لبنان نحو السلام    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مندوب تركيا    الثعبان في «مالبينسا»..!    الأنسنة ومأسسة تكريم العمال    الادخار والاستثمار… ثقافة غائبة    بهدف تنمية الكوادر الوطنية المتخصصة.. إطلاق برنامج تدريب المبتعثين في التخصصات الثقافية    شراء الطاقة ل 5 مشروعات    مرحلة الردع المتصاعد    هل تجري الرياح كما تشتهي سفينة ترمب؟    إدانة دولية لقصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    الأخضر يواجه إندونيسيا لانتزاع وصافة المجموعة الثالثة    في تصفيات مونديال 2026.. ميسي لتجاوز عناد «بيرو».. والبرازيل تسعى لنقاط أورجواي    أيُّهما أفضل الفصلين الدراسيين أما الثلاثة؟    عودة للمدارس    "التعليم": إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    التوسع في استخدام أجهزة التحكم المروري للحد من الحوادث    الاختيار الواعي    "التعليم" تشارك في مؤتمر اللغة الصينية    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    23.1% نسبة السمنة بين السكان البالغين في السعودية    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    قسطرة قلبية تنقذ طفلاً يمنياً    سعود بن طلال يطلق كائنات فطرية في متنزه الأحساء    وزير الموارد البشرية: المملكة تقوم بدور ريادي في دعم توجهات مجموعة العشرين حول قضايا العمل والتوظيف    أمير حائل يشدد على تسخير الإمكانات لخدمة التعليم    وزير التعليم خلال منتدى مسك العالمي 2024م: منظومة القيم هي أساس النجاح    وزير الخارجية ونظيره السنغافوري يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    حسام بن سعود يستقبل رئيس جامعة الباحة    وكيل وزارة الثقافة اليمنية ل«عكاظ»: السعودية تشهد نهضة شاملة    1.82 مليون زائرا في معرض الشارقة للكتاب    الأخضر في مهمة استعادة الوصافة    النعيم يكتب.. إندونيسيا تحدٍ جديد!!    انعقاد الجولة الثانية من المشاورات السياسية السعودية - الصينية    الرياض تجمع أفضل فرسان العالم في قفز الحواجز    أمير تبوك يدشن مشاريع تنموية واستثمارية بالمنطقة بأكثر من نصف مليار ريال    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على وسط لبنان    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    من قمة العشرين.. بايدن يؤكد دعم إدارته القوي لأوكرانيا    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعزز السياحة الثقافية بمشروع وطني طموح    " طويق " تدعم شموع الأمل ببرامج تدريبية لمقدمي الخدمات لذوي الإعاقة    أمير حائل يطلع على مشروع التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم    علوان رئيساً تنفيذيّاً ل«المسرح والفنون الأدائية».. والواصل رئيساً تنفيذيّاً ل«الأدب والنشر والترجمة»    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوش يؤكد التزامه دعم لبنان وانشاء المحكمة الدولية والسفير السعودي يدعو الوزراء المستقيلين الى العودة . تشييع بيار الجميل اليوم يعيد اطلاق "انتفاضة 14 آذار" دمشق تتهم الاكثرية وجنبلاط يحمل نظامها المسؤولية
نشر في الحياة يوم 23 - 11 - 2006

أطبق اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل على صدور اللبنانيين، غداة عملية الاغتيال التي وقعت في وضح النهار، وزاد من خوفهم على الاستقرار الذي تتهدده أزمة سياسية وانقسام كبيران بين القوى السياسية بانعكاسات طائفية ومذهبية خطيرة. وبدا لبنان متجهاً نحو المجهول في انتظار انقشاع إمكان تجديد الجهود لتقريب وجهات النظر بين قوى 14 آذار وقوى المعارضة التي يشكل تحالف"حزب الله"مع العماد ميشال عون عمودها الفقري، بعد تشييع جثمانه الواحدة بعد ظهر اليوم في وسط بيروت في ظل حشد شعبي تأمل قوى الأكثرية ان يحصن موقفها في مواجهة سعي المعارضة الى اسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وضد ما تراه محاولات لعرقلة قيام المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الجرائم. وقال سياسي لبناني بارز ل"الحياة"ان التشييع سيعيد"اطلاق انتفاضة 14 آذار".
