تحولت الأزمة السياسية الضاغطة في العراق إلى تفجيرات راح ضحيتها أكثر من 67 قتيلاً و 194 جريحاً، معظمهم مدنيون، وتداعى الزعماء العراقيون إلى إحياء مشروع الشراكة في الحكم. وبثت قناة «العربية» ليلاً ان سيارتين مفخختين انفجرتا في العاصمة العراقية. ما ادى الى سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى. في غضون ذلك، دعا رئيس الوزراء نوري المالكي خلال لقائه رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال رايموند اوديرنو واشنطن إلى الإسراع في تجهيز القوات العراقية. على صعيد آخر، اتهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي خلال حديث إلى «الحياة» المالكي وإيران بتلفيق الاتهامات ضده لأسباب تتعلق بإخفاء قضايا فساد كبرى، من جهة، ورد فعل على تطور الأزمة السورية والإقليمية من جهة ثانية. وشهدت بغداد أمس سلسلة هجمات استهدفت في معظمها تجمعات مدنية في مناطق شيعية، خلال ذروة الحركة صباحاً. وانفجرت سيارتان مفخختان في حي الكراد، مستهدفة تقاطعاً مرورياً قرب جسر ذي طابقين، والأخرى اقتحمت البوابة الرئيسية لأحد المكاتب الفرعية لهيئة النزاهة، وهزّت الانفجارات تجمعات للعمال ومدارس في مناطق الشعلة والعلاوي والباب المعظم وأبو دشير. وأعلنت مصادر طبية أن حصيلة الهجمات 67 قتيلاً و194 جريحاً جميعهم من المدنيين. وسادت الفوضى أحياء بغداد التي قطعت شوارعها، فيما بدت حال الذهول والصدمة على السكان وقوات الأمن التي تعرضت للمرة الأولى لاختبار ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق. وأعلنت قوات الأمن ضبط 6 سيارات مفخخة معدة للتفجير، فيما أشارت مصادر استخبارية إلى معلومات عن 4 سيارات أخرى. وتزامن التصعيد الأمني في بغداد مع تصعيد سياسي أعقب صدور أمر قضائي باعتقال الهاشمي بتهمة الإرهاب، وقرار المالكي عزل نائبه السني صالح المطلك، وورود معلومات عن تحريك دعوى أخرى ضد وزير المال القيادي في «القائمة العراقية» رافع العيساوي. وأكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى ل «الحياة» أمس أن اتصالات يجريها رئيس الجمهورية جلال طالباني مع أطراف عراقية وأخرى دولية وإقليمية ل «منع انهيار العملية السياسية»، على ما قال مصدر، مؤكداً أن «خيارات عدة مطروحة على الطاولة، ليس إنهاء الشراكة والتوجه إلى الغالبية السياسية». وتشير معلومات إلى أن زعماء في «التحالف الوطني» الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية، مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم وإبراهيم الجعفري، وأحمد الجلبي، بالإضافة إلى مرجعيات دينية في النجف وكربلاء، لا يشتركون في معالجة الأزمة مع المالكي. في المقابل، رفض الأكراد في بيان لرئاسة إقليم كردستان طلب المالكي تسليم الهاشمي إلى القضاء، مؤكدين أن «نائب رئيس الجمهورية ضيف على رئيس الإقليم مسعود بارزاني ولن يتم تسليمه إلى بغداد»، وأن «الإقليم على استعداد لتوفير محاكمة عادلة للهاشمي إذا وافقت السلطة القضائية على ذلك». وتتفق الأطراف السياسية الكردية على رفض إقصاء الطرف السني من المعادلة الحكومية، وقال قيادي كردي بارز،رفض الإشارة إلى اسمه، تعليقاً على المؤتمر الصحافي للمالكي أول من أمس: «هذا المشهد قد يتكرر ضد الأكراد غداً». وربط الهاشمي في حديث إلى «الحياة» بين إصدار مذكرة للقبض عليه وملفات فساد كبيرة، قال إنه كان يعتزم تحريكها وتشمل مسؤولين كباراً في مجلس الوزراء. وأضاف: «كنت أنوي اتخاذ إجراءات لملاحقة كبار المسؤولين في الدولة ومجلس الوزراء والأمانة العامة، وما جرى هدفه إسكاتي». وزاد: «هناك خوف وقلق لدى إيران ولدى دولة القانون (كتلة المالكي) من انعكاسات ما يحصل في سورية وتكراره في إيران. وهذه المخاوف غير المشروعة والهوس بالسلطة دفعا المالكي إلى ارتكاب الحماقات، لأن طهران حريصة على إبقاء النفوذ وما تخسره في سورية تريد تعويضه في العراق». من جهة أخرى، أفاد بيان أصدره مكتب المالكي انه استقبل أوديرنو. ودعاه إلى «الإسراع في تجهيز القوات العراقية بما تحتاجه من المعدات والآليات اللازمة لعملها»، مؤكداً «أهمية استمرار التعاون بين العراق والولايات المتحدة». وأعرب أوديرنو عن «استعداد بلاده للتعاون مع العراق في مجال تدريب وتجهيز وتسليح القوات العراقية».