استبقت الجماعات المسلحة مؤتمر القوى الوطنية للمصالحة المتوقع أن يعقد بعد يومين بعمليتين انتحاريتين وسط تجمع لعمال البناء راح ضحيتهما أكثر من 70 قتيلاً وأصيب حوالي221 آخرين. وفجر آخرون قنبلة عند مدخل ضريحي الإمامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء. وكان تفجير قبتي هذا المقام مطلع العام الجاري فجر الأزمة المذهبية التي يعد ضحاياها بالآلاف وأطلق حملة التهجير الطائفي. وحملت جبهة"التوافق"السنية نائب الرئيس زعيم"الحزب الاسلامي"طارق الهاشمي رسالة الى واشنطن، حيث سيلتقي الرئيس جورج بوش، تؤكد فيها عدم مسؤولية السنة عن"التكفير والتكفيريين"، أي الارهاب، وتقترح انتخابات جديدة وتوزيعاً"عادلاً"للحصص، وتشدد على أن الرسالة لا تحتوي على أي اقتراح لتغيير رئيس الوزراء نوري المالكي. ودعا رئيس البرلمان محمود المشهداني"الاطراف التي تمثل المقاومة الى اعلان نفسها والدخول في حوار"سياسي"لإنهاء المأزق التاريخي". واعلنت مصادر امنية وطبية مقتل سبعين شخصاً على الأقل من عمال البناء واصابة 221 آخرين في تفجير انتحاري بسيارتين مفخختين استهدفتا تجمعا لهم صباح أمس في ساحة الطيران وسط بغداد. واتهم المالكي"التكفيريين والصداميين"بالمسؤولية عن الحادث. وجاء في بيان اصدره مكتبه الاعلامي"مرة أخرى يرتكب الارهابيون التكفيريون وحلفاؤهم الصداميون مجزرة بشعة جديدة راح ضحيتها العشرات من المواطنين الأبرياء عندما استهدفوا بسيارتين مفخختين موقعا لتجمع عمال البناء". في غضون ذلك أعلن الجيش الاميركي ان قنبلة يدوية الصنع انفجرت عند مدخل ضريح الامامين علي الهادي والحسن العسكري الذي تم تفجير قبته الذهبية في شباط فبراير ما تسبب بأضرار مادية بسيطة". وكانت تفجيرات نفذها مجهولون قادت الى سلسلة من الاحداث الطائفية ووضعت البلاد في دوامة حرب اهلية غير معلنة. وجاءت هذه المجزرة الجديدة، قبل يومين من مؤتمر للاحزاب والشخصيات السياسية من داخل الحكومة وخارجها، يحضره ايضاً ممثلون عن جماعات مسلحة وأطراف رافضة للعملية السياسية. وأكدت الهيئة العليا للمصالحة والحوار الوطني المسؤولة عن تنظيم المؤتمر ان اكثر من 250 شخصية تمثل قوى سياسية مشاركة في العملية السياسية وأخرى غير مشاركة وقوى معارضة وفصائل مسلحة وقيادات بعثية وعسكرية في الجيش السابق، ستشارك في المؤتمر. وقال نصير العاني، ممثل رئاسة الجمهورية في الهيئة ل"الحياة"انها"شرعت بدعوة الشخصيات المشاركة في المؤتمر وفي مقدمها الامين العام للجامعة العربية"، وأشار الى دعوة شخصيات عراقية في دبي وعمان والقاهرة، وقال إن"المحاور الرئيسية التي ستتم مناقشتها ستدور حول قانون اجتثاث البعث وتعديل الدستور والجيش السابق ووضع منتسبي القوى الامنية السابقة، لافتاً الى وجود مؤشرات ايجابية ارسلتها الحكومة حول هذه المطالب". وفيما ينقل الهاشمي الذي سيلتقي بوش رؤية الطرف السني في المعادلة العراقية، بعد ان كان زعيم"الائتلاف"عبدالعزيز الحكيم نقل مطلع الشهر الجاري وجهة النظر الشيعية لطبيعة الحل في العراق، اشارت مصادر مقربة من المالكي الى أنه يكرس اتصالاته مع الأطراف التي دعمت وصوله الى السلطة، بينها التيار الصدري والحزبان الكرديان، لمواجهة معلومات رشحت عن لقاءات تؤكد السعي الى تشكيل تكتل معارض له. وقالت المصادر ان المالكي يحاول تحقيق تغييرات ملموسة في الوضع الأمني. وتهدئة اطراف الصراع الطائفي، فيما قال طه اللهيبي، عضو جبهة"التوافق"ل"الحياة"ان الجبهة حملت الهاشمي"رسالة"تدحض فكرة وقوف السنة وراء اعمال العنف او دعمهم لها. وتدعو الرئيس الاميركي الى دعم خيار اجراء انتخابات جديدة بإشراف دولي وقال:"حاولنا ان نوضح للرئيس الاميركي ان نتائج الانتخابات التي جرت في العراق مطلع العام الجاري، زورت ما الحق الحيف بالعرب السنة"، لكنه شدد على ان الاقتراحات لم تتضمن تغيير رئيس الوزراء المالكي او المطالبة بإسقاط حكومته. وفي بداية حوار بين اعضاء في مجلس النواب، خلال جلسة تشاورية لعدم اكتمال النصاب القانوني، ندد المشهداني بالتفجيرين الانتحاريين. وقال ان"هذه الافعال لا تحرر بلداً او تنقذ طائفة او تعيد حقا. انها هدر في الدماء والاموال". واضاف وهو يصف الوضع الامني المتردي الذي تعيشه البلاد بأنه"مأزق تاريخي حقيقي". ودعا الجهات الفاعلة التي تتسبب في هذا المشهد بالتوقف واعلان نفسها وقال"الرسالة التي تريدون اسماعها خلاص سمعناها. اذا كنت ترى في نفسك البديل اظهر وعبر عن نفسك وتعال". وتابع:"اذا كنتم جزءا من العراقيين فاعطونا آلية مناسبة للاتصال بكم. هذه المسألة كلها يمكن حلها بهذه البساطة. اذا أردتم ان نحترمكم كمقاومة شريفة فاعلنوا برنامجكم وتعالوا للحل".