الا ان الانقسام الداخلي بين اللبنانيين، في يوم ذكرى الاستقلال، الذي ألغيت كل الاحتفالات به، انسحب على نظرة كل من الفريقين الى الجريمة نفسها، في وقت افترض كثر ان اغتيال الوزير ابن ال 34 سنة الممتلئ حيوية ونشاطاً كقيادي في"حزب الكتائب"وناشط ضمن فريق الأكثرية ومتحمّس لمشاريع مستقبلية في وزارة الصناعة، قد يكون مناسبة لتقريب وجهات النظر كما تفرض ذلك كل فاجعة تحل بمجتمع سياسي.
وانعكست الجهود والمواقف الخارجية من الازمة السياسية التي تعيشها البلاد مواقف جديدة كان البارز بينها أمس اعلان السفير السعودي في بيروت عبدالعزيز الخوجة بعد اجتماعه مع السنيورة بعد ظهر امس انه تبادل معه وجهات النظر حول الوضع الدقيق الذي يمر به لبنان اليوم. وقال الخوجة:"ان تحركي يصبّ في اطار العودة الى اللحمة الوطنية والتوافق بين جميع اللبنانيين ولذلك فإني أدعو الوزراء المستقيلين الى العودة فوراً الى ممارسة مهماتهم الوزارية بسبب دقة الظروف كما أدعو اللبنانيين الى مواجهة كل ما يحصل بكثير من التماسك والشجاعة". راجع ص2 و3 و4
وكان السنيورة التقى ايضاً السفير الروسي سيرغي بوكين الذي دعا اللبنانيين الى ضبط النفس حتى لا يتزعزع الاستقرار. وأكد استعداد بلاده لمساعدة لبنان على اجتياز الصعوبات الداخلية والخارجية.
ودعا السفير المصري حسين ضرار بعد لقائه السنيورة الى توحيد الصفوف وجميع الاطراف ان تعي خطورة المرحلة، معتبراً ما حدث بالأمس متغيراً كبيراً جداً. وسأل:"هل يمكن لهذا الحدث ان يهزّ المواقف السياسية ويجعل الجميع يرى مصلحة البلد فوق كل شيء؟ هذا ما يجري بحثه".
وفي وقت امتلأت شاشات التلفزة في المحطات اللبنانية بالاتهامات المتبادلة، غصّت دارة رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل والد الشهيد الشاب، بالمعزين الذين تقاطروا بعشرات الآلاف بعد نقل الجثمان الى مسقطه بلدة بكفيا في منطقة المتن الشمالي، منذ الصباح حتى آخر الليل، قبل ان ينقل صباح اليوم الى كنيسة مار جرجس وسط بيروت حيث سيصلى عليه ليعود فيدفن في البلدة بعد الظهر.
وشهدت التعازي في بكفيا غضباً ممزوجاً بالحزن، طاول العماد عون وحلفاءه وسورية، فيما أعلن الرئيس الجميل في تصريح له انه يشتبه بقوة في وقوف سورية وراء اغتيال ابنه بيار، مؤكداً ان مثل هذا النوع من الجرائم يتطابق مع"التصرف المعتاد"لنظام دمشق.
وقال فرانس برس لمحطة التلفزيون الفرنسية أي سي آي:"ليست لدينا بعد أدلة او قرائن غير قابلة للنقض لكن الكثير من الأصابع تشير الى سورية التي لها سوابق". وأضاف الجميل:"لدينا أدلة على ان سورية هي التي اغتالت شقيقي الرئيس بشير الجميل عام 1982 وكل شيء يدفع الى الاعتقاد بأنه التصرف المعتاد لسورية بتصفية حساباتها في لبنان عبر هذا النوع من الأساليب الشيطانية، عبر الاغتيال".
وبدا ان قوى 14 آذار تستنفر جمهورها للمشاركة في التشييع اليوم، فاجتمع المكتب السياسي لحزب الكتائب من اجل البحث في الترتيبات الواجب اتخاذها في شان"المأتم الوطني"والذي يشمل الى نقل جثمان الجميل، نقل جثمان رفيقه الذي سقط معه في السيارة التي طاولتها رصاصات الرشاشات والمسدسات الكاتمة للصوت.
