالية قبل توسيعها المحكمة غير دستوري". واتهم المصدر السنيورة بأنه عاد في آخر لقاء مع موسى عن اقتراح الأخير تسمية الوزير الحادي عشر الذي تقترحه المعارضة، بطريقة تثبيت الاسم الثالث المقترح وزيراً إذا رفضه رئيس الحكومة في المرتين الأوليين. وقال المصدر القيادي ان بري اضطر الى إبلاغ موسى انه يقبل بأن يصبح اسم"الوزير الملك"أو شبه المحايد ثابتاً في المرة الخامسة أو اكثر إذا لم تعجب السنيورة اقتراحات الأسماء التي تسبقه. واعتبر المصدر أن هذه أمثلة على قبول الأكثرية ببعض اقتراحات الحلول تم تراجعها عنها. وكانت مصادر في الأكثرية قالت ان بري وضع شرطاً لإحالة مشروع المحكمة على المجلس النيابي، يقضي بإعادة إرسال مرسوم قانون المحكمة مجدداً الى رئيس الجمهورية اميل لحود كي يوقعه، فيما رأى قادة قوى 14 آذار والسنيورة أن هذا الطلب غير دستوري طالما ان الحكومة أحالت المشروع في 27 الشهر الماضي على لحود ولم يوقعه وأن المادة 56 من الدستور تنص على اعتباره نافذاً حكماً بعد مضي مهلة 15 يوماً على الإحالة، اذا لم يوقعه لحود. ورأت مصادر وزارية ان اقتراح بري بإعادة إحالة المشروع على لحود يعني انتظار مهلة 15 يوماً أخرى لا ينص عليها الدستور، بهدف مرور الوقت في شكل تنتهي معه الدورة العادية الحالية للبرلمان، آخر الشهر الجاري، بحيث تتعذر الدعوة الى جلسة نيابية إلا بفتح دورة استثنائية بطلب من الحكومة وبتوقيع من لحود. وأضافت المصادر الوزارية:"طلبت الأكثرية ضمانة بأن يقبل لحود بتوقيع مرسوم فتح دورة استثنائية، لكن المعارضة لم تقدم هذه الضمانة، وهذا يعني ترك موضوع المحكمة الدولية الى الدورة العادية للبرلمان في أواخر آذار مارس المقبل".