قبل أسبوعين من موعد إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، اعترف وزير الداخلية والامن الوطني اللواء نصر يوسف بعجز الأجهزة الأمنية المؤلفة من 60 ألف شرطي عن توفير الحماية لصناديق الاقتراع. وكشف في تقرير قدمه الى اجتماع الحكومة أول من أمس ان أجهزة الأمن لا تمتلك الحد الادنى من مقومات الحماية الواجب توفيرها لصناديق الاقتراع يوم الانتخابات في 25 الشهر الجاري. وحدد جوانب الضعف في أجهزة الأمن ب"التفكك، وعدم وجود قيادة موحدة لها، وعدم تنفيذ قادة الأجهزة والوحدات القرارات المركزية، وولاء بعضهم لعائلات ومراكز قوى في حركة فتح والسلطة أكثر من ولائه للمؤسسة الأمنية، وضعف التسليح وقلة الذخائر". وكان يوسف وضع خطة لتوحيد الأجهزة الأمنية بعد تسلمه وزارة الداخلية في أول حكومة تشكلت عقب رحيل الرئيس ياسر عرفات مطلع العام الماضي، لكن مقربين منه يقولون انه اصطدم بحجم التفكك وكثرة مراكز القوى في هذه الأجهزة، اضافة الى نفوذ كبير لبعض قادة الأجهزة يفوق ما للحكومة من نفوذ. وأشارت المصادر الى ان عقبة كبيرة أخرى اصطدم بها يوسف تمثلت في التداخل بين أجهزة الأمن والمجموعات العسكرية في"فتح". ويمثل جهاز الأمن الوقائي الذي يقوده رشيد أبو شباك نموذجاً للتداخل بين مراكز القوى والمجموعات المسلحة والتنظيم، فرئيس الجهاز محسوب على محمد دحلان، الرجل القوي في القطاع والذي تفرقه عن اللواء يوسف خلافات شديدة. والأمر ذاته ينطبق على أجهزة أمنية عديدة أخرى مثل الأمن الوطني والاستخبارات والاستخبارات العسكرية. ويشكل تقرير وزير الداخلية عامل ضغط إضافياً على الرئيس محمود عباس لتأجيل الانتخابات. ويسعى عدد من قادة"فتح"الى اقناع عباس باستخدام هذا العامل ذريعة للتأجيل في ضوء التقديرات التي تشير الى محدودية فرص الحركة للفوز، خصوصاً على مستوى الدوائر. وذكر مسؤول رفيع في الحركة ان استطلاعات رأي داخلية أجريت اخيراً بينت ان"حماس"ستتفوق على"فتح"في الدوائر، فيما تتفوق"فتح"عليها في القوائم. يذكر ان عدد أعضاء المجلس التشريعي 132 عضواً مقسم مناصفة بين الدوائر والقوائم. وتشير اكثر استطلاعات الرأي تفاؤلاً الى ان"فتح"ومؤيديها من المستقلين، ستحصل على 50 في المئة من عدد أعضاء المجلس، فيما تحصل"حماس"على نحو 40 في المئة، وباقي الفصائل على 10 في المئة. ويرجح بعض الاستطلاعات ان تحصل القوائم الصغيرة على 15 في المئة على حساب"فتح"أولاً و"حماس"ثانياً. وبعد أكثر من أسبوع على بدء الحملات الانتخابية، لم تنجح"فتح"في اطلاق حملة انتخابية لافتة. ويعزو مسؤولون في الحركة الفشل في ذلك الى حجم الخلافات والصراعات الداخلية المتفاقمة في الحركة. وقال أحد القادة الشباب ل"الحياة":"ان أعضاء قيادة الحركة بدأوا بلعب دور سلبي في حملة الحركة من خلال تصريحات والعمل المعلن ضد الانتخابات". وأضاف:"بينما تلقي حماس بكل ثقلها ورموزها في هذه الانتخابات، فان فتح تخوضها من دون ثقل او رموز". وأشار الى ان جميع أعضاء اللجنة المركزية وغالبية أعضاء المجلس الثوري يرفضون المشاركة في حملة"فتح"، ما يؤثر على مستواها بخلاف ما هو الحال عليه في حملة"حماس"التي تشارك فيها جميع مستويات الحركة. وحتى اليوم لم يكشف الرئيس عباس صراحة عن نياته النهائية تجاه الانتخابات، وان كان اعلن في المجالس الخاصة رغبته في عدم الإرجاء بهدف طي صفحة النظام القائم وخلق نظام سياسي جديد قادر على التعامل مع التحديات الكبيرة التي يواجهها، خصوصاً الانهيار الأمني والفساد الاداري والمالي.