ووجّه زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري نداء الى اللبنانيين في جميع المناطق الى المشاركة في التشييع، معلناً ان بيار أمين الجميل كان مؤمناً بالحقيقة والمحكمة الدولية. وطالب"كل من يحب الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن يريد المحكمة الدولية والانتهاء من مسلسل الاغتيالات بأن ينزل معنا"، مؤكداً انه سيودع بيار الجميل متمنياً ان"نكون أوفياء له كما كان وفياً لنا".
من جهة ثانية، توقّع النائب سعد الحريري ان يكون الأسبوعان المقبلان حرجين من أجل إقرار المحكمة الدولية. وقال:"سنقوم بكل ما في وسعنا لتمرير مشروع المحكمة ونحن مستعدون للنضال من اجل ذلك والتضحية بأنفسنا وبنفسي شخصياً من اجل هذه القضية لأن المحكمة ليست للثأر فلا شيء سيعيد رفيق الحريري وبيار الجميل وجبران تويني وسمير قصير وجورج حاوي، بل ان المحكمة هي لحماية لبنان مستقبلاً ومعاقبة الذين ارتكبوا هذه الجرائم وإحلال العدالة".
وأضاف:"... انهم يحاولون إشعال الحرب الأهلية في لبنان ونقول لهم انه لن تكون هناك حرب أهلية ولن ننصاع الى ما يريدون ولن تكون هناك نزاعات طائفية بين السنّة والشيعة أو بين المسيحيين والمسلمين".
وفيما ساد التكتم حول التحقيقات في الجريمة وطالب حزب الكتائب مجلس الوزراء بإدراج الجريمة على أول جلسة له وإحالتها على المجلس العدلي والسعي الى أن تشملها أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، توقع رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط المزيد من الاغتيالات وشن هجوماً عنيفاً على النظام السوري، معتبراً ان كل اغتيال هو مسمار في نعشه. ولم يوفر"حزب الله"وأمينه العام السيد حسن نصر الله الذي وصفه ب"المنتصر الإلهي"من الانتقاد.
وإذ اعتبر جنبلاط ان الجميل سطّر بدمه ذكرى الاستقلال، شدّد على ان ثمة هدفين لاغتياله:"إنقاص عدد وزراء الغالبية في الحكومة وفي المجلس النيابي لأن الحكومة ستجتمع وتوافق على مشروع المحكمة الدولية... وسيعترض الذين يخشون العدالة وأولهم رئيس الجمهورية اميل لحود ثم سنذهب الى مجلس النواب لإقرار المشروع...". وسأل:"هل سيدعو الرئيس نبيه بري الى جلسة المجلس النيابي كي يوافق على المعاهدة مع الأمم المتحدة بين لبنان والأمم المتحدة؟"، معتبراً ان هذه الدعوة تكون خطوة تاريخية. وإذ دعا أهل الجبل الى المشاركة في تشييع الجميل، نفى رداً على سؤال ان يكون وجّه التهمة الى"حزب الله"بالمشاركة في الجريمة، وطالب نصر الله بأن يعطي اشارة الى نوابه ووزرائه بالعودة الى الحكومة ويشارك جميع اللبنانيين في اقرار المحكمة الدولية،"ولاحقاً نفتح صفحة جديدة وننسى كل الماضي وندخل في نقاش جدي حول حكومة الاتحاد الوطني من خلال التوافق ومن خلال رئيس جديد للجمهورية".
