بعد أربعة اشهر من تحضير حركة"فتح"للانتخابات الداخلية لاختيار مرشحيها لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وجدت الحركة نفسها مضطرة مجددا الى تأجيل هذه الانتخابات أسبوعاً اضافياً حتى 25 الجاري لمواجهة مشكلات عديدة تعيق اجراء هذه الانتخابات في الكثير من الدوائر. وكان من المقرر ان تجري الانتخابات في مختلف الدوائر اليوم، لكن اللجنة الحركية المركزية للانتخابات التشريعية وجدت ان دائرتين فقط من بين نحو 20 دائرة جاهزة للانتخابات، وهما الدائرتان الأصغر اريحا وطوباس، فاتخذت قراراً عاجلاً بتمديد اجراء الانتخابات حتى 25 منه. ويبدي بعض اعضاء اللجنة قلقه من ان لا يقود هذا التأجيل الى كثير من التغيير في اتجاه عقد الانتخابات في كل الدوائر بسبب حجم المشكلات التي تواجهها هذه الحركة الكبيرة التي مضى عليها اكثر من 16 عاما من دون اجراء انتخابات داخلية عامة،"منذ المؤتمر العام الخامس عام 1989". وقال مقرر اللجنة الدكتور احمد الديك ل"الحياة":"تواجهنا مشكلات كبيرة في اجراء الانتخابات، وظني اننا لن ننجح في اجرائها في العديد من الدوائر، لذا اتخذنا خطوة استباقية، وقررنا الطلب من قيادة الحركة اختيار مرشحيها في الدوائر التي تفشل في اجراء الانتخابات". وحدد المعيقات التي تواجه اللجنة في اجراء هذه الانتخابات في"قيام اعضاء وكوادر بالضغط على قيادة الحركة من اجل الحصول على وظائف في السلطة في مقابل مشاركتهم في الانتخابات وانجاحها، ومطالبة بعضهم بتغيير آليات الانتخابات وحصر المشاركة فيها بناشطي فتح، ومطالبة آخرين بإجراء الانتخابات على مستوى الوطن وليس على مستوى الدوائر". واشار الى ان اللجنة تواجه مشكلات اكبر في جميع دوائر قطاع غزة وفي دائرتي طولكرم وقلقيلية في الضفة، مرجحا ان لا تجري الانتخابات في غالبية هذه الدوائر. وحتى اغلاق باب الترشيح في الضفة يوم امس، بلغ عدد المرشحين 465 مرشحا في الضفة وحدها يتنافسون على نحو 80 مقعداً، هي حصة الضفة من مجموع مقاعد المجلس البالغ عددها 132 مقعداً. ومن بين المرشحين ثلاثة فقط من اعضاء اللجنة المركزية للحركة هم صخر حبش في دائرة رام الله والبيرة، والطيب عبد الرحيم وحكم بلعاوي في دائرة طولكرم. وتقول مصادر في الحركة ان العديد من اعضاء اللجنة المركزية عزفوا عن خوض الانتخابات خشية تعرضهم لخسارة قد تضعف وربما تنهي مستقبلهم السياسي. وتشهد"فتح"صراعاً متنوعاً يتركز بين الحرسين القديم والجديد، وبين العائدين والمقيمين. وظل الرئيس الراحل ياسر عرفات يلعب دور الموفق بين كل التناقضات في الحركة، وبعد وفاته بدأت هذه التناقضات تظهر بصورة واضحة وحادة في كثير من الأحيان. وكان المجلس الثوري للحركة قرر اشراك عامة الجمهور في الانتخابات الداخلية للحركة بسبب صعوبة حصر العضوية فيها، ما فتح المجال امام الكثير من الظواهر الاشكالية مثل تعزيز العشائرية والجهوية على حساب الحزبية. وحسب الديك، بلغ عدد المسجلين للمشاركة في هذه الانتخابات 263 ألفا. واعترض بعض قادة"فتح"وكوادرها على فتح باب المشاركة من دون قيود على اساس ان ذلك يعزز مواقع ذوي النفوذ العشائري والمالي، ما حدا بالمجلس الثوري الى اتخاذ قرار في دورته الاخيرة مطلع الشهر يقضي بانتخاب ضعف العدد المطلوب ليتسنى للجنة تنظيمية عليا برئاسة الرئيس محمود عباس اختيار مرشحي الكتلة من بين الفائزين وفق معايير في مقدمها تاريخ العضو المرشح في الحركة وفرصه في الفوز. لكن هذا القرار أثار حفيظة قادة الجيل الشاب في الحركة الذين صرحوا بعدم ثقتهم في قرارات قيادة الحركة. وقال النائب قدورة فارس، احد ابرز قادة الجيل الشاب:"هذا القرار يشكل انقلابا على الانتخابات، وانقلابا على الديموقراطية، ونحن نعرف ان اللجنة المركزية ستنحاز لاعضائها والمقربين منها في هذه العملية، ما يهدد بحدوث انشقاق في كتلة فتح". ولم يستبعد ان"نشهد تنافس اكثر من كتلة بإسم فتح في الانتخابات المقبلة، الامر الذي سيضعف الحركة في مواجه خصمها الأشد، حركة حماس"المتنامية القوة.