تزامن وصول الرئيس باراك أوباما المفاجئ إلى العراق أمس، حيث جدد تعهده سحب القوات القتالية صيف عام 2010، وقال إن هذا البلد «قد يواجه مرحلة خطرة وصعبة» من الآن إلى ذلك التاريخ، مع تفجير سيارة مفخخة في حي الكاظمية في بغداد، أسفر عن مقتل 8 عراقيين وجرح العشرات. وكان أوباما وصل إلى قاعدة «فيكتوري» الأميركية قرب مطار بغداد وأعلن في أعقاب لقائه رئيس الوزراء نوري المالكي أن إعادة قواته (الى بلادها) «مرتبط بجعل العراق مكاناً مستقراً وليس ملاذاً آمناً للإرهابيين»، وطالب ب «ضم العراقيين الى العمل السياسي والقوى الأمنية»، علماً انه حدد في شباط (فبراير) الماضي موعداً لانسحابها في 31 آب (أغسطس) 2010. وتناولت المحادثات أيضاً الأوضاع الأمنية وقضية حزب «العمال الكردستاني» على الحدود مع تركيا. وخلال لقائه الجنود الأميركيين الذين قلّد بعضهم أوسمة، قال أوباما: «قد تشكل الشهور الثمانية عشر المقبلة خطراً على العراق، لكن شعبه يحتاج الى تقلد زمام الحكم في بلده». وعلى رغم حجم المفاجأة التي احدثتها سبعة تفجيرات بسيارات مفخخة ضربت احياء في بغداد معظمها ذات غالبية شيعية الاثنين الماضي سقط جراءها عشرات الضحايا واعتبرها مسؤولون عراقيون محاولة لإحياء الحرب الطائفية، فإن الاجراءات المشددة التي اعقبت التفجيرات لم تمنع انفجار سيارة مفخخة صباح أمس في حي الكاظمية الشيعي شمال بغداد أودى بحياة 9 اشخاص وجرح 30 آخرين بينهم اطفال فيما اصيب شخصان بانفجار عبوة في حي الاعظمية السني. وكان المالكي اتهم هذين الطرفين ايضا، وقال إن الهجمات «هدية البعث الى العراقيين بيوم مولده المشؤوم». وحذر الرئيس جلال طالباني بدوره من «معلومات تؤكد نية القاعدة استهداف قيادات الحزب الاسلامي»، ونائبه طارق الهاشمي، وطالب بالتعامل مع «رسائل هذه العمليات باعتبارها محاولة لإثارة الفتنة الطائفية من جديد». ومع وجود أكثر من 8 ممثليات واجهزة أمنية (وزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني ومستشارية الامن القومي وجهاز الاستخبارات وقيادة عمليات بغداد ومجالس الصحوة ومجالس الإسناد) أصبح القرار الامني موضع شد وجذب تمثل بصراع بين الشرطة ومجالس «الصحوة» وتوتر بين وزارات الداخلية والدفاع والامن الوطني حول الصلاحيات واتخاذ القرار. ويقول خبراء أمنيون ان تعدد المرجعيات سهل اختراق هذه الأجهزة، وفتح المجال لتراخي القبضة الامنية في بغداد، وقالت المصادر امس ان قوات الأمن المتفرقة بحثت طوال يوم امس عن 12 سيارة مفخخة تعتقد بأنها دخلت بغداد، من دون العثور عليها. وتؤكد معلومات أن تنظيم «القاعدة» أحيّا خلاياه النائمة في مناطق محيط بغداد ابتداء من ابو غريب التي كانت على الدوام هدفاً استراتيجياً للتنظيم باعتبار ان السيطرة عليها سيسهل الوصول الى قلب العاصمة. وفي ظل تأكيدات رسمية أن التنظيم اخترق «مجالس الصحوة» يصبح ايصال السيارات المفخخة الى داخل المدينة امراً سهلاً، وتطرح عودة نشاط «الجماعات الخاصة» التي تتهمها الولاياتالمتحدة بتلقي الاوامر من ايران في محيط بغداد الجنوبي، تساؤلا عن تزامن نشاطها مع نشاط «القاعدة». وتلقي اجواء الخلاف بين الاطراف السياسية حول حزمة من القضايا الجوهرية، مثل شكل الدولة والفيديرالية وسلطة الحكومة المركزية مقابل سلطات الأقاليم بظلها على الواقع الامني، إذ تحول الصراع بعد الانتخابات المحلية الاخيرة التي اكتسحتها قائمة المالكي في بغداد وفي الجنوب الى معركة كسر عظم بين اطراف محلية واقليمية تهيئ لتحويل الانتخابات النيابية نهاية العام الجاري الى مناسبة لتفجير الإنجازات الأمنية التي تحققت.