وفي وقت دعا رئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع الى مشاركة واسعة في تشييع الجميل اليوم وطلب الاسراع في اقرار المحكمة الدولية رداً على الجريمة، جاءت ردود الفعل من المعارضة في سياق الصراع السياسي الذي سبق الجريمة. واذ كرّر جعجع تحذيره الذي كان أطلقه قبل اسبوع من اغتيالات سيتعرض لها وزراء لمنع اقرار المحكمة الدولية وطالب المعارضة بإعادة النظر بمطالبها وطالب وزراء حركة"أمل"و"حزب الله"بالعودة عن استقالاتهم، اعتبرت ثلاث صحف سورية ان الأكثرية اللبنانية على علاقة باغتيال الجميل، معتبرة ان الاغتيال يشكل"طوق نجاة للحكومة"التي تعتبر"فاقدة الشرعية". ووصفت صحيفة"البعث"الأكثرية بأنها معزولة شعبياً، مؤكدة ان تنفيذ الجريمة بتلك الطريقة هو ادانة فاضحة لأطراف الحكومة والأكثرية الذي حذر أحد أقطابهم من استهداف بعض الوزراء المقصود جعجع. ورأت"الثورة"أنه في وقت كان الشارع اللبناني"على وشك ان يقول كلمة الفصل خرج الآخرون ليقولوا كلمتهم الدامية ومنهم من كان في السجن بلباس القتلة".
وفي كلام مشابه قال رئيس الحكومة السابق المعارض عمر كرامي ان هناك كثراً"جسمهم لبيس"، مطالباً جعجع بأن يضع معلوماته في تصرف التحقيق. وقال النائب في"حزب الله"حسن فضل الله ان المعارضة هي المتضرر الأول من الجريمة، وهاجم الاكثرية والسلطة"العاجزة والقاصرة". وتحدث عن"التوظيف السياسي المباشر للجريمة فيقال لنا عودوا عن الاستقالة أو اقبلوا بالمحكمة الدولية كيفما كان".
وكان البطريرك الماروني نصرالله صفير وصف الجريمة بأنها مصيبة وطن وليست مصيبة عائلة أو مصيبة المسيحيين ودعا الى الاحتياط من اغتيالات اخرى...
وفي المواقف الخارجية اتسع صدى الجريمة مثل كرة الثلج فندد بها البابا بنديكتوس السادس عشر، واتصل الرئيس الاميركي جورج بوش بالرئيس الجميل وبالرئيس السنيورة ايضاً. وأعلن البيت الابيض ان بوش اكد للسنيورة تعهده"الثابت"دعم الديموقراطية في لبنان. فرانس برس وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الاميركي غوردن دوندرو ان الرئيس الاميركي اكد مجدداً اصراره على تشكيل المحكمة الدولية. وأضاف ان"الرئيس بوش اكد مجدداً للسنيورة تعهد الولايات المتحدة المساعدة على بناء الديموقراطية اللبنانية ودعم الاستقلال اللبناني بوجه العقبات التي تضعها ايران وسورية. وقال ان بوش"اكد ان العنف والاضطرابات في لبنان لن تمنع الاسرة الدولية من انشاء المحكمة الخاصة بلبنان".
وأعلن المكتب الاعلامي للسنيورة ان بوش أكد استنكاره وحزنه الشديدين"نتيجة هذا العمل الاجرامي الذي استهدف وزيراً ونائباً طليعياً وقائداً من قادة ثورة الأرز". وأضاف بيان المكتب الاعلامي:"أكد الرئيس بوش للرئيس السنيورة دعمه للبنان حكومة وشعباً وعدم المقايضة في قضايا لبنان بأي قضايا اخرى، مؤكداً الدعم الكامل لانشاء المحكمة ذات الطابع الدولي. كما اكد بوش استخدام اتصالاته وعلاقاته مع المجتمع الدولي لتأكيد ضرورة انشاء المحكمة الدولية ولتثبيت الاستقرار في لبنان والعمل على تحريك موضوع مزارع شبعا ومساعدة لبنان في مسيرة اعادة الاعمار".
كما تلقى السنيورة اتصالات للتعزية بالوزير الجميل من كل من: الرئيس المصري حسني مبارك، أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، رئيس الحكومة البريطانية توني بلير ورئيس الحكومة الايطالية رومانو برودي ورئيس الوزراء المصري أحمد نظيف.
وكان شيراك اتصل ايضاً بالجميل الأب. وسيشارك وزير خارجيته فيليب دوست - بلازي في مراسم تشييع الشهيد الجميل، ثم سيلتقي السنيورة لتعزيته ويزور الرئيس بري والنائب الحريري لينتقل بعدها الى زيارة البطريرك صفير، قبل ان يغادر لبنان.
