انطلقت أمس الحملات الانتخابية للقوائم والمرشحين المشاركين في الانتخابات الفلسطينية، لكن هذه الانطلاقة، على قوتها، لم تنجح في تبديد شكوك الكثيرين بتأجيل الانتخابات لسبب او لآخر. وقد اختارت القوائم مواقع تحظى بأهمية رمزية كبيرة لاطلاق حملاتها من أجل جذب اهتمام الجمهور ووسائل الاعلام. فحركة"فتح"التي تواجه للمرة الأولى منذ تأسيس النظام السياسي الفلسطيني مزاحمة جدية على قيادة هذا النظام، اختارت ضريح الرئيس ياسر عرفات الذي يحظى باحترام كل الفلسطينيين لإطلاق حملتها. واختار بعض الكتل مدينة القدس لاطلاق الحملات ما تسبب بحدوث مواجهات مع السلطات الإسرائيلية التي تحظر الدعاية الانتخابية في المدينة. واختارت قائمة الجبهة الشعبية التي يعتقل أمينها العام أحمد سعدات في سجن فلسطيني في أريحا تحت حراسة أميركية - بريطانية مكان اعتقاله لإطلاق حملتها بعد ان سمحت ادارة السجن له اعلان الحملة. اما حركة"حماس"التي يواجه قادتها حملات اعتقال وملاحقة إسرائيلية في الضفة الغربية فركزت حملتها في قطاع غزة الخالي من الوجود الاسرائيلي لاطلاق حملتها. وواجه المرشحون في القدس ملاحقات من السلطات الاسرائيلية التي تحظر الدعاية الانتخابية في المدينة الواقعة تحت سلطتها، وان كانت لم تعلن بعد موقفاً نهائياً من مشاركة أهلها الفلسطينيين في هذه الانتخابات كما شاركوا في الانتخابات التشريعية الأولى عام 1966. وذكر احمد غنيم المرشح عن حركة"فتح"في القدس ان ضابط أمن اسرائيلياً ابلغه بعد دهم اجتماع انتخابي للحركة في أحد فنادق المدينة بقرار لرئيس الوزراء أرييل شارون يقضي بحظر كل أشكال الدعاية في القدس. وقال غنيم:"كنا في اجتماع انتخابي لعدد من كوادر"فتح"في فندق"كريسماس"واذا بقوة تدهم الاجتماع ويبلغنا أحد ضباطها بأمر قال انه صادر عن شارون يقضي بمنع جميع أشكال الحملات الانتخابية الفلسطينية في القدس". وقد منعت الشرطة الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس كتلة"فلسطين المستقلة"والدكتورة حنان عشراوي مرشحة قائمة الطريق الثالث من اطلاق حملتي القائمتين من باب العامود في البلدة القديمة. واحتجز البرغوثي لبعض الوقت. ورغم اعلان"فتح"عن اطلاق حملتها الانتخابية الا ان الشكوك تساور الكثيرين بامكانية اجراء هذه الانتخابات بسبب تواصل ورود اشارات ومعلومات من اللجنة المركزية للحركة بشأن امكانات التأجيل. وتقول مصادر عليمة في"فتح"ان عدداً من أعضاء اللجنة المركزية، في مقدمهم رئيس الوزراء أحمد قريع يعملون بقوة من أجل إرجاء الانتخابات. وخيمت معارضة أعضاء في اللجنة لاجراء الانتخابات على حملة الحركة. وصدرت أقوى التصريحات ضد هؤلاء من جبريل الرجوب المرشح عن دائرة الخليل الذي وصف الداعين لتأجيلها ب"أصحاب المواقف المتساوقة مع اهداف الاحتلال". وقال الرجوب:"هؤلاء الذين يعارضون اجراء الانتخابات يلتقون في أهدافهم مع ارييل شارون". وجاهر الرجوب باتهام قريع عندما قال مازحاً لدى انقطاع التيار الكهربائي عن مؤتمر صحافي عقدته الحركة في فندق"كازابلانكا"في رام الله أمس للاعلان عن برنامجها الانتخابي:"ربما قام قريع بقطع الكهرباء عن المؤتمر لتعطيل الانتخابات". وحاول رئيس حملة"فتح"الانتخابية الدكتور نبيل شعث تبديد شكوك ممثلي وسائل الاعلام حول وجود نيات لتأجيل الانتخابات لكنه لم يفلح في ذلك. فبعد تأكيده ان الحركة ستواصل العمل على أساس أن الانتخابات ستجري في الخامس والعشرين من الشهر الجاري عاد وقال:"لا شيء يعيق اجراء هذه الانتخابات سوى القدس". ويتذرع قادة"فتح"الداعين لتأجيل الانتخابات بوجود قيود على مشاركة أهالي القدس فيها. وقد بدأ بعضهم بمهاجمة"حماس"على خلفية عدم اظهار موقف مماثل من المدينة وهو ما ردت عليه"حماس"معتبرةً اياه بحثاً عن مبرر لتعطيل الانتخابات. وبدا واضحا ان"فتح"توجه حملتها ضد حركة"حماس"التي تنافسها بقوة في هذه الانتخابات. وحاول رئيس حملة"فتح"إثارة مخاوف الجمهور الفلسطيني من اختيار"حماس"في هذه الانتخابات قائلا:"شعبنا يريد بعد الانتخابات حكومة قادرة على جلب الدعم الأجنبي وتوفير الرواتب للموظفين. شعبنا يريد حكومة قادرة على بناء الديموقراطية والمؤسسات، حكومة يثق ببرامجها الاجتماعية والاقتصادية". واضاف الدكتور شعث:"نحن نريد مشاركة"حماس"، ونريد منها ان تعلن مواقفها وبرامجها، برامجها تجاه المرأة، برامجها للمفاوضات، وكيف ستدفع رواتب الموظفين في آخر الشهر". وتنبأ شعث بحصول"فتح"علىغالبية ساحقة في هذه الانتخابات 70 في المئة وهو ما تخالفه نتائج استطلاعات الراي العام التي تعطي الحركة نسباً تقل قليلاً عن 50 في المئة.