بدت حركة"فتح"بعد اعلان الرئيس محمود عباس ابو مازن قراره النهائي بالمضي في الانتخابات التشريعية في موعدها في 25 الشهر الجاري، كمن أفاق من حلم تأجيل هذه الانتخابات الذي طالما راود العديد من قادتها، ولم يعد أمامها سوى استنفار هيئاتها وتجميع قواها لتعزيز حملتها الانتخابية التي اتسمت حتى اليوم بضعف لافت أمام حملة"حركة المقاومة الاسلامية"حماس الجارية بسلاسة. واستجاب العديد من قادة الحركة وكوادرها أمس دعوة عباس الى درس وضع حملتها الانتخابية، وذلك بعد تلقيه تقارير سلبية عن سيرها. ودعا الرئيس الفلسطيني، في كلمة أمام المشاركين من أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري وقادة الحركة في المحافظات، الى الانخراط في الحملة الانتخابية. وخاطب الحاضرين بالقول:"أعرف أن الكثير منكم كان متردداً إزاء جدية إجراء الانتخابات، وأنا نفسي بدوت كذلك بسبب عدم اتضاح مشاركة أهل القدس في هذه الانتخابات. أما وقد تلقيت ضمانات أميركية بمشاركتهم، فان التأجيل بات اليوم وراءنا". وجدد التأكيد أنه سيقدم على الغاء الانتخابات في اللحظة الأخيرة اذا ما منعت إسرائيل المقدسيين من المشاركة، وقال:"لا شيء يعيق هذه الانتخابات سوى منع أهلنا في القدس من المشاركة، وإذا ما جاءت إسرائيل في 24 الشهر الجاري اليوم الأخير قبل إجراء الانتخابات وقالت ان أهل القدس ممنوعون من المشاركة، فإنني سألغيها". لكنه اضاف:"حتى الآن الأمور تشير الى ان أهل القدس سيشاركون في الانتخابات، وعليكم ان تعدوا انفسكم جيداً لها. على كل واحد فيكم المشاركة بقوة في هذه الحملة". وأبلغ قادة"فتح"وناشطيها أنه شخصيا لن يستطيع المشاركة في الحملة لكونه موظفاً حكومياً، وكذلك الأمر بالنسبة الى رئيس وزرائه أحمد قريع. وشهد اللقاء نقاشات ساخنة في شأن الثغرات التي تعتري حملة"فتح"، وطالب العديد من المتحدثين باستبدال رئيس الحملة، عضو اللجنة المركزية للحركة الدكتور نبيل شعث، واقترح عدد منهم تعيين الدكتور محمد اشتيه على رأس الحملة، مشيرين الى النجاح الذي حققه في قيادته لحملة الحركة الى انتخابات الرئاسة في كانون الثاني يناير الماضي. واتفق المشاركون على ضرورة توظيف جميع هيئات الحركة في الحملة، بما فيها المجموعات العسكرية"كتائب شهداء الأقصى". وقال عضو المجلس الثوري للحركة أحمد غنيم ل"الحياة"عقب اللقاء:"حملة فتح ستشهد تحولاً نوعياً في الأيام القليلة المقبلة. من اليوم ستكون لدينا حملة انتخابية مختلفة. سيخرج مرشحونا مع بعضهم الى اللقاءات الجماهيرية. الجميع سيشارك بمن فيهم أولئك الذين امتنعوا حتى اليوم". وكانت غالبية مرشحي"فتح"في الدوائر تقوم بحملات منفردة ومنفصلة بسبب حجم الخلافات والتناقضات المتفشية بينها. يذكر أن غالبية الدوائر تشهد تنافساً شديداً بين مرشحين من الحركة، ما يصب في خدمة مرشحي"حماس". وكان عدد من أعضاء"فتح"وأنصارها في كثير من الدوائر أبدى عدم التزامه قرارات الحركة وقرر خوض الانتخابات بصفة مستقلة في منافسة من اختارتهم قيادة الحركة لتمثيلها، وهو ما يؤدي الى تقاسم الأصوات، وتاليا ترجيح فرص فوز"حماس"في هذه الدوائر. وبيّن أحد التقارير المقدمة لعباس عن حملة"فتح"ان أعضاء اللجنة المركزية تقاعسوا حتى اللحظة عن المشاركة في الحملة، أو لعبوا دوراً سلبياً من خلال إطلاق تصريحات تشكك في إجراء الانتخابات في موعدها. وكشف أحد معدي التقرير ل"الحياة"ان"حملة حماس تميزت بمشاركة جميع مستوياتها القيادية والقاعدية في نسق واحد، فيما جاءت حملة فتح على النقيض تماماً مليئة بالتناقضات المعلنة بين معسكرات عدة، بعضها يعمل ويدعو الى تأجيل الانتخابات، وبعضها الآخر يدعو الى العكس، وبعض آخر متردد". ووجه التقرير انتقادات الى اللجنة المركزية ب"ترك الحركة مكشوفة أمام"حماس"، وطالب الرئيس عباس بدفع كل عضو فيهم الى النزول الى الشارع والمشاركة في اللقاءات الانتخابية العامة.