التحقيقات في الجريمة
واجتمع مجلس الأمن المركزي امس برئاسة السنيورة وحضور وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت ومدعي عام التمييز وقادة الجيش وقوى الأمن والاجهزة الامنية وبحث في جريمة اغتيال الجميل. وقال فتفت بعد الاجتماع ان القضاء يحقق مع عدد كبير من الشهود، نافياً أي تقصير من الاجهزة الامنية ولافتاً الى ان الوزير الشهيد كان طلب من الدورية المفروزة لحمايته عدم مرافقته في جولته الاخيرة. واعتبر فتفت ان البعض"تكلم بوقاحة كبيرة ليس فقط في اتجاه قوى الأمن بل حتى باتجاه استشهاد الشيخ بيار، وبعض التصاريح كانت مقززة"...
وعلمت"الحياة"من مصادر حكومية بارزة ان لبنان طلب امس رسمياً من لجنة التحقيق الدولية توفير كل اشكال المساعدة الفنية والتقنية للقضاء اللبناني الذي باشر التحقيق في الجريمة باشراف المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا الذي يتابع تفاصيل التحقيق الذي يتولاه قاضي التحقيق العسكري الأول جان فهد.
ونفت المصادر ما تردد امس من ان الحكومة اللبنانية طلبت من لجنة التحقيق الدولية ضم ملف اغتيال الجميل الى التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعدما كان تقرر توسيع صلاحية اللجنة لتشمل الجرائم الاخرى. ورأت المصادر انه قد يكون من السابق لأوانه الاسراع في مثل هذا الطلب.
وعما اذا كان القضاء اللبناني طلب تأجيل تسليم جثة احد مرافقي الوزير الجميل سمير شرتوني الملقب ب"العصفور"الى ذويه بناء لطلب لجنة التحقيق الدولية اكد مصدر قضائي بارز ل"الحياة"ان لا صحة لما اشيع على هذا الصعيد.
وأضاف:"ان تشريح جثة الشرتوني لتحديد اسباب الوفاة تأجل لبعض الوقت بناء لطلب النيابة العامة التمييزية". وعزا السبب الى ان النيابة العامة كلفت الطبيب الشرعي نفسه تشريح جثة الوزير الجميل لتحديد اسباب الوفاة ومعرفة مكان اصابته. وقال انه باشر فور الانتهاء من تشريح جثة الجميل بتشريح جثة مرافقه التي سلمت مساء امس الى ذويه.
ولفت المصدر نفسه الى ان القاضي ميرزا ارتأى تكليف الطبيب نفسه الكشف على الجثتين ليأتي تقريره وافياً ولتفادي حصول اخطاء او تقصير، وبالتالي لوضع اليد على التفاصيل التي يحتاج اليها التحقيق.
من جهة ثانية، كشفت مصادر امنية ل"الحياة"ان التحقيق وضع اليد على افلام عائدة لكاميرات التصوير المركبة في المنطقة التي ارتكبت فيها الجريمة وان الاجهزة المختصة بدأت قراءتها وتحليلها.
ردود فعل
وفي لندن، رفض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اتهام دمشق باغتيال الوزير الجميل. وقال ناطق باسمه إن لندن"لا تشير بأصابع الاتهام"إلى سورية. وتأتي هذه التصريحات في وقت يسعى بلير إلى الإبقاء على قناة حوار مفتوحة مع سورية. واعتبر أن"من المبكر جداً التكهن بالجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال". لكنه أكد أن إمكان أن تصبح سورية شريكاً في عملية السلام في الشرق الأوسط يعتمد على عدم تدخلها في الشؤون اللبنانية. وأضاف:"نحن بالفعل لا نعرف من هو المسؤول عن هذا العمل، ولكن من الواضح أنه يهدف إلى تقويض سلطة الحكومة اللبنانية. وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً".
وتواصلت ردود الفعل الدولية والعربية المنددة باغتيال الوزير الجميل. واقترح رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دوفيلبان تخويل المحكمة الدولية صلاحية محاكمة قتلة الجميل، إذا رغبت الحكومة اللبنانية في ذلك. ودان الاغتيال أمام الجمعية الوطنية الفرنسية. ورأى أنه يجسد"الجبن في مواجهة الشجاعة، والعنف في مواجهة السلام". وشدد على ضرورة كشف مرتكبي هذه الجريمة وأن"يعاقبوا في أسرع وقت ممكن"، معتبراً أن"سيادة لبنان تتعرض مجدداً لهجوم، واستقرار المنطقة يتعرض إلى مزيد من الهشاشة". وحذر من تصاعد عدم الاستقرار في المنطقة، داعياً الأسرة الدولية إلى تعبئة طارئة.
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست - بلازي إنه لم تعد هناك"ثقة كافية"بين دمشق وباريس لاستئناف الاتصالات على مستوى عال. وأضاف:"اتحفظ عن الحديث عن المذنبين في هذه المرحلة وإن كان كل شخص يمكنه تكوين رأي بعد هذا الاعتداء الجديد الذي يلي سلسلة من الاعتداءات الأخرى"، ملمحاً إلى سورية وإيران وحلفائهما في لبنان. وأكد أن فرنسا ليست مستعدة لاستئناف الحوار حالياً مع نظام الرئيس بشار الأسد. وقال:"بيننا وبينهم أمر مفقود اليوم، هو الثقة".
وكان الناطق باسم الحكومة الفرنسية جان فرنسوا جوبيه أشار إلى أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك حيا خلال الأجتماع الأسبوعي للحكومة إقرار مجلس الأمن للمحكمة الدولية، معتبراً أن هذه الخطوة"تؤكد عزم الأسرة الدولية على محاكمة مرتكبي الأعمال الإرهابية". ورأى أن القرار يشكل أيضاً دعماً للحكومة اللبنانية من أجل"تأكيد ديموقراطية لبنان واستقلاله وسيادته".
وفي المقابل، اتهمت إيران فرنسا بتأزيم الوضع في لبنان، رداً على اتهام دوست بلازي طهران ودمشق و"حزب الله"بالسعي إلى"زعزعة الحكومة اللبنانية". وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني إن اتهامات"كهذه أدت على الدوام إلى تفاقم الأزمة في لبنان، وهي تكشف عن جهل بإرادة الشعب اللبناني". ورأى أن"هذه التعليقات مخالفة لواقع لبنان وهي نابعة من ذهنية المسؤولين الفرنسيين القائمة على المواربة والتدخل". وأضاف أن"الشعب اللبناني ناضج وليس في حاجة إلى نصائح القوى الأجنبية".
ويتوجه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى اليوم إلى بيروت للمشاركة في مراسم تشييع الجميل وتقديم العزاء إلى أسرته، كما سيجري محادثات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، بينهم السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث في تجاوز الأزمة الحالية. وكان موسى عبر عن"استنكاره الشديد لعملية الاغتيال الإرهابية"، داعياً"اللبنانيين جميعاً إلى التكاتف ووحدة الصف لتفويت الفرصة على العابثين بأمن البلاد".
وقال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو إنه"مصدوم جداً، حزين وقلق"بسبب الحادث. وطالب الشعب اللبناني"ب"التمسك بوحدته الوطنية والتماسك إزاء هذا الحدث المؤلم". وأكد"ضرورة بذل الجهود الممكنة كافة لتوقيف المذنبين وإحالتهم على القضاء في أقرب وقت".
مساعدة الامم المتحدة
وفي نيويورك تلقى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان رسالة من رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة طلب فيها"مساعدة تقنية من الأمم المتحدة في التحقيق بجريمة اغتيال الوزير بيار الجميل"وان"تتصل لجنة التحقيق الدولية المستقلة بالسلطات اللبنانية المعنية".
وبعث أنان رسالة إلى رئيس مجلس الأمن سفير البيرو خورخي فوتو - برناليس يُطلع فيها المجلس على رسالة الحكومة اللبنانية، وطلب منه"اتخاذ الاجراءات المناسبة". في حين انتقد الوزير اللبناني طارق متري الموقف القطري في شأن الاجراءات الدستورية اللبنانية التي يجب اتباعها لإقرار الاتفاق مع الأمم المتحدة لانشاء المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بمحاكمة المتورطين في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
وأشار الناطق باسم أنان، ستيفان دوجاريك، الى أنه"من المفيد أن يحصل الأمين العام على إشارة واضحة من مجلس الأمن يدعم فيها توسيع عمل لجنة التحقيق لتتضمن التحقيق بعملية اغتيال الوزير الجميّل".
وأوضح أنه على رغم أن القرارين 1680 و1644 يتيحان قانونياً للأمانة العامة توسيع عمل اللجنة لتشمل التحقيق بأي عملية إرهابية ارتكبت في لبنان منذ 1 تشرين الأول اكتوبر 2004"إلا أننا نشعر بارتياح أكبر إذا حصلنا على دعم المجلس".
وتوقعت مصادر ديبلوماسية ان يكون رد مجلس الأمن على شكل"رسالة الى الأمين العام"لكن مصادر أخرى أشارت الى أنه"يجب أولاً تجاوز العقبة الروسية التي قد يكون لها تفسير مختلف للقرارين 1644 و1680 من جهة اعتبار أن أي عملية اغتيال إرهابية جديدة تُرتكب في لبنان بعد صدور القرارين تحتاج إلى تفويض من المجلس".
واوضح السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون مفهوم واشنطن قائلاً"لا موعد نهائياً لطلب الحكومة اللبنانية المساعدة من لجنة التحقيق". وأكد أن المحقق الدولي براميرتز"يتمتع من وجهة نظرنا بالسلطة لمنح المساعدة ومن الحكمة أن تُقدم المساعدة بأسرع وقت ممكن، بينما لا يزال مسرح الجريمة كما هو وقبل تعطيل العدالة".
وكان بولتون قال اول من امس تعليقاً على اغتيال الوزير الجميل"إذا درسنا سياق الاغتيالات الارهابية نعتقد ان من الواضح ان هذا الاغتيال يُصنف ضمنه ومن المنطقي ان توسع سلطة لجنة التحقيق الدولية".
من جهة ثانية انتقد الوزير طارق متري، في حديث الى"الحياة"، رسالة سفير قطر ناصر النصر الى رئاسة مجلس الأمن التي اعتبر فيها ان موافقة لبنان على الاتفاق مع الأمم المتحدة حول المحكمة ذات الطابع الدولي تحتاج الى اتباع مراحل العملية الدستورية في لبنان التي تتألف من محطات عدة ولا تقل موافقة رئيس جمهورية لبنان والبرلمان اللبناني أهمية عن غيرها... ولن يكون الاتفاق ساري المفعول إلا عند تطبيق هذه المتطلبات الدستورية".
ووصف متري الرسالة انها"طاحونة هواء لا تقدم أي شيء اضافياً عما جاء في رسالة مجلس الأمن الى الأمين العام"التي تدعو انان الى"متابعة الخطوات النهائية لاتمام الاتفاق حول المحكمة مع الحكومة اللبنانية بانسجام مع دستور لبنان". وقال متري ان"أي شيء يزيد على رسالة المجلس لا غاية منه، وإن الاجراءات الدستورية واضحة وليس المطلوب من قطر ان تفسر الدستور اللبناني".
وأضاف متري الذي كلفه رئيس الوزراء اللبناني مواكبة جلسة مجلس الأمن ان زيارته واجتماعاته مع أعضاء مجلس الأمن"تستهدف ايضاح أمرين: أولاً ان المحكمة ليست موقع خلاف لبناني، بل ان الافرقاء كافة متفقون على انشائها، وقد يكون للبعض استفسارات، لكن ليس هناك أحد ضد المحكمة الدولية".
وتابع:"ثانياً كان هناك لغط في المجلس حول دستورية اجتماع الحكومة لإقرار مشروع النظام الأساسي للمحكمة ذات الطابع الدولي وكان من الضروري ايضاح الموقف اللبناني. فتفسير الدستور اللبناني ليس من مهام الأمم المتحدة أو أي دولة ولا يوجد مبرر لأن يُناقش مجلس الأمن ذلك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.